الأربعاء، 31 أغسطس 2016

هل وقع لك مثل هذا الموقف الذي هو بتعبير اليوم موقف محرج . للعظة والعبرة !









هل وقع لك مثل هذا الموقف الذي هو بتعبير اليوم :

"موقف محرج" ؟ للعظة والعبرة .


 


هل دخلت يوماً ما محل تجاري وتبضعت ، ثم عند الحساب تفاجأت بأن نقودك ليست معك ؟


هل وقفت عند محطة بنزين وزودت مركبتك به ، ثم تفاجأت أنك لا تملك المال في ذلك الوقت ؟


هل وهل وهل .... ؟


ماذا كان اتهام الناس المعنيين بتلك الواقعة لك في حينها ؟


هل قالوا : كذّاب ؟ محتال ؟ حرامي ... هلمجر ... ؟



اقرأ هذا الحديث ومناسبته فقد وقع للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك الموقف واتُّهم بالغدر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك الأعرابي وحاشاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومع ذلك فقد عَذَره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقال ما قال في حق ذلك الأعرابي  ؛ وذلك من خُلقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتواضعه ، وانظروا كيف وفّاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .




 وانظروا كيف أثرت معاملة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسنة مع الأعرابي ، وماذا كان
ردة فعل الأعرابي وموقفه من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!




]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[ .


الحديث :


قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


( أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْمُوفُونَ الْمُطَيِّبُونَ ) . 


"الصحيحة" (2677) .


 


{ مناسبة الحديث } :


    عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ :


    "ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ جَزُوراً - أَوْ جَزَائِرَ - بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذُّخْرَةِ "وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ : الْعَجْوَةُ" ، فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ وَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ ؛ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ :


(يَا عَبْدَ اللَّهِ ! إِنَّا قَدْ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُوراً[1] - أَوْ جَزَائِرَ - بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذُّخْرَةِ ، فَالْتَمَسْنَاهُ ؛ فَلَمْ نَجِدْهُ) . قَالَ : فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاغَدْرَاهُ ! قَالَتْ : فَنَهَمَهُ النَّاسُ ؛ وَقَالُوا : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


(دَعُوهُ ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً) .


       ثُمَّ عَادَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَقَالَ : (يَا عَبْدَ اللَّهِ ! إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزَائِرَكَ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ عِنْدَنَا مَا سَمَّيْنَا لَكَ ، فَالْتَمَسْنَاهُ ؛ فَلَمْ نَجِدْهُ) . فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاغَدْرَاهُ ! فَنَهَمَهُ النَّاسُ ، وَقَالُوا : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (دَعُوهُ ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً) ، فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً ، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَفْقَهُ عَنْهُ ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ :


       (اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ ؛ فَقُلْ لَهَا : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ : إِنْ كَانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذُّخْرَةِ ؛ فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) . فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُلُ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَقَالَ : قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ : "اذْهَبْ بِهِ ؛ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ) .


قَالَ : فَذَهَبَ بِهِ ؛ فَأَوْفَاهُ الَّذِي لَهُ . قَالَتْ :


فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ  . فَقَالَ :
جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً ، فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ . قَالَتْ :


فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فَذَكَرَهُ)" .


 


{ قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (6 / الأول / 394) } :


       قوله : ( الذُّخْرَة ) : بمعنى الذخيرة ، في "اللسان" {(4 /302)} : "والذَّخِيرَةُ : وَاحِدَةُ الذَّخائِر ، وَهِيَ مَا ادُّخِرَ ، وَكَذَلِكَ "الذُّخْرُ" ، وَالْجَمْعُ : أَذْخارٌ" .


    ولم يعرفها الأعظمي- في تعليقه على "الكشف" فعلّق عليها بقوله :


    "كذا في الأصل مضبوطاً بالقلم ، وفي "النهاية" {(2 /156)} : الذخيرة نوع من التمر معروف" !


    قلت : وهي مفسّرة في رواية أحمد بـ"الْعَجْوَة"  كما رأيت .


    ( الموفُون المطيِّبون ) ؛ أي : الذين يؤدُّون ما عليهم من الحق بطيب نفس .


( نَهَمَهُ ) ؛ أي زجره .


يقال : نَهَمَ الإبل إذا زجرها وصاح بها لتمضي .


"الصحيحة": (6 / الثاني / 835 ) .


 


انتقاه ونقله /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


4 /11 / 1424هـ


 




([1]) ...
 ..............................

(المفردات) : ( الجَزُورُ ) : البَعِير ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى ، إلا أنَّ اللَّفْظة مُؤنثة ، تقول : هذه الجَزُوُر ؛ وَإن أردْت ذكَراً ، والجمْع : جُزُرٌ وجَزَائِر . "النهاية" (1 /266) .
وَ ( الْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ أو فَالْتَمَسْنَاهُ ) ؛ أي : طلب وبحث له عن التمر .
وَ ( الوَسْق ) بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة : سِتُّونَ صَاعاً . وَقيل : حِمْلُ بعير . قاله المنذري في "الترغيب والترهيب" .



 

الأحد، 28 أغسطس 2016

رسالة إلى كل من يُكفِّر حكّام المسلمين

 
رسالة إلى كل من يُكفِّر حكّام المسلمين
 
سبب نزول ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ( الآية ، وأنها في الكفار ، وأن الكفرَ
العملي غير الاعتقادي .
 
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [وَ ]أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [وَ ]أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَنْزَلَهَا اللَّهُ فِي الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ الْيَهُودِ ، وَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا قَدْ قَهَرَتِ الأُخْرَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى ارْتَضَوْا وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ قَتِيلٍ قَتَلَتْهُ "الْعَزِيزَةُ" مِنَ "الذَّلِيلَةِ" فَدِيَتُهُ خَمْسُونَ وَسْقاً ، وَكُلَّ قَتِيلٍ قَتَلَتْهُ "الذَّلِيلَةُ" مِنَ "الْعَزِيزَةِ" فَدِيَتُهُ مِائَةُ وَسْقٍ ، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، فَذَلَّتِ الطَّائِفَتَانِ كِلْتَاهُمَا لِمَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَوْمَئِذٍ لَمْ يَظْهَرْ وَلَمْ يُوطِئْهُمَا عَلَيْهِ - لفظ الطبراني : "وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُوطِئْهُمَا وَهُوَ الصُّلْحُ"- وَهُوَ فِي الصُّلْحِ ، فَقَتَلَتِ "الذَّلِيلَةُ" مِنَ "الْعَزِيزَةِ" قَتِيلاً ، فَأَرْسَلَتِ "الْعَزِيزَةُ" إِلَى "الذَّلِيلَةِ" أَنِ ابْعَثُوا إِلَيْنَا بِمَائَةِ وَسْقٍ ، فَقَالَتِ "الذَّلِيلَةُ" : وَهَلْ كَانَ هَذَا فِي حَيَّيْنِ قَطُّ دِينُهُمَا وَاحِدٌ ، وَنَسَبُهُمَا وَاحِدٌ وَبَلَدُهُمَا وَاحِدٌ ، دِيَةُ بَعْضِهِمْ نِصْفُ دِيَةِ بَعْضٍ ؟! إِنَّا إِنَّمَا أَعْطَيْنَاكُمْ هَذَا ضَيْماً مِنْكُمْ لَنَا ، وَفَرَقاً([1]) مِنْكُمْ ، فَأَمَّا إِذْ قَدِمَ مُحَمَّدٌ فَلاَ نُعْطِيكُمْ ذَلِكَ ، فَكَادَتِ الْحَرْبُ تَهِيجُ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ ارْتَضَوْا عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ . ثُمَّ ذَكَرَتِ "الْعَزِيزَةُ" ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا مُحَمَّدٌ بِمُعْطِيكُمْ مِنْهُمْ ضِعْفَ مَا يُعْطِيهِمْ مِنْكُمْ ، وَلَقَدْ صَدَقُوا ، مَا أَعْطَوْنَا هَذَا إِلاَّ ضَيْماً مِنَّا ، وَقَهْراً لَهُمْ ، فَدُسُّوا إِلَى مُحَمَّدٍ مَنْ يَخْبُرُ لَكُمْ رَأْيَهُ ؛ إِنْ أَعْطَاكُمْ مَا تُرِيدُونَ حَكَّمْتُمُوهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِكُمْ حَذِرْتُمْ ؛ فَلَمْ تُحَكِّمُوهُ ، فَدَسُّوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاساً مِنَ الْمُنَافِقِينَ لِيَخْبُرُوا لَهُمْ رَأْىَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأَمْرِهِمْ كُلِّهِ وَمَا أَرَادُوا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ]يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا[ إِلَى قَوْلِهِ ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ ، ثُمَّ قَالَ : فِيهِمَا وَاللَّهِ نَزَلَتْ ، وَإِيَّاهُمَا عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) .
 "الصحيحة" (2552) .
 
{ قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (6/الأول/111-116) } :
    ( فائدة هامـة ) :
       إذا علمت أن الآيات الثلاث : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ ، ]فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[ ، ]فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ نزلت في اليهود وقولهم في حكمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنْ أَعْطَاكُمْ مَا تُرِيدُونَ ؛ حَكَّمْتُمُوهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِكُمْ ؛ حَذِرْتُمْ ؛ فَلَمْ تُحَكِّمُوهُ) ، وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال : ]يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا[ ، إذا عرفت هذا ، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين وقضاتهم الذين يحكُمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية ، أقول : لا يجوز تكفيرهم بذلك ، وإخراجهم من الملة ، إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله ، وإن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله ، لا يجوز ذلك ، لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور ، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى ، ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله ، بخلاف اليهود الكفار ، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم : (. . . وَإِنْ لَمْ يُعْطِكُمْ حَذِرْتُمْ ؛ فَلَمْ تُحَكِّمُوهُ) ، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلاً ، وسرّ هذا أن الكفر قسمان :
اعتقادي وعملي . فالاعتقادي مقرّه القلب . والعملي محلّه الجوارح .
      فمن كان عمله كفراً لمخالفته للشرع ، وكان مطابقاً لما وقر في قلبه من الكفر به ، فهو الكفر الاعتقادي ، وهو الكفر الذي لا يغفره الله ، ويخلد صاحبه في النار أبداً . وأما إذا كان مخالفاً لما وقر في قلبه ، فهو مؤمن بحكم ربه ، ولكنه يخالفه بعمله ، فكفره كفرٌ عملي فقط ، وليس كفراً اعتقادياً ، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذّبه ، وإن شاء غفر له ، وعلى هذا النوع من الكفر تُحمَلُ الأحاديثُ التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئاً من المعاصي من المسلمين، ولا بأس من ذكر بعضها :
1- (اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ ، الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ) .
2- (الْجِدَالُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ) .
3- (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) .
4- (كُفْرٌ بِاللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ) .
5- (التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ) .
6- (لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) .
     إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها . فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي ، فكفرُه كفر عملي ، أي إنه يعمل عمل الكفار ، إلا أن يستحلّها ، ولا يرى كونَها معصية فهو حينئذ كافرٌ حلال الدم ، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضاً ، والحكم بغير ما أنزل الله ، لا يخرج عن هذه القاعدة أبداً ، وقد جاء عن السلف ما يدعمها ، وهو قولهم في تفسير الآية : "كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ" ، صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم ، ولا بد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضلّ اليوم في هذه المسألة الخطيرة ، ونحا نحو الخوارج الذين يكفِّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي ، وإن كانوا يصلون ويصومون !
1- روى ابن جرير الطبري ( 10/ 355/ 12053 ) {(6 / 596/ 12058)} بإسناد صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ :
]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ قَالَ : "هِيَ بِهِ كُفْرٌ , وَلَيْسَ كُفْراً بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ" .
    2- وفي رواية عنه في هذه الآية : "إِنَّهُ لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ كُفْراً يَنْقِلُ عَنِ الْمِلَّةِ ، كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ" .
(يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ) ؛ كأنه يشير إلى الخوارج الذي خرجوا على علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
أخرجه الحاكم (2 / 313 ) ، وقال : "صحيح الإسناد" . ووافقه الذهبي ، وحقهما أن يقولا : على شرط الشيخين . فإن إسناده كذلك . 
       ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في "تفسيره" (6 /163) {(6 /112) تح. غنيم وصاحبيه} عن الحاكم أنه قال :
     "صحيح على شرط الشيخين" ، فالظاهر أن في نسخة "المستدرك" المطبوعة سقطاً ، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضاً ببعض اختصار .
    3- وفي أخرى عنه من رواية عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : "مَنْ جَحَدَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ فَهُوَ ظَالِمٌ فَاسِقٌ" . أخرجه ابن جرير (12063) {(12068)} .
قلت : وابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، لكنّه جيد في الشواهد .
    4- ثم روى (12047 - 12051) {(12052 - 12056)} عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ  قَوْلُهُ : (وذكر الآيات الثلاث) : "كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ , وَفِسْقٌ دُونَ فِسْقٍ , وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٌ" . وإسناده صحيح .
    5- ثم روى (12052) {(12057)} عَنْ سَعِيدٍ الْمَكِّيِّ , عَنْ
طَاوُسٍ (وذكر الآية) ، قَالَ : "لَيْسَ بِكُفْرٍ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ" .
وإسناده صحيح .
       6- وروى (12025 و 12026) {(12030 -12031)} من طريقين عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُدَيْرٍ قَالَ : أَتَى أَبَا مِجْلَزِ - [من كبار ثقات التابعين واسمه لاحق بن حميد البصري] - نَاسٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ سَدُوسٍ , "وفِي الطَّريقِ الآخر : نَفَرٌ مِنَ الْإِبَاضِيَّةِ" - [طائفة من الخوارج] - ، فَقَالُوا : أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ -{المائدة: 44}- أَحَقٌّ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[ -{المائدة: 45}- أَحَقٌّ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ -{المائدة: 47}- أَحَقٌّ هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَقَالُوا : يَا أَبَا مِجْلَزٍ ! فَيَحْكُمُ هَؤُلَاءِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ؟ قَالَ : هُوَ دِينُهُمُ الَّذِي يَدِينُونَ بِهِ , وَبِهِ يَقُولُونَ , وَإِلَيْهِ يَدْعُونَ - [يعني الأمراء] - , فَإِنْ هُمْ تَرَكُوا شَيْئاً مِنْهُ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَصَابُوا ذَنْباً . فَقَالُوا : لَا وَاللَّهِ , وَلَكِنَّكَ تَفْرَقُ .
قَالَ : أَنْتُمْ أَوْلَى بِهَذَا مِنِّي ! لَا أَرَى ، وَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ هَذَا وَلَا تَحَرَّجُونَ , وَلَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَهْلِ الشِّرْكِ , أَوْ نَحْواً مِنْ هَذَا" . وإسناده صحيح .
     وقد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير (10 /346-357) {(6 /592-597)} بأسانيده إلى قائليها ، ثم ختم ذلك بقوله (10 - 358) {(6 /597) بعد آخر أثر (12068) في المسألة} :
       "وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قَوْلُ مَنْ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ , لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْآيَاتِ فَفِيهِمْ نَزَلَتْ ، وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِهَا , وَهَذِهِ الْآيَاتُ سِيَاقُ الْخَبَرِ عَنْهُمْ ، , فَكَوْنُهَا خَبَراً عَنْهُمْ أَوْلَى .
      فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ عَمَّ بِالْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنْ جَمِيعِ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ , فَكَيْفَ جَعَلْتَهُ خَاصّاً ؟
      قِيلَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَمَّمَ بِالْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنْ قَوْمٍ كَانُوا بِحُكْمِ اللَّهِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ فِي كِتَابِهِ جَاحِدِينَ ، فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ بِتَرْكِهِمُ الْحُكْمَ - عَلَى سَبِيلِ مَا تَرَكُوهُ – كَافِرُونَ . وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ جَاحِداً بِهِ ؛ هُوَ بِاللَّهِ كَافِرٌ , كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ؛ لِأَنَّهُ بِجُحُودِهِ حُكْمَ اللَّهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ ؛ نَظِيرَ جُحُودِهِ نُبُوَّةَ نَبِيِّهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ نَبِيُّ" .
     وجملة القول : أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لِما أنزل الله ، فمن شاركهم في الجحد ؛ فهو كافر كفراً اعتقادياً ، ومن لم يشاركهم في الجحد ؛ فكفره عملي لأنه عمل عملهم ، فهو بذلك مجرم آثم ، ولكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وقد شرح هذا وزاده بياناً الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب الإيمان" "باب الخروج من الإيمان بالمعـاصي" (ص 84-97 بتحقيقي) ، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق .
       وبعد كتابه ما سبق ، رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في "مجموع الفتاوى" (3 /268) :
"أَيْ هُوَ الْمُسْتَحِلُّ لِلْحُكْمِ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ" .
    ثم ذكر (7 /254) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ؟ فَقَالَ :
"كُفْرٌ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ([2]) ، مِثْلَ الْإِيمَانِ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ ، فَكَذَلِكَ الْكُفْرُ حَتَّى يَجِيءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ" .
     وقال (7 / 312 ) :
       "وَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِ السَّلَفِ أنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَنِفَاقٌ ، فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ أنَّهُ يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ وَكُفْرٌ ؛ لَيْسَ هُوَ الْكُفْرُ الَّذِي يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ فِي قَوْله تَعَالَى ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ ، قَالُوا : كُفْراً لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ . وَقَدْ اتَّبَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ" .
 
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قوله: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ ، ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[ ، ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[ ، قَالَ : هِيَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا ) .
"الصحيحة" (2704) .

 { قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (6 /الأول/457-458) } :
قلتُ : والحديث دليل صريح في أن المقصود بهذه الآيات الثلاث ؛ الكفار من اليهود والنصارى ؛ وأمثالهم الذين ينكرون الشريعة الإسلامية وأحكامها ، ويلحق بهم كل من شاركهم في ذلك ؛ ولو كان يتظاهر بالإسلام ، حتى ولو أنكر حكماً واحداً منها .
ولكن مما ينبغي التنبه له ، أنه ليس كذلك من لا يحكم بشيء منها مع عدم إنكاره ذلك ، فلا يجوز الحكم على مثله بالكفر وخروجه عن الملة لأنه مؤمن ، غاية ما في الأمر أن يكون كفره كفراً عملياً .
وهذه نقطة هامة في هذه المسألة يغفل عنها كثير من الشباب المتحمس لتحكيم الإسلام ، ولذلك فهم في كثير من الأحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام ، فتقع فتن كثيرة ، وسفك دماء بريئة لمجرد الحماس الذي لم تُعَد له عدته ، والواجب عندي تصفية الإسلام مما ليس منه كالعقائد الباطلة ، والأحكام العاطلة ، والآراء الكاسدة المخالفة للسنة ، وتربية الجيل على هذا الإسلام المصفى . والله المستعان .
وقد مضى الكلام على هذه المسألة الهامة بشيء من التفصيل المفيد إن شاء الله تعالى تحت الحديث المتقدم ( 2552 ) .

انتهى الجمع من "الصحيحة" .
 

اختاره ونقله /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي.
18 / 10 / 1424هـ
 


[1] قَولُه في الحديث : ( فَرَقاً ) : "الفَرَق بِالتَّحْرِيكِ : الخَوْف والفَزَع . يُقَالُ : فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً . وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ : "أبِاللهِ تُفَرِّقُنِي ؟" ؛ أَيْ : تُخَوِّفُني" . "النهاية" (3/438) .

[2] في الأصل في "الصحيحة" : "الإيمان" مكان "الْمِلَّة" والتصويب من "الفتاوى" .



السبت، 27 أغسطس 2016

المخالفون يسألون ويتساءلون : لماذا إذا عملنا عملاً نتقرب به إلى الله ...؛ قلتم هذا إحداث







المخالفون يسألون ويتساءلون :


 


لماذا إذا عملنا عملاً نتقرب به إلى الله ولم يكن عليه أثرة من علم ؛ قلتم هذا إحداث في الدين ؟


بينما بعضكم يا مدّعي "السلفية" اليوم تعملون أعمالاً ليست من السنة النبوية في شيء ،
ولم يعملها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه ، وليس عليها دليل ؟


 


ولنضرب بعض الأمثلة كي يتضح المقال لا على الحصر :


 


أولاً : إذا مات الميت ؛ أَرسلتم بالرسائل هنا وهناك عبر مواقع التواصل ، وأنشأتم المجموعات والقنوات لذلك ، وملأتم صفحات الجرائد ؛ تنعون الميت ؛ وتعلنون خبر وفاته ، ووقت الصلاة عليه والمكان والدفن .


فهل ورد ذلك في السنة ؟


والنعي وهو الإخبار والإعلان بموت فلان ؛ ليس من السنة ولا دليل عليه .


لا يقول قائل : إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النجاشي لأصحابه وصلى عليه وهذا ثابت بالدليل الصحيح .


فنقول : النجاشي مات مسلماً في أرض الكفر ولم يكن أحدٌ صلى عليه ، وله الأيادي البيضاء في احتضانه أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ ورَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم في الهجرتين المشهورتين إلى أرض النجاشي "الحبشة" .


وهذه حادثة خاصة ولم تتكرر ، ولم يفعلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أحدٍ من أصحابه إلا في خبر الثلاثة في معركة مؤتة ففي الخبر :


قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ إِخْوَانَكُمْ لَقُوا الْعَدُوَّ ، وَإِنَّ زَيْدًا أَخَذَ الرَّايَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ) . رواه أحمد .


وفي لفظ البخاري :


"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْداً ، وَجَعْفَراً ، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ ، فَقَالَ :


(أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ) - وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ- :


(حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) .



ويلاحظ في الروايات ؛ أنه لم يأت ذكر أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عليهم كما صلى على النجاشي ؛ وهم عنده لا شك أحب من النجاشي ؛ لأمور عدة لا مجال لذكرها هنا .


 


وإنما كان نعيه الثلاثة إخبار منه لعلمٍ أوحاه الله تعالى إليه قبل وصول خبرهم بالبريد ، ولكي تحد الأزواج على أزواجهن .


 


ثانياً : السفر من مدينة إلى مدينة لحضور جنازة فلان وتشييعه مع إن في بلدته آلاف من يصلي عليه ويشيعه .


فهل كان السفر هذا على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه والسلف الصالح ؟


وهل عليه دليل ؟


لسنا نعني تحرير المسألة فقهياً ونجلب أقوال الفقهاء وآرائهم ، ولكنا نتكلم من منطلق سنة وإحداث ؛ كما تُطبقون ذلك علينا – من تنعتونا بالمخالفين "المحدثين" - .


فهل سافر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أحد من أصحابه لهذا السبب ؟


ثالثاً : الوقوف أو الجلوس للتعزية سواء في المقبرة بعد دفن الميت أو الاجتماع في بيت أهل الميت لاستقبال المعزين ليل نهار .


هل عندكم أثرة من علم فتخرجوه لنا ؟


فهذا النبي الكريم الرحيم المشفق بأمته وأهل بيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مات في حياته عدد من أهل بيته ؛ فلم يثبت أنه نصَب نفسه وجلس لاستقبال المعزين .


مات أبناؤه الثلاثة : القاسم ، وعبد الله ، وإبراهيم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم .


وتوفين بناته الثلاثة : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنّ .


 وأزواجه الثلاثة : خديجة ، وزينب أم المساكين ، وريحانة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنّ  


وسيد الشهداء حمزة ، وجعفر .


كل هؤلاء ماتوا في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يثبت أنه أقام مجلس للعزاء يستقبل فيه الصحابة لا في بيت ولا في مسجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا في المقبرة .


فهل ما تفعلونه اليوم محدثة أم سنة ؟


ولم يثبت عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك .


بل إن تتمة الخبر أعلاه من رواية أحمد وغيره :


"فَأَمْهَلَ ، ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ - ثَلاثاً - أَنْ يَأْتِيَهُمْ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ ، فَقَالَ :


(لاَ تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ)" .


فليس في الخبر أنه كان جالساً للتعزية ؛ وآل جعفر منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولم يذهب لتعزية آل جعفر في بيتهم خلال الأيام الثلاثة بل ذهب إليهم يدعو لهم ولجعفر ويؤنسهم كأب ونبي رحيم بأمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


فهل من مدّكر ؟


 


رابعاً : تقييد العزاء بثلاثة أيام ، فما كان أصله محدث – أعني الجلوس والاجتماع في بيت الميّت للعزاء - ؛ فالفرع لا شك أنه محدث .


وبالله التوفيق .


 


خاطرة كتبها /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


السبت 24 / 11 / 1437هـ

الجمعة، 26 أغسطس 2016

التدارُس والتناصُح بين الجنسين في الانترنت







التدارُس والتناصُح بين الجنسين في الانترنت


 


ضمن درس عبر غرفة "الزاد النبوي" في برنامج "البايلوكس"


ليلة الخميس 22 / 10 / 1431هـ .






السؤال :


هل يجوز قراءة إجازة القرآن الكريم للنساء على الشيوخ من الرجال ؟


 


ما فهمت ؟!!


يعني المرأة تقرأ على الشيخ بالصوت ؟


 


الجواب :


 أقول :


لا ، اِبتعدي وأبعدي من وراءكِ بارك الله فيكِ ، وقد تكلمنا على هذه النقطة بطريقةٍ أو بأخرى البارحة


عندما سُئِلنَا عن من يلقي دروس في الـ"سكاي بي" للنساء ويحضرن النساء


ويخاطبهن وَيُسَّمْعِّنَ له وتخاطبه النساء أو بعضهن فَنَصَحْنَ لَهُ وَنَصَحْنَ لَهُنَّ ، أقول :


ابعدوا... ابتعدوا كل البعد عن مواطن لقاءات الرجال بالنساء ، والله ما هي إلا فتنة ، وما هي إلا حبائل الشيطان !


فاتقوا الله يا نساء


لا تكونوا حجر عثرة وتكونوا فتنة للرجال ومن ثمّ حطب جهنم .


الله المستعان!!


يعني توقفت عليها أمورك يا أمة الله وتوقفت مصالحك في الحياة على هذه الإجازة ؟!


ما أظن عاقل يقول : نعم .


ناهيك عن طالب علم أو طالبة علم تتقي الله وتخشى الله .


وإن كان عبر الإنترنت !


ما أكثر المشاكل وما أكثر المواقف التي سقطت فيها بعض النساء وبعض الرجال في هذا الإنترنت .


والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما عرفت الإنترنت ولا دخلته


والله أقسم وأنا على ذلك مسؤول .


والله أنني ندمت ندماً عظيماً كبيراً أنني عرفت الإنترنت ، وسامح الله من عرَّفني به من إخواني وأقاربي .


وعلى ما فيه من خير ؛ لكن والله شره كثير .. والله شره كثير !


والله إن لم نخف على أنفسنا ؛ والله ما عندنا تقوى... ولا عندنا ورع ... وضعيفي الإيمان .


من يقول أننا أقوياء ، وأنني أصمد أمام الفتن ؛ فهو كاذب . إلا من رحم ربُّك وقليل ماهم !


إذا كان محمد صلى الله عليه وسلم نبي الأمة ، طاهر القلب ، التقي ، العابد ، النقي ، أتقى الناس لربه ، وأعبدهم لربه عندما رأى امرأة أعجبته رجع إلى زوجته وقضى وطره منها ثم خرج ففي الحديث :


عَنِ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :


"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِساً فِي أَصْحَابِهِ ؛ فَدَخَلَ ، ثُمَّ خَرَجَ وَقَدِ اغْتَسَلَ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَدْ كَانَ شَيْءٌ ؟ قَالَ :


( أَجَلْ ، مَرَّتْ بِي فُلَانَةُ ؛ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي شَهْوَةُ النِّسَاءِ ، فَأَتَيْتُ بَعْضَ أَزْوَاجِي ؛ فَأَصَبْتُهَا ، فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا ، فَإِنَّهُ مِنْ أَمَاثِلِ أَعْمَالِكُمْ إِتْيَانُ الْحَلَالِ ) .


أخرجه أحمد (4 / 231) . وانظر "الصحيحة" (235) .



ومن حديث جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :


"أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً ، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ :


( إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً ؛ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ )" .


وفي لفظ له :


( إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ ، فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ ؛ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ ) .


أخرجه مسلم (1403) وغيره .


وأورده الألباني في "الصحيحة" (1 / 472) شاهداً على حديث أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيَّ أعلاه .


وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :


"رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ ؛ فَأَتَى سَوْدَةَ وَهِيَ تَصْنَعُ طِيباً وَعِنْدَهَا نِسَاءٌ ، فَأَخْلَيْنَهُ ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ :


(أَيُّمَا رَجُلٍ رَأَى امْرَأَةً تُعْجِبُهُ ؛ فَلْيَقُمْ إِلَى أَهْلِهِ ، فَإِنَّ مَعَهَا مثل الَّذِي مَعهَا)".


رَوَاهُ الدَّارمِيّ (2261) وحسّن إسناد المحقق .



والمعنى من الأحاديث أنّ المرأة تَجُرُّ إلى الفتن كالشيطان .


فاتقي الله يا أمة الله !


ما فُتِحَ باب شر إلا من قِبَلِ المرأة


أنا لا أُزكي الرجال .


لكن لا يمكن على الإطلاق أن يدخل الرجل من الباب إن لم يفتحه صاحبه بنفسه ، ووالله إن لم تفتح المرأة للرجل مقدار ثقب إبرة ، لا يمكن أن يدخل ؛ لكنها :


ما بالك يا شيخ ؟ وما ترى في هذه المسألة ؟ نريد أن نتناقش فيها ونستفيد من علمكم وهلمّجَرٍّ ..


ومن كلمة إلى جملةٍ ... إلى عبارةٍ ....إلى ....إلى...


إلى أن يَسْتَجِرُّها الشيطان ، ويَسْتَجِرُّهُ الشيطان !


فاتقوا الله عباد الله .. اتقوا الله عباد الله .


كلنا أخطاء ، وكلنا ذنوب ، وكلنا مقصرين ، فلا تزيدين الطين بِلَّة يا أمة الله !


يا نساء المسلمين اتقين الله !


والله لولا لم يكن معكِ يا أمة الله إلا ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ وإنها لعظيمة ؛ لكفتكِ عن
جلوسكِ مع المشايخ وطلبة العلم في المحادثات الصوتية أو عبر المراسلات بحجة أنكِ
تسألين وتستفيدين وتناقشين و و ..


نساء الصحابة رضي الله عنهن ماذا كان عندهن من القرآن ؟!!


نساء الصحابة رضي الله عنهن ماذا كان عندهن من القرآن ؟!!


هل كلهن كن حافظات القرآن ؟؟


الجواب : لا .


حتى الصحابة رضي الله عنهم ليس كلهم حُفّاظ .. بارك الله فيكم !


لكن كان عندهم إيمان ... عندهم تقوى ... عندهم ورع ... عندهم زهد ... عندهم
خوف من الله ، فلم يكُنّ يتحدث مع الرجال ويسترسلن ويُسهبن .


تربّوا على الإيمان... تربوا على الكتاب... تربوا على السنة


هل كلهم حفظوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟!!


بارك الله فيكم انتبهوا ... المسألة مسألة تقوى ... مسألة قيام بين يدي الله عزَّ وجل ..


ليست قضية إجازة من شيخ ، أو سمِّع لي القرآن يا شيخ !


وهو يرد عليها ما أجمل صوتكِ يا أختاه .... وفقكِ الله يا أختاه !


أيش الكلام هذا ؟!!


يعني ناقصكِ أن يُثني عليكِ رجل أجنبي عنك ؟!!! سبحان الله !


بارك الله فيكم .


إذا رأيتموني في شدة وفي غلظة فاعذروني


إن لم ننصح لا خير فينا.....


إن لم نبين لا خير فينا....


أما المجاملات والمداهنات فلا سبيل لنا فيها .


والله إنني أخوف على نفسي منكم من الفتن ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ﴾


فالذي تريد إجازة من الشيخ الفلاني ، وتُسَمِّع ما حفظت عند طالب العلم الفلاني ، وما إلى ذلك ..


أقول لها :


اتقي الله... اتقي الله... وراقبيه


والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه ﴿ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾ ويعلم ما في الصدور ..


فإن كنتِ أخذتِ الإجازة ، فأنتِ تعلمين لماذا أخذتيها ، وإذا أردتِ أن تستمعي وتُسَمِّعي وتحفظي القرآن .. فالله سبحانه وتعالى قد عَلِمَ قبل أن تكوني ماذا تُريدين ؟ وما هي نيتكِ ؟


فاتقوا الله عباد الله .


واتقي الله يا أمة الله !


لا تكوني عوناً للشيطان على المسلمين .


بارك الله فيكم .


فالمعذرة إن كان كلامي فيه جفاء وغلظة وفيه شدة . بارك الله فيكم .



انتهى .
مُفرغ من جواب على السؤال أعلاه كُنّا نبُثه عبر غرفة "الزاد النبوي" في برنامج
"البايلوكس" .


 


تنبيه وإيضاح :


الأول :


قولي أعلاه : "إن لم تفتح المرأة للرجل مقدار ثقب إبرة ، لا يمكن أن يدخل" .


ليست أعني لو تواصل رجل بامرأة وهي لا تعرفه عبر البريد أو عبر أيّ تواصل ؛ وهي لم ترد عليه ولم تجيبه ولم تُعِرْهُ اهتمامها ؛ أنه فتح الباب .


لا . هذه ما فتحت ثقب إبرة ولا أقل ولا أكثر ، وقد أوضحت ذلك بعده وقيَّدتُ ، فقلت أنها ترد عليه وتتجاوب معه بقولها :


ما بالك يا شيخ ؟ وما ترى في هذه المسألة ؟ نريد أن نتناقش فيها ونستفيد من علمكم وهلمّجَرٍّ ..


هذا هو المقصود من : "إن لم تفتح المرأة للرجل مقدار ثقب إبرة" .


فنرجو عدم الخلط أو سوء الفهم .




الإيضاح الثاني :


لست أمنع المرأة من أن تدخل الغرف الصوتية السنية السلفية الموثوق بها وتستمع للدرس دون صوتٍ ولا مشاركة .


وإن كان هناك من سؤال ترسله للمشرف فقط دون توسع معه ولا تسمح بالمراسلة لها من الغريب أيضاً .


 


ثم أنبه على خطرٍ عظيم فاحش حاصل ومستمر وهو :


التعارف وتبادل الأحاديث والصور عبر "النت" بحجة طلب الزواج ، ولن أطيل في هذه القضية فهي واضحة المفاسد ، والنتائج الوخيمة ، فإن قال قائل أو قائلة فعلت ذلك وصدقنا بعضنا وتم الزواج ؛ فنقول هذا في النادر والنادر لا حكم له .


فكم من صُورٍ نُشرت وكم مِن خبيث القلب والطوية من الرجال استغلوا تلك الصور لتلك الفتاة أو تيك ، فهددها بنشرها إن لم تجبه لمطالبه الخبيثة .


وكم جلبت هذه الطريقة – أعني التعارف وتبادل الصور بين الذكور والإناث - من العار والشنار لأهلها وذويها ، وقبيلتها ومجتمعها ، وأفسدت عليها شرفها ولطّخت سمعتها .


فاحذرن أيتها الإناث من ذلك .


واتقوا الله أيها الذكور من تلاعب الشيطان بكم .


 


وبالله التوفيق .


 


أقَرَّه وزاد عليه البيان والإيضاح /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


10 / 10 / 1433هـ