الاثنين، 18 يوليو 2016

وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ / ثلاثة مواقف مرّت علينا في السعودية لا ولن ننساها



وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ

ثلاثة مواقف مرّت علينا في – السعودية - ؛ لا لن ننساها ؛ ولكنها خير .
كرهناها لأن نظر الإنسان قاصر ومحدود ، وحكمٌ على الظواهر ولا شك في ذلك ؛ لِأنْ ليس للمرء إلا الحكم بالظاهر .

لكن مُقدر المقادير ، ومسير الأمور له حكمة بالغة سبحانه وتعالى في ذلك ، فبعد أنْ انكشفت الغمة وأزيح الستار ؛ خرجت مجموعة من الديناصورات الممسوخة ، وظهر لنا ما كشّرت به السِّباع عن أنيابها ، ينهشون في جسدنا من الداخل ، ويُفرِحون أعداءنا علينا ؛ كل ذلك نُصرة لحزبهم المقيت المعادي لدولة التوحيد والسنة "المملكة العربية السعودية" وحقدهم الدفين الذي انجلى لنا من مواقفهم هذه وغيرها ، وهم يعيشون تحت سماء هذا الوطن وفوق أرضه ويأكلون من خيراته ويَأمنون بأمنه  فـ]هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[ .

الموقف الأول :
مطلع شهر محرم عام 1411هـ عندما اعتدى "صدام حسين" على "دولة الكويت الشقيقة" وأهلها الأعزاء ، احتاجت "الحكومة السعودية" إلى الاستعانة ببعض الجيوش من جنسيات متعددة ، ومن جملتهم الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك للدفاع المشترك مع القوات السعودية عن البلاد والإسلام وأهله ، وصدر من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بياناً بجواز الاستعانة بالقوات الأجنبية هذه لصد عدوان الطاغية البعثي "صدام حسين" ، كما صدر عن نحو (300 عالم ينتمون إلى نحو 80 دولة) بياناً يجيز تلك الاستعانة في اجتماعهم الذي انعقد في مكة المكرمة "المؤتمر الإسلامي العالمي" ، والذي نظمته "رابطة العالم الإسلامي" ذلك العام .

موقف وردود فعل السباع والديناصورات والوحوش الضارية البشرية من هذه الاستعانة بعد إقرار هذا العدد من علماء العالم وإجازتهم لها ؛ لصد عدوان الظالم الغاشم المعتدي :
كان موقفهم المعارضة الشديدة لهذه الاستعانة ، والمجاهرة بذلك ، واتهموا الحكومة "السعودية" بالتآمر والعلماء بالتخاذل وأنهم مضغوط عليهم في استخراج هذه الفتوى ، وأن هذا احتلال أمريكي للحرمين ، ونشروا ذلك عبر محاضراتهم ولقاءات لهم في تلك الأيام في "أشرطة كاسيت" .

واسألوا عن المحاضرة بعنوان : "فستذكرون ما أقول لكم" .
وكتاب وعد كسنجر .

وقد سمعت بأُذني - والذي نفسي بيده - في إذاعة "بغداد" في الراديو ليلا بعد عشاءِ ليلة من ليالي تلك الأيام الساخنة ؛ ثناء "صدام حسين" العاطر بصوته على صاحب المحاضرة المذكورة أعلاه ، وذكر أنه يعارض الحكومة السعودية في الاستعانة بالقوات الأجنبية ضده ، ونشرة الإذاعة حينها مقطعاً من تلك المحاضرة الذي استشهد وفرح به "صدام حسين" .
السؤال : كيف وصل "الشريط" أو المحاضرة إلى صدام وحزبه ، ولم يكن وقتها عندنا "الشبكة العنكبوتية" – انتر نت – ولا حتى يوجد جوالات عندنا بعدُ ؟

الموقف الثاني :
عندما قامت وبدأت "ثورات الخوارج" المسمّاة زوراً وبهتاناً بـ"الربيع العربي" في بعض الدول العربية بدأً من "جمهورية تونس" - حرسها الله من "الإخوان" و"العلمانيين" - في شهر محرم 1432هـ .

موقف وردود فعل السباع والديناصورات والوحوش الضارية البشرية من هذه الثورة والتي تلتها من الثورات في ليبيا ومصر وسوريا :
رأيناهم يرعدون ويزبدون ويهَيِّجون ويثيرون الشعوب أكثر وأكثر ، ويؤيدون "ثوراتهم الخارجية" متعذرين بظلم الحكّام ، فأريقت الدماء البريئة ، ويُتم أطفال ، ورُمِّلت نساء ، وشُرد أقوام ، وأُهين شيوخ . يتطلعون إلى ما هو أبعد من تلك الثورات المذكورة .
يرومون أن تنتقل هذه المظاهرات والثورات في بلدنا "السعودية" لما في أنفسهم من دغل ، ولا يزالون ينخرون في الجسد المتماسك بفضل الله تعالى ، ثم بفضل التفاف الشعب "السعودي" المتميِّز حول حكامهم وعلمائهم الأخيار بعد ما عَرف مخططات القوم .

الموقف الثالث :
عندما قام الانقلاب الفاشل في "جمهورية تركيا" هذا العام في شهر شوال  1437هـ .

موقف وردود فعل السباع والديناصورات والوحوش الضارية البشرية من هذا الانقلاب :
رأيناهم ينبشون وينثرون ويبثون وينشرون أحاديث السمع والطاعة للحاكم المسلم ، ولا يجوز الخروج عليه .
نعم صدقوا وهم كُذْبان ، فالأحاديث من أكثر 1437 عاماً محفوظة في صدور الرجال وفي بطون الجلود والكراريس ، ما سمعناها منهم في حقِّ حكامنا "آل سعود" حفظهم الله من قبل !

أتعلم أيها القاري ماذا كانوا يظهرون من الأحاديث في تلك الحقبة – وما ذلك إلا نُصرة لمنهجهم التهييجي الخارجي - ؟
كانوا يظهرون هذا الجزء من الحديث الصحيح :
(شِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ : تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) .

وكذلك هذا الجزء من الحديث الصحيح لغيره ، حتى وإن لم يصح ويثبت ؛ فإنهم يروُونه ويتحدثون به لأن هذا الجزء ينصر بدعتهم ومنهجهم :
(يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ) ، ثم يسوقون عقبها بعض هفوات الحكام وأخطائهم علانية في محاضراتهم وعلى المنابر في خطبهم ، فتحدث البغضاء والشحناء في صدور العامة .

فبمجرد النظر في هذه الألفاظ من هذه الأحاديث والسامع لها مع كلامهم المهيِّج للنفوس ؛ تنشحن وتغِير قلوب الشباب والعامة على ولاة الأمر ، بينما لو أتوا بالأحاديث كما هي وساقوها بتمامها ؛ لوجد السامع أنّ آخر الحديث يعالج القضية ، ويُطفئ اللهيب في القلوب من التوجيه النبوي الذي فيها .

وهذا نصّ الحديث الأول المبتور على ألسنتهم :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ : مَنْ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ :
(لاَ مَا أَقَامُوا لَكُمُ الصَّلَاةَ ، أَلاَ وَمَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ أَمِيرٌ وَالٍ ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئاً مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَلْيُنْكِرْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَداً مِنْ طَاعَةٍ) . أخرجه أحمد (6 / 24، 28) ، ومسلم (1855) .

وهذا نصّ الحديث الثاني المبتور على ألسنتهم :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(يَكُونُ أُمَرَاءُ : تَلِينُ لَهُمُ الْجُلُودُ ، وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِمُ الْقُلُوبُ ، وَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ : تَشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ) . قَالُوا : أَفَلاَ نَقْتُلُهُمْ ؟ قَالَ :
(لاَ مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ) .
أخرجه أحمد (3 / 28، 29) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1077) ، ، والبيهقي في "شعب الإيمان (6 / 64) .

يلاحظ القاري الكريم أنهم لا يذكرون قوله في الحديث :
(لاَ – تقاتلونهم - مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ ، وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَداً مِنْ طَاعَةٍ) ، لأنهم لو ذكروا ذلك ؛ لفسد رأيهم ، وانكشفت سريرتهم وخاب ظنهم !

فاللهم بصِّرنا في ديننا واكشف لنا ما يخبئه "الإخوان" وكل مبتدع !

وبالله التوفيق .

كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

فجر الثلاثاء 14 / شوال / 1437هـ