عام الرمادة
عن كريب قالوا :
"أصابت الناس في إمارة عمر رضي اللَّه عنه سَنةً
بالمدينة وما حولها ، فكانت تسفى إذا ريحت تراباً كالرماد ، فسمي ذلك العام (عام
الرمادة)" .
وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال :
"كانت في آخر سنة سبع عشرة وأول سنه ثمان عشره
، وكانت الرمادة جوعاً أصاب الناس بالمدينة وما حولها ، فأهلكهم حتى جعلت الوحش
تأوي إلى الإنس ، وحتى جعل الرجل يذبح الشاة فيعافها من قبحها ، وإنه لمقفر" .
"تاريخ الطبري" (4 / 98) .
قال ابن كثير :
"كَانَ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ جَدْبٌ عَمَّ
أَرْضَ الْحِجَازِ ، وَجَاعَ النَّاسُ جُوعاً شَدِيداً .
وَسُمِّيَتْ عَامَ الرَّمَادَةِ : لِأَنَّ
الْأَرْضَ اسْوَدَّتْ مِنْ قِلَّةِ الْمَطَرِ ، حَتَّى عَادَ لَوْنُهَا شَبِيهاً
بِالرَّمَادِ .
وَقِيلَ : لِأَنَّهَا كَانَتْ تَسْفِي الرِّيحُ
تُرَاباً كَالرَّمَادِ . وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ أَجْدَبَ النَّاسُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ
بِأَرْضِ الْحِجَازِ ، وَجَفَلَتِ الْأَحْيَاءُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَبْقَ
عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ زَادٌ" .
"البداية والنهاية" (10 / 69) ط. هجر .
قلتُ :
ومع هذا الفقر وحاجة الناس الملحة للدراهم والنقود في "عام الرمادة" ؛ لشراء ما يلزم
كل واحد حسب متطلباته من لباس وفراش وغطاء ومأكل ومشرب وغير ذلك ؛ إلّا أننا لم نجد أثرة من
علم أنهم أخرجوا زكاة الفطر مالاً ، ولم نجد أحداً نقل عن علماء وأئمة ذلك الزمان
أنهم يجيزون إخراج زكاة الفطر مالاً ؛ وفيهم أمير المؤمنين عمر وأصحابه الفقهاء
العالمين العارفين بالكتاب والسنة رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُم .
فهل فَقُهَ المتعالمون الذين يقولون : بإخراج زكاة
الفطر نقوداً بحجة حاجة الناس للمال في هذا العصر أشد ؟!
تباً لمن يريد تغيير أحكام الشريعة وِفق هواه وعقله
!
فإن
خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
حفظ
الله شيخنا العلامة بقية السلف معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان على البيان والإيضاح في ذلك .
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
25 / 9 / 1437ه