الجمعة، 1 يوليو 2016

لاَ تَشْمُت بأَخِيكَ فَيُعَافِيَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ




لاَ تَشْمُت بأَخِيكَ فَيُعَافِيَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين .
أما بعدُ :

فقد رأيتُ وسمعتُ هنا وهناك من يعيبُ فقيراً لفقره ، وأعرج لعرجته ، ومعتوهٍ لمصيبته ، وكهلٍ لعجزه ، وهَرِمٍ لذهاب عقله وبلوغه أرذَلِ العُمُرِ ، وأعمى يتأتأ في الطريق ، وجاهل لم يتعلم ، وبليد لقلة ذكائه ، وقبيح الخِلْقَة إما مِن ولادته أو من حادث حدث له في حياته ... الخ .

فرأيت البحث في هذه الجزئية التي آلمتني ، وقلتُ في نفسي : ألاَ يخافون هؤلاء أن يكونوا مثلهم ؟!
فخرجت بهذه الآثار والنُّقُولات التي أسأل الله فيها الإخلاص وأن ينتفع بها أقواماً .


الأحاديث :

 قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لاَ تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ ؛ فَيَرْحَمَهُ [فَيُعَافِيَهُ] اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ ) .


أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ  (2506) ، وقالَ :
"هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَمَكْحُولٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ" .

وأخرجه الخرائطي في "اعتلال القلوب" (2 / 387 / 813) ، وابن الأعرابي في "المعجم" (2 / 788 / 1612) ، والطبراني في "الكبير" (22 / 53 / 127) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 77-78 / رقم 917-919) ، و أبو نُعيم في "الحلية" (5 / 186) ، والبيهقي في "الشعب" (5 / 315 / 6777) ، والبغوي في "السنة" (13 / 141) .
وضعفه الألباني وغيره من السلف .


وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ ؛ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ )

أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (2693) وَحَسَّنَهُ . وابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة" (152) ، والطبراني في "الأوسط" (7 / 191 / 7244) تح. طارق والحسيني ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 315 / 6778) وغيرهم .

وضعفه الألباني ؛ بل حكم عليه بالوضع في "السلسلة الضعيفة" (178) وغيرها .

قلتُ : ومعناهما صحيح . ويُستأنس بهما وبالحديثين التاليين ؛ مع الآثار التالية التي هي شواهد للأحاديث في المسألة .


ومعنى الحديثين :

"وَكَأَنَّ مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ ؛ أَيْ : عَابَهُ مِنْ الْعَارِ ، وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ لَزِمَ بِهِ عَيْبٌ ؛ كَمَا فِي "الْقَامُوسِ" ؛ يُجَازَى بِسَلْبِ التَّوْفِيقِ حَتَّى يَرْتَكِبَ مَا عَيَّرَ أَخَاهُ بِهِ ؛ وَذَاكَ إذَا صَحِبَهُ إعْجَابُهُ بِنَفْسِهِ بِسَلَامَتِهِ مِمَّا عَيَّرَ بِهِ أَخَاهُ" .     
"سبل السلام" (4 / 368) عطا .


وفي الحديث : (إِنَّ الْبلَاءً مُوَكَّلٌ بالْقَوْلٍ) . عَنِ الْحَسَنِ وهو مُرسلاً صحيح .

رواه وكيع في "الزهد" (310) تح. الفريوائي ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (288) تح. نجم ، و في "الغيبة" (150) .


وجَاءَ مِنْ حديثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، وابن مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مرفوعاً ؛ أخرجهما الخطيب البغدادي في "تاريخه" (7 / 389 / 3923 و 13 / 279 / 7243) . ولا يصح .


الآثار :

قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "لاَ تُعَيِّرُوا أَحَداً ؛ فَيَفْشُوَ فِيكُمُ الْبَلَاءُ" .
"البداية والنهاية" (10 / 71) .


وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
"لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ ؛ لَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ [أَحُورَ] كَلْباً" .

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 390/ 5598) ، والبغوي في "شرح السنة" (13 / 141 / 3562) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (33 / 170) ، وانظره في "سير أعلام النبلاء" (1 / 496)  .


وقَالَ ابْنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "إِنَّ الْبلَاءَ مُوَكَّلٌ بالْقَوْلٍ" .

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 390 / 5599) ، ووكيع في "الزهد" (311، 312) تح. الفريوائي ، وهناد السِّري في "الزهد" (2 / 570 / 1193) ، و"شرح السنة" (13 / 141 / 3562) .

"سَخِرَ" منه وبه : هزئ به .
"الحَوْرُ" : الرُّجُوعُ إِلى الشَّيْءِ ، أَيْ : يَكُونَ كلباً مثله .
"وَكُلُّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ فَقَدْ حارَ يَحُور حَوْراً" .
"اللسان" (4 / 217) .


وقَالَ ابْنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "لَوْ أَنَّ رَجُلاً عَيَّرَ رَجُلاً بِرَضَاعِ كَلْبَةٍ لَرَضَعَهَا" .

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (13 / 279 / 7243) .


وقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: " لَوْ عَيَّرْتُ رَجُلاً بالرَّضَعِ ؛ لخشيتُ أَن يَحُورَ بِي دَاؤُهُ".

قَالَ اللَّيْث : "تَقولُ : رضُع الرجل يرضُع رضاعة فَهُوَ رَضِيع راضع ؛ أَي : لئيم . وَالْعرب تَقول : لئيم راضع . وَيُقَال نُعِتَ بِهِ لأنّه يرضَع ناقتَه من لؤمه لئلاَّ يُسمَع صوتُ الشَّخب فيُطْلب لبنه .

وقَالَ ابْن الْأَعرَابِي : الراضع والرَّضِع : الخسيس من الْأَعْرَاب ؛ الَّذِي إِذا نزل بِهِ الضَّيْف رضِع شاتَه بفمه لئلاَّ يسمعهُ الضَّيف" .

"تهذيب اللغة" (1 / 300) لأبي منصور الهروي (ت 370هـ) . وانظر : "غريب الحديث" (4 / 376) للقاسم بن سلام ، و "النهاية" (2 / 230) لابن الأثير .


وفي المثل ؛ قَوْلهم : "لا تسخر من شَيْء فيحُور بك" .

وَقَوْلهمْ : "لاَ تسخر من قرني وعلٍ أَن يحولا بك" .

"جمهرة الأمثال" (2 / 400 / 1904) لابن مهران العسكري (ت 395هـ) .


قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
"لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَرْضَعُ شَاةً فِي الطَّرِيقِ ، فَسَخِرْتُ مِنْهُ ؛ خِفْتُ أَنْ لاَ أَمُوتَ حَتَّى أَرْضَعَهَا".                  
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 390) .


وقَالَ إِبْرَاهِيم – النّخعيُّ - : "إِنِّي لأرى الشَّيْء ، فأكره أَن أعيبه مَخَافَة أَن أبتلى بِهِ" .

وفي لفظٍ : "إِنِّي لِأَرَى الشَّرَّ أَكْرَهُهُ ؛ فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ أُبْتَلَى بِهِ" .

رواه وكيع في "الزهد" (313) ، وهناد في "الزهد" (2 / 570 / 1192) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (754) و "ذم الغيبة" (151) ، والدينوري في "المجالسة" (3 / 242 / 889) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 315 / 6775) ، والبغوي في "شرح السنة" (13 / 141 / 3562) .



أنشد يعقُوب بن السِّكِّيت من أعلم علماء اللغة (ت 246هـ) :
يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته في القول تذهب رأسه ... وعثرته في الرجل تبرا على مهل

قلتُ : وللبيتين قصة ذكرها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (74 / 156) :

"كان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز بالله ، فلما جلس عنده ، قال له : بأي شيء يحب الأمير أن نبدأ - يريد من العلوم - ، فقال المعتز : بالانصراف .
قال يعقوب : فأقوم ؟ قال المعتز :
فأنا أخف نهوضاً منك ، وقام فاستعجل ؛ فعثر بسراويله فسقط ، والتفت إلى يعقوب خجلاً وقد احمرّ وجهه ، فأنشد يعقوب – البيتين - ، فلما كان من الغد ؛ دخل يعقوب على المتوكل ، فأخبره بما جرى ، فأمر له بخمسين ألف درهم ، وقال : قد بلغني البيتان" .


عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ قَالَ : "مَا عَابَ رَجُلٌ قَطُّ بِعَيْبٍ ؛ إِلَّا ابْتَلَاهُ اللهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَيْبِ" .

رواه البيهقي في "الشعب" (5 / 315 / 6776) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (64 / 105) . وانظر "تنزيه الشريعة" (2 / 295) للكناني (ت 963هـ).


قَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلٍ - أَبُو مَيْسَرَة - : "لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً يُرْضِعُ عَنْزاً فَسَخِرْتُ [فَضَحِكْتُ] مِنْهُ ؛ خَشِيتُ [أَنْ أَكُونَ مِثْلَهُ] أَصْنَعَ مِثْلَ الَّذِي صَنَعَ" .

رواه وكيع في "الزهد" (ص 589 / رقم 314) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير" (3 / 173 / 4336) ، وابن أبي الدنيا في "ذم البغي" (ص 86 / رقم 34) .


قلتُ : الحذر أيها المسلمون من السخرية والاستهزاء بالناس ؛ سواء في كلامهم أو مشيتهم ، أو قِلة عقله كـ"المعتوه أو الهَرِم أو المريض نفسياً أو عقلياً أو من رُدّ إلى أرذل العُمُر وذهب عقله – فيتصرف تصرف الصبيان - ونحوهم" ؛ فإنك ستعاقب عاجلاً أم آجل بلسانك ونطُقك .

فالواقع خير شاهد على ما يجده الناس في بعضهم البعض عند سخريتهم بشخص في صفة قد اتصف بها ، أو فعل يفعله ؛ فيجد الإنسان نفسه يفعل مثل فعله ويتلبس بالصفة التي كان قد عابها على هذا أو ذاك ، وقد تصيبه أو ولده ، فالجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تُدان .


فهذه نماذج مِن قَصص السلف خير شاهد على ما قلنا :

أخرج الخطيب البغدادي بسنده عَنْ ابْنِ الدورقيِّ قال :
"اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد ؛ فحضرت صلاةٌ  يُجهر فيها ، فقدموا الكسائي يصلي ، فارتج عليه في قراءة : ]قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ[ .
فلما أنْ سلَّم ، قَالَ اليزيدي : قارئ أهل الكوفة يرتج عليه فِي ]قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ[ ؟
فحضرت صلاةٌ يجهر فيها ، فقدموا اليزيدي ، فارتج عليه فِي سورة ]الحمد[ ، فلما أنْ سَلَّم قَالَ :
احفظ لسانك لا تقولُ فتُبْتَلى ..... إِنَّ الْبلَاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطق" .

"تاريخ بغداد" (11 / 408 / 6290) .
وانظر : "نزهة الألباء في طبقات الأدباء" (ص 62) لأبي البركات الأنباري (ت 577هـ) ، و "إنباه الرواة على أنباه النحاة" (2 / 263) للقفطي (ت 646هـ) .


أخرى :
ما أخرجه الخطيب أيضاً بسنده عن أحمد بن عبيد قال : أَخْبَرَنَا المدائنيُّ قَالَ :

"كان سبب حبس ابن سيرين في الدَّين ؛ أنه اشترى زيتا بأربعين ألف درهم ، فوجد في زق منه ؛ فأرة ، فقال : الفأرة كانت في المعصرة ، فصب الزيت كله .
وكان يقول : عيَّرت رجلاً بشيء مُذْ ثلاثين سنة ؛ أحسبني عوقبت به  .
وكانوا يرون : أنه عيَّر رجلاً بالفقر فابتلى به" .

"تاريخ بغداد" (5 / 335 / 2857) ، وابن الجوزي في "المنتظم" (7 / 139) ، وأورده النووي في "تهذيب الأسماء" (1 / 84) .

قولُه : "فوجد في زِقٍ منه" الزِّقّ من الأُهُبِ – الجلود المدبوغة - : كلُّ وعاء اتخذ لشراب ونحوه – كالسِّقاء و العُكَّة ونحوه - . "اللسان" (10 / 143) .


قَالَ الْحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " كَانُوا يَقُولُونَ : مَنْ رَمَى أَخَاهُ بِذَنْبٍ قَدْ تَابَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ ؛ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَبْتَلِيَهِ اللَّهُ بِهِ" .
رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (291) و "ذم الغيبة" (153) .



الخَلاصُ مِنَ الابتلاءِ إذا رأيتَ الـمُبتلى يا عبدالله !
أن تقول ما أرشدنا إليه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن حديثِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ ، فَقَالَ :
"الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً" .
إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ ) .

ومِن حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظ :
( مَنْ رَأَى مُبْتَلًى ، فَقَالَ :
"الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً" .
لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ ) .

أخرجهما الترمذي (3431 ، 3432) ، والبزار في "مسنده" (1 / 237 / 124 و 16 / 63 / 9106) على التوالي . والطبراني في "الدعاء" (797) حديث عمر ؛ بلفظ : (مَنْ رَأَى عَبْداً بِهِ بَلَاءٌ ..) . والبيهقي في "الشعب" (7 / 506 / 11147 ، 507 / 11148) .
وحسن الألباني الأول وصحح الثاني .


ومِن حديثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( مَنْ فَجِئَهُ صَاحِبُ بَلَاءٍ ؛ فَقَالَ :
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً" .
عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ ؛ كَائِناً مَا كَانَ ) .

رواه ابن ماجه (3892) ، والطبراني في "الأوسط" (5 / 283 / 5324) .
وحسنه الألباني .
وانظر الأحاديث في "صحيح الترغيب" (3392 ، 3393) .

قولُه : (فَجِئَهُ) ؛ أيْ : لقيه فجأة .

 فمن عُوفيَ ؛ فليحمد الله ، وليتذكر كيف لو يحصل له من أخبر عنهم سبحانه وتعالى في قوله تعالى :
]وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ[ [النحل : 70] .

أما تخشى يا عبدالله أَنْ تَهْرَمَ فتَصِيرُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ؛ وَهُوَ أَرْدَؤُهُ ، وحَتَّى لاَ تَعْقِلَ .

قال ابن جرير الطبري في تفسيره عند هذه الآية :

"وَقَوْلُهُ : ]لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا[ ؛ يَقُولُ :
إِنَّمَا نَرُدُّهُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِيَعُودَ جَاهِلاً كَمَا كَانَ فِي حَالِ طُفُولَتِهِ وَصِبَاهُ ]بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا[ فَذَهَبَ ذَلِكَ بِالْكِبَرِ وَنَسِيَ ، فَلاَ يَعْلَمُ مِنْهُ شَيْئاً ، وَانْسَلَخَ مِنْ عَقْلِهِ ، فَصَارَ مِنْ بَعْدِ عَقْلٍ كَانَ لَهُ ؛ لاَ يَعْقِلُ شَيْئاً .
]إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ[ ؛ يَقُولُ :
إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْسَى وَلَا يَتَغَيَّرُ عَلِمُهُ، عَلِيمٌ بِكُلِّ مَا كَانَ وَيَكُونُ، قَدِيرٌ عَلَى مَا شَاءَ، لَا يَجْهَلُ شَيْئًا وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ أَرَادَهُ" . 



كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
كان الانتهاء منه في منتصف ليلة 27 / رمضان / 1437هـ