الاثنين، 16 مايو 2016

آداب وفوائد: [فائدة فقهية عن شهر شعبان]


آداب وفوائد:

[فائدة فقهية عن شهر شعبان]

فضل الصيام في شهر شعبان

 
 

عَنْ حِبٍّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ:

(ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)" .

أخرجه أحمد (5/201) والنسائي (2357) والبيهقي في "شعب الإيمان"

(3/377 ) .

وحسن إسناده الألباني في "الإرواء" (4 / 103) ، وقال: قال المنذري في "مختصر السنن" (3 / 320) : "وهو حديث حسن".

وانظر "صحيح الترغيب" (1022).
 

قال العلامة السندي في "شرح سنن النَّسائي" (4 / 202) :

"قَوْله: (وَهُوَ شَهْر تُرْفَع الْأَعْمَال فِيهِ إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ)؛ قِيلَ:

مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْفَع إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ؟ قُلْتُ:

يَحْتَمِلُ أَمْرَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ الْجُمُعَةِ فِي كُلِّ اِثْنَيْنِ وَخَمِيس، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ ؛ فَتُعْرَضُ عَرْضاً بَعْد عَرْضٍ ، وَلِكُلِّ عَرْضٍ حِكْمَة يُطْلِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ يَسْتَأْثِرُ بِهَا عِنْدَهُ ؛ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيَةٌ.

ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُعْرَضُ فِي الْيَوْم تَفْصِيلًا ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ جُمْلَةً أَوْ بِالْعَكْسِ".
 

وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ ، فَقُلْتُ : أَخْبِرِينِي عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ:

(كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ شَهْراً أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ ؛ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلاً ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ).

رواه البخاري (1868)، ومسلم (176- 1156)، والنسائي (2179) واللفظ له.

 

قَالَ الطيبي: "وَالْمَعْنَى : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ فِي شَعْبَانَ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ سِوَى رَمَضَانَ ، وَكَانَ صِيَامُهُ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ فِيمَا سِوَاهُ كَذَا".

"شرح المشكاة" (5 / 1603) ، ونقله القاري في "مرقاة المفاتيح" (4 / 531).
 

قلتُ: قولُه: (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ) : ليس معناه؛ أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصون شهر شعبان كاملاً كما يصوم رمضان ؛ فإن الجملة قبلها : (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلاً) تفسرها.
 

وتُجمعُ الروايات بعضها إلى بعض لفهم السنة ففي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْراً كُلَّهُ؟ قَالَتْ:

(مَا عَلِمْتُهُ صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إِلَّا رَمَضَانَ) .

رواه أحمد (6 / 171)، ومسلم (173- 1156)، والنسائي (2184). وصححه الألباني .
 

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: (مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْراً كَامِلًا قَطُّ ؛ غَيْرَ رَمَضَانَ).

رواه أحمد (1 / 271، 301، 321) ، ومسلم (1157).
 

ومِنْ حديثِ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: (مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلًا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلَّا رَمَضَانَ) .

رواه أحمد (6 / 157). وصححه الألباني في "التعليقات على ابن حبان" (357).

 

جمعه وكتبه /

أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي.

4 / 6 / 1427ه