آداب وفوائد:
[فائدة فقهية عن شهر شعبان]
فضل الصيام في شهر شعبان
عَنْ حِبٍّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ!
لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ:
(ذَلِكَ
شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ
فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا
صَائِمٌ)" .
أخرجه أحمد (5/201) والنسائي (2357) والبيهقي في
"شعب الإيمان"
(3/377
) .
وحسن إسناده الألباني في "الإرواء" (4 /
103) ، وقال: قال المنذري في "مختصر السنن" (3 / 320) : "وهو حديث حسن".
وانظر "صحيح الترغيب" (1022).
قال العلامة السندي في "شرح سنن النَّسائي"
(4 / 202) :
"قَوْله:
(وَهُوَ شَهْر تُرْفَع الْأَعْمَال فِيهِ إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ)؛ قِيلَ:
مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ
أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْفَع إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ
وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ؟ قُلْتُ:
يَحْتَمِلُ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ عَلَى
اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ ، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ الْجُمُعَةِ فِي
كُلِّ اِثْنَيْنِ وَخَمِيس، ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُ السَّنَةِ فِي شَعْبَانَ
؛ فَتُعْرَضُ عَرْضاً بَعْد عَرْضٍ ، وَلِكُلِّ عَرْضٍ حِكْمَة يُطْلِعُ عَلَيْهَا
مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ يَسْتَأْثِرُ بِهَا عِنْدَهُ ؛ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى
لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِيَةٌ.
ثَانِيهِمَا: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا تُعْرَضُ فِي
الْيَوْم تَفْصِيلًا ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ جُمْلَةً أَوْ بِالْعَكْسِ".
وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ ،
فَقُلْتُ : أَخْبِرِينِي عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَتْ:
(كَانَ
يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ ، وَلَمْ
يَكُنْ يَصُومُ شَهْراً أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ ؛ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا
قَلِيلاً ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ).
رواه البخاري (1868)، ومسلم (176- 1156)، والنسائي
(2179) واللفظ له.
قَالَ الطيبي: "وَالْمَعْنَى : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ فِي شَعْبَانَ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ
سِوَى رَمَضَانَ ، وَكَانَ صِيَامُهُ فِي شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ فِيمَا
سِوَاهُ كَذَا".
"شرح
المشكاة" (5 / 1603) ، ونقله القاري في "مرقاة المفاتيح" (4 / 531).
قلتُ: قولُه: (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ) : ليس
معناه؛ أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصون شهر شعبان كاملاً كما يصوم رمضان
؛ فإن الجملة قبلها : (كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلاً) تفسرها.
وتُجمعُ الروايات بعضها إلى بعض لفهم السنة ففي الحديث
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْراً كُلَّهُ؟ قَالَتْ:
(مَا
عَلِمْتُهُ صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إِلَّا رَمَضَانَ) .
رواه أحمد (6 / 171)، ومسلم (173- 1156)، والنسائي
(2184). وصححه الألباني .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: (مَا
صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْراً كَامِلًا قَطُّ ؛ غَيْرَ
رَمَضَانَ).
رواه أحمد (1 / 271، 301، 321) ، ومسلم (1157).
ومِنْ حديثِ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: (مَا
صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلًا مُنْذُ قَدِمَ
الْمَدِينَةَ إِلَّا رَمَضَانَ) .
رواه أحمد (6 / 157). وصححه الألباني في "التعليقات
على ابن حبان" (357).
جمعه وكتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي.
4 / 6 / 1427ه