فائدة :
ما المقصود بِـ"دُبُرِ
الصَّلَوَاتِ" في مسألة الدعاء ومسألة الأذكار ؟
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! : أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ :
(جَوْفَ
اللَّيْلِ الآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ) .
رواه
الترمذي (3499) وَقَال : "حَدِيثٌ حَسَنٌ" ، وحسنه الألباني . وانظر "المشكاة"
(968، 1231) .
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (إِنِّي
لَأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ) . فَقُلْتُ : وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ !
قَالَ :
( فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ : "رَبِّ أَعِنِّي
عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ") .
وفي
لفظ :
"فَقَالَ مُعَاذٌ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي !
وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ :
(يَا مُعَاذُ أُوصِيكَ أَنْ لَا تَدَعَنَّ فِي
دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ : ..) .
قَالَ : وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ :
الصُّنَابِحِيَّ ، وَأَوْصَى الصُّنَابِحِيُّ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
وَأَوْصَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ" .
رَوَاهُ
أَحْمَدُ (5 / 244، 247) ، وَأَبُو دَاوُد (1522) ، وَالنَّسَائِيّ (1303) ، وابن
خزيمة (751) ، وابن حبان (2017) .
وصححه
الألباني .
قَالَ ابن القيِّمُ : "وَدُبُرُ الصَّلَاةِ : يَحْتَمِلُ
قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ .
وَكَانَ شَيْخُنَا يُرَجِّحُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ
السَّلَامِ ، فَرَاجَعْتُهُ فِيهِ ، فَقَالَ : دُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ،
كَدُبُرِ الْحَيَوَانِ" .
"زاد المعاد" (1 / 305) .
ووافقهما محقق العصر العثيمين في عبارة موجزة مفيدة
محفوظة ومفهمة فقال:
"ما ورد من
الدعاء مقيداً بدبر الصلاة ؛ فهو قبل السلام ، وما ورد من الذكر مقيداً بدبر
الصلاة ؛ فهو بعد الصلاة" .
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"وَالدُّعَاءُ قَبْلَ السَّلَامِ أَفْضَلُ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ ، وَالْمُصَلِّي
قَبْلَ السَّلَامِ ؛ لَمْ يَنْصَرِفْ ؛ فَهَذَا أَحْسَنُ . وَاَللَّهُ تَعَالَى
أَعْلَمُ" .
"مجموع الفتاوى" (23 / 177) ، و "الفتاوى
الكبرى" (2 / 265) .
قلتُ : الأذكار المقيدة بأدبار الصلوات مثالها كما
يأتي :
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ :
(لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ
لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،
اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لَمَا مَنَعْتَ ، وَلاَ
يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ)
.
رواه الدرمي (1389) ، والبخاري في "الأدب
المفرد" (460) . وأصل الحديث في الصحيحين .
قلتُ : ويُوضح المقصود بالأذكار في دبر الصلاة أنها بعد
السلام ؛ رواية البخاري الصريحة وفيها :
"كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ
إِذَا سَلَّمَ .." (6330) .
حديث آخر :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
( يُكَبِّرُ أَحَدُكُمْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ :
عَشْراً ، وَيَحْمَدُ عَشْراً ، وَيُسَبِّحُ عَشْراً ؛ فَذَلِكَ خَمْسُونَ
وَمِائَةٌ عَلَى اللِّسَانِ ، وَأَلْفٌ خمسمائة فِي الْمِيزَانِ
) .
رواه البخاري في "الأدب" (1216) .
وصححه الألباني .
والله أعلم .
كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
8 / 9 / 1437ه