الخميس، 9 يونيو 2016

تنبيه العُبّاد الغافلين من تفويت فضل العمل الحاضر بالعمل بما وقتُه واسع: المسألة الثانية والثالثة :



تنبيه العُبّاد الغافلين من تفويت فضل العمل الحاضر
بالعمل بما وقتُه واسع


المسألة الثانية :


دعوة الصائم :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( ثَلاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ : دَعْوَةُ الْوَالِدِ ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِر ) .

رواه البيهقي في "الكبرى" (3 / 345) ، والضياء في "المختارة" (6 / 75 / 2057) وقال : "إِسْنَاده حسن" .
وحسنه الألباني في "الصحيحة" (1797) ، و "صحيح الجامع" (3032) .



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ : الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَالإِمَامُ العَادِلُ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ) .

وجاء بلفظٍ : ( الصَّائِمُ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ ) .

وَبلَفظٍ : ( ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ : دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ) .

رواه ابن أبي شيبة في "مصنف" (3 / 7) ، وإسحاق في "مسنده" (1 / 320 / 303) ، وأحمد (2 / 477) ، والترمذي (3598) ، وابن ماجه (1752) ، وابن خزيمة (1901) ، وابن حبان (3428) ، والطبري في "الدعاء" (1313) ، و "مسند الشهاب" (1 / 163 / 230) للقضاعي ، والبغوي في "السنة" (5 / 196/ 1395) .

قال الترمذي : "حَدِيثٌ حَسَنٌ" .

ونقل حمدي السلفي محقق "نتائج الأفكار" تحسين الحافظ له فقال في الحاشية (5 / 197) : " قال الحافظ : هذا حديث حسن" .

وكذلك محقق "شرح السنة" للبغوي في الحاشية (5 / 196) قال : "وحسنه الحافظ ابن حجر" .

ولم أقف على ذلك التحسين بعيني فيما عندي من كتب ابن حجر إلا أن يكون في "الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية" فليس هو في حوزتي . والله أعلم .

وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3030) .

وذكره في "الصحيحة" (4 / 407) تحت حديث (1797) شاهداً لحديث أنس المتقدم، وقال :
"أخرجه أحمد وغيره ، وصححه ابن حبان وغيره . وفيه تابعي مجهول كما بينته في "تخريج الترغيب" (2 / 63)" .

يعني بالتابعي المجهول : "أَبُو الْمُدِلَّةِ" ؛ وهو مَوْلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ابن حبَّان :

"أَبُو الْمُدِلَّةِ اسْمُهُ : عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد الله ، مَدِينِيٌّ ؛ ثِقَةٌ" .


التنبيه  :

قلتُ : بعد أن ذكرتُ الحديث بألفاظه وشاهده ؛ يتبين تفريط الكثير من المسلمين في استغلال ساعات النهار من رمضان وهُم صيام ، وقد يمضيه بعضهم في النوم لأنه يسهر الليل ؛ هذا إن سلِمتْ الفرائض أنْ لا تُضيَّع .

والبعض يُفَرِّط في الدعاء أثناء النهار ويُضيِّع ساعاته في القيل والقال والتنقل دون فائدة ويأتي قبيل المغرب بدقائق وعلى عجل واستحياء ؛ فيبدأ يتمتم ؛ ظنناً منه أن هذا الحديث وما في معناه محمول على استجابة الدعوة عند الإفطار ، وليس كذلك ، بل الحديث واضح وصريح ؛ أن الدعوة مستجابة ما دام المرء صائماً ما لم يفطر كما في حديث أبي هريرة ( الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ ) . ومفهومه : أنه إذا أفطر انتهت فضيلة استجابة الدعوة التي في الحديث لأنه مقيّد ، فما قيّده الشارع الحكيم لا يستطيع أحد أن يُطلقه ؛ وما أطلقه لا يستطيع المرء أن يقيده إلا بدليل .


أما حديث : (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ : الصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ ..) .
فهو حديث ضعيف .
ضعفه الألباني في "المشكاة" (2249) ، و"ضعيف الجامع" (2592) ، و "ضعيف الترغيب" (583) .


فاغتنموا الأوقات والأحوال الفاضلة تغنموا وتنجحوا .

اللهم فقهنا في الدين (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) .

فالفقه في الدين : هو فهمُ مَا جَاءَ عَن اللهِ ، عَلَى مُرَادِ اللهِ، وَمَا جَاءَ عنْ رَسُولِ اللهِ ، عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .



المسألة الثالثة :

التكبير يوم العيد :

ننبه الذين يشتغلون بتلاوة القرآن يوم العيد قبل خروج الإمام للصلاة – سواء في المساجد أو المصليات - ويتركون العمل بالتكبير الذي وقته محدود وخاصة في عيد الفطر ؛ إذْ ينقطع التكبير وينتهى العمل به بمجرد خروج الإمام للصلاة ؛ فإذا فات وقته فات العمل به ، فيرون أن التلاوة في ذلك المقام أفضل من التكبير وليس كذلك ؛ وما ذلك إلا من الجهل وقلة الفقه في الدين ، وتقصير بعض أهل العلم من التنبيه على ذلك وتوجيه المسلمين لما هو أولى في وقت وزمان .

ولو كانت التلاوة في ذلك المقام أولى ؛ لأمَر ووجَّه بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِوضاً عن التكبير ، وهو القائل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( لَيْسَ شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ الله إِلَّا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ..) .

الجزء الثالث عشر من "الفوائد المنتقاة" لأبي حفص عمر بن حفص البصري .
بسند صحيح متصل .     انظر "الصحيحة" (2866) .




والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

2 / رمضان / 1437ه