مِن ذاكِرة
التاريخ :
أول مَن أيد
المظاهرات في الدول العربية وأثنى عليها وهيّج أهلها :
المـَدْعُوّينَ بـ"دعاة
الصحوة" عام 1410هـ ـــ 1989م تقريباً :
العودة ،
والحوالي ، والقرني . التاريخ يشهد ويكتب ولا يترك .
نبذة مختصرة كمقدمة لمن لم يكن حاضر
الساحة وقتها :
إنّ شخصيات من يُدْعَون بـ"رموز
الصحوة" التي بدأت قبل حرب الخليج الأولى عندما احتل صدام "دولة الكويت
الحبيبة" عام 1410هـ بسنوات ، وكان لهم موقف غير مُشرِّف وقتها ضد
"الحكومة السعودية" وكانوا مع صدام ، وحينها كان موقفهم أسوء من سيئ
تجاه المجاهد السلفي "جميل الرحمن" الأفغاني أيام جهاد الأفغان ضد الروس
، وكانوا يداً واحدة ضد السلفية والسلفيين ، والتاريخ موُثِّق مواقفهم .
ثم جاءت وخرجت "جبهة
الانقاذ" الخارجية في الجزائر وكان موقفهم مؤيداَ ومؤازراً لهم ، وكلماتهم في
ذلك مسجلة ومحفوظة وإن كانت في "أشرطة كاسيت" وقتها ؛ فقد حُفظت في سطور
أيضاً عند من كان مهتماً في فضحهم حينها ، وكانوا ممن يؤيدون المدعو "علي بن حاج"
وزمرته عندما جهز من "حزبه" أقواماً بقيادته ليقاتل مع صدام ضد
"الحكومة السعودية" – التاريخ لا يرحم - .
وفي عام 1410هـ ـــــ 1989م تقريباً خرج الهمج الرعاع من
الجزائريين بسبب همجية الخوارج "جبهة الانقاذ" – زعموا – وكبيرهم الذي
قادهم للضلال "علي بن حاج" ومن ضمن المظاهرات ، خرج نساء في الشوارع
يتظاهرن ، فماذا حدث من تصرفات ومواقف مِن "رموز الصحوة" في بلادنا
السعودية "دولة التوحيد والسنة" ؟
انبرى رموز "دعاة - التهييج –
الصحوة" زعموا ، واجتمعت كلمتهم على لسان رجل واحد في وقتٍ واحد وكأنهم
يتكلمون في غرفة واحدة وقتها ، بينما أحدهم في القصيم – شمال المملكة العربية
السعودية - ، والآخر في جُدة – غرب المملكة - ، والثالث في أبها – جنوب المملكة -
.
فكيف اتحدت كلماتهم وأسلوبهم ومنهجهم
إن لم يكونوا على معتقد واحدٍ ونهجٍ واحد ؟
ننتقل لأقوال "دعاة الفتن" وإلى
المضمون :
الأول :
قال سلمان بن فهد العودة
في شريط له بعنوان : "للنساء فقط" :
"اننا سمعنا في
البلاد الاخرى أخبار سارة على العودةِ الصادقة خاصة في اوساط الفتيات الى الله عز
وجل ؛ كل الناس سمعوا بالمظاهرة الصاخبة في الجزائر ، وقادتها مجموعة من النساء
وبلغ العدد فيها ما يزيد على مئات الالوف!" . تجده مسطر في الكتاب المذكور (ص
344) .
ثاني "دعاة
الفتنة والتهييج السياسي" :
قال سفر بن عبد الرحمن
الحوالي في شرح "العقيدة الطحاوية"
شريط رقم(2 / 185):
"لمـّا الدُّعاة
والمشايخ قالوا : نطلع مسيرة ؛ طلع ثلاثة مليون ، ناس قالوا : أخرجوا يريدون حكم الله
، أخرجوا" .
وقال أيضاً في نفس
الشريط :
"إنّ المظاهرة
النسوية اسلوب من أساليب الدعوة والتأثير !" .
سطّر هذه الفقرة صاحب
"المصد السابق" (ص 344) وفي بعض الطبعات الأخيرة (ص 402).
ثالث الأثافي :
قال عائض بن عبد الله القرني في خطبة
جمعة في تلك السنة :
"والذي نفسي بيده ! لقد خرج في
الجزائر في يومٍ سبعمائة ألف امرأة مسلمة متحجبة يطالبن بتحكيم شرع الله!" .
وكانت خطبة مسجلة وطاروا بها أتباعه
ومحبيه الآفاق في 24 ساعة ، وتجدون ما كتبته هنا مسطّر في كتاب :
"مدارك النَّظر في السّياسة بين التطبيقات الشّرعية والانفعالات الحَمَاسية"
(ص 341) على اختلاف الطبعات المتعددة .
تأمل أخي القاري !
كيف يُطلق القرني القسم جزافاً !
هل كان معهن وأتمَّ عدَّهن ؟
أم سيقول : حدّثني الثقة – الكذّاب - ؟
ثم كيف يجرؤ القرني على موافقة خروج
النساء في الشوارع متظاهرات والله قد أمرهن بالقرار في البيوت ؟!
تنبيه وتنويه هام :
تأييد القوم المذكورة أسمائهم أعلاه للمظاهرات النسائية خاصة – أقولها لمن لم
يكن في ذلك الوقت حاضر الساحة – ؛ يتزامن بعد خروج نِسوة تظاهرن في
"السعودية" قبل حرب الخليج المذكورة ، فالقوم يدندنون على وترٍ واحد لتهييج
الشعب السعودي نساءً ورجالاً ولم يخفَ ذلك على من كان عنده أدنى نصيرة ، ومن
الدلائل :
يقول سلمان العودة في شريط له بعنوان : "هموم داعية" :
"" إنّني أعتقد أنّ زمن الشّكوى قد انتهى أو كاد أن ينتهي ـ أعني ـ
أنّ دور الخيِّرين والخيِّرات لا يجوز أبدا أن يتوقف عند مجرد رفع الشّكاوي إلى
الجهات المختصة حصل كذا وحصل كذا ...
ضغوط الناس لا يمكن إهمالها بحال من الأحوال الآن !
ونحن في عصرٍ صار للجماهير تأثير كبير ، فأسقطوا زعماء كبار ، وهزّوا عروش ، وحطّموا
أسواراً وحواجز ، ولازالت صورة العزَّل الذين يواجهون الدّبابات بصدورهم في
الاتحاد السوفيتي .." .
"المصدر السابق" (ص 266) .
يستخلص القاري ويستنتج - ولسنا نحن نستنتج له – مما سبق من النقولات عن
"دعاة الفتنة" ما يلي :
1) تأييد كامل للمظاهرات مطلقاً ؛ وهذا مأخوذ من تأييدهم للمظاهرات النسائية ؛
فهل ترى أنهم يمانعون ويُحرمون مظاهرات الرجال ؟!
2) تهييج صريح للشعوب في الخروج على الحكام ، وهذا ما كان يدندنون حوله في تلك
الحقبة "دعاة – الفتنة - الصحوة" المزعومة .
3) بغضهم للسلفيين قديماً ومتأصِّل فيهم وليس وليد اليوم .
4) بغضهم لحكام "دولة التوحيد" قديماً أيضاً ، وتجلى ذلك في
"حرب الخليج" المذكورة . وليس وقته بيان ذلك ، ولو كتبنا لملأنا رُزم
أوراق .
5) اجتماع كلمتهم على أعداد النسوة اللاتي تظاهرن الهائل – بمئات الآلاف بل
وصلوا ملايين ، فالسؤال : مَن تمكن من عدِّهن وعدهم ؟
6) جعلوا المظاهرات المخالفة للشريعة و"البدعية"
والتي هي من عادات الكفار ؛ جعلوها أسلوب من أسليب الدعوة للإسلام ، مخالفين جمهور
علماء الأمة المعتبرين الذين يُحرمون المظاهرات عموماً سلمية وغير سلمية ، سمح أو
لم يسمح بها ولي الأمر .
7) مَن هم الدعاة والمشايخ الذي أفتوا بالمظاهرات وقتها
وأمروا الناس الخروج في الشوارع ؟!
أليس هو "علي بن حاج" الجزائري الخارجي الذي خالف علماء
ومشايخ ودعاة عصره ، وصرح بنفسه ، فقال بلسانه في مسجد (السنّة!) بباب الوادي
بالجزائر العاصمة ، عقب فتنة (5 ـ أكتوبر ـ 1988م) مباشرة ، ليلة الاثنين بعد صلاة
المغرب والعشاء جمع تقديم ؛ لأنّها صلاة خوف!! :
"قام شبه إجماع من الدّعاة على ترك المسيرة أو
المظاهرة ، والعبد الضّعيف ـ يقصد نفسَه ـ يرى القيام بها - يعني المظاهرات - ، فإن وافقتم فكبّروا،
وإلا رجعنا إلى بيوتنا!!! "، فكبّر هوامُّ االعوامِّ عن بكرة أبيهم، فقرّر في
حينه مسيرة سلمية! سلمية! مات فيها المئات من الشباب في مقتبل العمر!!" .
نقلاً عن كتاب "مدارك النظر" (ص 259) .
يقول قائل : ما لكم تنبشون الماضي وقد رجعوا وسلكوا مسلكاً
آخر ؟
نقول : أي مسلكٍ سلكوا ؟! فليبينوا لنا ويوضحوا منهجهم المتلون !
وشروط الرجعة والتوبة معروفة لدى أهل العلم :
أن يكتب ويُعلن الرجل بأنه كان يقول كذا وكذا
وهو خطأ ، وأنا اليوم أقول كذا وكذا وهو الحق .
وينشر ذلك في أشرطة وكتب ومقالات حتى يُستفاض
عنه رجوعه وتوبته كما نشر الباطل في أشرطة وغيرها .
وبالله التوفيق .
كتبه باختصار من ذاكرة التاريخ /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
11 / 10 / 1437هـ