الأحد، 9 أكتوبر 2016

رسالة إلى المشايخ والدعاة وطلبة العلم ... في أقطار العالم الإسلامي







رسالة إلى المشايخ والدعاة وطلبة العلم ... في أقطار العالم الإسلامي


 


 


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين .


 


أما بعد :


 


فقد نسمع ونرى بعض المواقف ؛ عندما يُقال لفلان من أهل العلم صغيراً
كان أو كبيراً ، صاحب سنة أو مخالف – قلتُ : بعض - :


نريد منكم محاضرة أو درساً ؛ فربما بادر بالسؤال :


كم عدد الحضور ؟


أو هل فيه حضور كثير ؟


 


أو يقال له ابتداءً :


يا شيخ ! الحضور في جمع كبير من الناس – كطعم له وفتح شهية - !


فيسعد الشيخ فلان ، أو الداعية فلان أو طالب العلم بذلك ويتهلل وجهه ، ويبادر بالموافقة .


 


وإذا قيل له : الحضور لا بأس به ؛ رأيت التلوي والتمطط ، وبدأت الأعذار ... والله المستعان !


 
- أما من كان الأمر عنده سيّان ؛ حضور قليل أو كثير ؛ هو يلبي الدعوة
؛ فليس الحديث موجهاً إليه . وكلاً يعلم من نفسه ما في نفسه - .


 


ونجد العلماء الأجلاء الراسخون في العلم ؛ يأبون تعمد هذا التكاثر ، وإن حصل لهم بغير قصد ؛ فهذا فضل من الله تعالى .


 


وقد استفدت في أول الطلب من شيخي العلامة بقية السلف صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ؛ درساً ، إذ قال لي مرة ونحن نتحدث عن مسألةِ كثرة الحضور للدرس من قلته :


"لا يهمنا الكَّم ، ولكن [أو بقدر] يهمنا الكيف" .


 


وتذكرتُ قول الإمام أحمد وهو يُنَفِّر طلبته وأصحابه مِن حبّ الشهرة ، فقال :


"أَخْمِـُلْ ذِكْرَكَ ، فَإِنِّي أَنَا قَدْ بُلِيت بِالشُّهْرَةِ" .


 


 


وأنقل موقفاً فيه عِظة ودرس عملي لأهل العلم – صغيرهم وكبيرهم - من عالمٍ ناصح مجاهد ؛ محدِّث العصر بِلا منازع ؛ ألاَ وهو :


"ناصر الدين الألباني" رحمه الله .


اقتبسته ونقلته من كتابةٍ للأخ الفاضل إحسان بن محمد بن عايش العتيـبي - وفقه الله - بتاريخ 23 / جمادى الآخر / 1420 هـ :


 


"جاء مرة بعض الإخوة من بنغلادش – من أهل الحديث – وقالوا للشيخ : إن عددهم حوالي أربعة ملايين وإنهم يودون بزيارة الشيخ لهم هناك ، وقد جهزوا ملعباً يتسع لأعداد كبيرة للقائه والاستماع إليه ، فرفض الشيخ الدعوة . فقال الداعي :


إنها أسبوع يا شيخ !!         فرفض الشيخ .


فأنزل المدة إلى ثلاثة أيام !!   فرفض الشيخ .


فأنزلها إلى يوم واحد !!        فرفض الشيخ وبشدة .


فقال الداعي في النهاية : نريد محاضرة وتغادر على نفس الطائرة !!


فرفض الشيخ وبشدة أيضاً .


فتعجب الرجل من رفض الشيخ وكذلك الذين معه ، وانصرف الرجل حزيناً ، فسأل الأخُ أبو ليلى - وهو الذي حدَّث بهذه القصة – الشيخَ : لم رفضت يا شيخ ؟


فرد عليه رحمه الله : ألم تسمع ماذا قال ؟


فقال أبو ليلى – محمد بن أحمد - : وماذا قال يا شيخ ؟ فقال :


ألم تسمع قوله : إنهم أربعة ملايين !!


فتصور أني أحاضر بمثل هذا العدد !


فهل آمن على نفسي من الرياء ؟!!


 


وكان درساً عظيماً من الشيخ لتلاميذه وللناس جميعاً بالبعد عن المواضع المهلكة للداعية" . انتهى .


 



قلتُ – أبو فريحان - : أربعة ملايين! وأبَى الشيخ الألباني أن يحاضر فيهم .


فما بال بعض الدعاة أو المشايخ يتفاخر - إذا ذهب ألقى محاضر أو دورة علمية أو درساً خارج البلاد أو داخلها – بحضور ألفين أو أربعة آلاف شخص ، ثم يرجع ويقول كان الحضور 3 – 6 آلاف شخص في الدرس ! وقد يكتب ذلك في المنتديات : "رحلتي إلى ..." ! سبحان الله .


مسكين ! هزمه الشيطان فاغتر بنفسه .


أوْ مَن حاضر في ملعب كرة قدم ، وقال متفاخراً : حضر (10 آلاف شخص) .


يا ضعيف .. يا مسكين (أين 10 آلاف من 4 ملايين ؟! ) .


هؤلاء الـ ... لو حاضروا في 4 ملايين ؛ لأغمي عليهم من الإعجاب والغرور ، ولانتفخوا من الرياء والسمعة .


 


فاللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علما نافعاً ، وعملاً صالحاً متقبلاً  .
وارزقنا تواضعاً لا سمعة فيه .


 


قيّده /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


الجمعة 27 / 6 / 1425هـ .