اعتبروا يا دعاة الفتنة ، وتهييج الرعية للخروج على
الراعي في هذه الرسالة مِن إمام مِن أئمة الهدى :
من
محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الشيخ عبد العزيز بن .... المحترم ... سلمه الله .
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد :.......
بلغني
أن موقفك مع الإمارة ليس كما ينبغي ، وتدري بارك الله فيك أن الإمارة ما قصد بها
نفع الرعية ، وليس من شروطها أن لا يقع منها زلل ، والعاقل بل وغير العاقل يعرف أن
منافعها وخيرها الديني والدنيوي يربو على مفاسدها بكثير . ومثلك إنما منصبه منصب
وعظ وارشاد ، وإفتاء بين المتخاصمين ، ونصيحة الأمير والمأمور بالسر وبنية خالصة
تعرف فيها النتيجة النافعة للإسلام والمسلمين .
ولا
ينبغي أن تكون عثرة الأمير أو العثرات نصب عينيك والقاضية على فكرك والحاكمة على
تصرفاتك ؛ بل في قم السر بواجب النصيحة ، وفي العلانية أظهر وصرح بما أوجب الله من حق
الإمارة والسمع والطاعة لها ؛ وأنها لم تأت لجباية أموال وظلم دماء وأعراض من
المسلمين ، ولم تفعل ذلك أصلاً ؛ إلا أنها غير معصومة فقط ؛ فأنت كن وإياها آخرين :
أحدهما : مبين واعظ ناصح .
والآخر : باذل ما يجب عليه كاف عن ما ليس له .
إن
أحسن دعا له بالخير ونشط عليه ، وإن قصر عومل بما أسلفت لك ، ولا يظهر عليك عند
الرعية ولا سيما المتظلمين بالباطل عتبك على الأمير وانتقادك إياه ؛ لأن ذلك غير
نافع الرعية بشيء ، وغير ما تعبدت به، إنما تعبدت بما قدمت لك ونحوه ، وأن تكون
جامع شمل ، لا مشتت ، مؤلف لا منفر .
واذكر
وصية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ وأبي موسى : " يسر ولا
تعسر، وبشروا ولا تنفروا، وتطاوعا ولا تختلفا " أو كما قال صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وأنا
لم أكتب لك ذلك لغرض سوي النصيحة لك ، وللأمير ، ولكافة الجماعة ، ولإمام المسلمين
.
والله
ولي التوفيق . والسلام عليكم..............
(ص/
م 54 في 20 / 8 / 1375هـ)
"فتاوى
ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم" (12 /182-183/ رقم 3892) لسماحة الشيخ
محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (ت 1389هـ) مفتي المملكة ورئيس القضاة
والشؤون الإسلامية ، جمع وترتيب وتحقيق : محمد بن عبد الرحمن بن قاسم ، الطبعة:
الأولى 1399هـ ، الناشر : مطبعة الحكومة بمكة المكرمة .
نقله
/
أبو
فريحان جمال بن فريحان الحارثي .