الجمعة، 19 أغسطس 2016

العمل الصالح لا يكون صالحاً إلا بثلاثة شروط

 
 
 
العمل الصالح لا يكون صالحاً إلا بثلاثة شروط
 
 
 
قال العلامة المفسر محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (ت 1393هـ) في تفسير الآية الثانية من سورة الكهف  :
 
 
 
"وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : {الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} [الكهف : 2] : بَيَّنَتِ الْمُرَادَ بِهِ آيَاتٌ أُخَرُ ، فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَكُونُ صَالِحاً إِلَّا بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ .
الْأَوَّلُ :
 
أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكُلُّ عَمَلٍ مُخَالِفٍ لِمَا جَاءَ بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِصَالِحٍ ، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ ، قَالَ تَعَالَى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الْآيَةَ [الحشر : 7] ، وَقَالَ : {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء : 10] ، وَقَالَ : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} الْآيَةَ [آل عمران: 31] ، وَقَالَ : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} الْآيَةَ [الشورى : 21] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
 
الثَّانِي :
 
أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مُخْلِصًا فِي عَمَلِهِ لِلَّهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ، قَالَ تَعَالَى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْآيَةَ [البينة : 5] ، وَقَالَ : قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ [الزمر : 11 - 15] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
 
الثَّالِثُ :
 
أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَبْنِيًّا عَلَى أَسَاسِ الْإِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ كَالسَّقْفِ، وَالْعَقِيدَةَ كَالْأَسَاسِ، قَالَ تَعَالَى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} الْآيَةَ [النحل : 97] ، فَجَعَلَ الْإِيمَانَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ .
 
 
 
وَبَيَّنَ مَفْهُومَ هَذَا الْقَيْدِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، كَقَوْلِهِ فِي أَعْمَالِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ :
{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان : 23] .
 
وَقَوْلِهِ : {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ} الْآيَةَ [النور : 39] .
 
وَقَوْلِهِ : {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} الْآيَةَ [إبراهيم : 18] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ .
"أضواء البيان" (4 / 12-13) ط. دار عالم الفوائد .
و ط. "الرئاسة العامة لإدارات البحوث والإفتاء" (4 /8-9) السعودية .
 
 
 
وقرّر ذلك أيضاً الشيخ علامة الجنوب زيد بن محمد المدخلي ،
فقال :
 
"لقبول العبادة ثلاث شروط :
 
الصواب والإخلاص وصحة المعتقد .
والصواب : معناه : أن تكون العبادة على مراد الله ومراد رسوله  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
 
والإخلاص : أن يتوجه العبد بجميع أعماله إلى الله وحده دون سواه رجاء رضاه ورحمته وخشية سخطه وعقوبته" .
 
"سلم الوصول إلى بيان الستة الأصول" (ص 61) تحقيق : فواز المدخلي . ط. المنهاج 1424هـ .
 
 
 
وقال أيضاً في "أبرز الفوائد من الأربع القواعد" (ص 27) تحقيق : فواز ، ط. المنهاج 1424هـ :
"أسباب القبول – يعني للعمل – وهي :
 
1- الصواب فيه .
 
2- والإخلاص في العمل .
 
3- صحة المعتقد .
 
وكتب الشيخ فواز المدخلي في الحاشية قائلاً : قال شيخنا زيد المدخلي – حفظه الله - :
 
"زيادة الشرط الثالث زيادة في الإيضاح والتفصيل وإلا فهو يدخل في الشرطين السابقين وله صور منها :
 
أنّ الرجل قد يكون قبورياً وثنياً ولكنه قد يأتي بالصلاة والعبادة على وجهها الصحيح – أي صواباً – وهو في نفس الحال مخلصاً العمل لله ولكنه فاسد الاعتقاد ، أي : قبوري وثني .
 
قال : وهذا له وجهة من الصحة وهو ما اخترته" . انتهى .
 
 
 
 
 
نقله /
 
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
 
8/ 3 /1430هـ.