من
آداب الجلوس في الطريق
بمعنى : إذا أردت أن تجلس على طريق المارة يا عبد الله ؛ فعليك القيام بما في الأحاديث
من أوامر وآداب ، وإلا فالأصل النهي ؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الذي
سيأتي ضمن الروايات والألفاظ التي جمعها الشيخ الألباني وأوله :
"( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْأَفْنِيَةِ وَالصُّعُدَاتِ أَنْ يُجْلَسَ فِيهَا )
فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : لَا نَسْتَطِيعُهُ، لَا نُطِيقُهُ ، قَالَ :
( أَمَّا لَا فَأَعْطُوا حَقَّهَا )" .
قَالُوا : وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟" .
(الْأَفْنِيَةِ) : حرم الدار وما حولها .
وَ (الصُّعُدَاتِ) جمع الجمع ، ومفرده صعيد : وهو الطريق ، والجمع صُعُد .
وسيأتي الحديث والنقل من "الصحيحة :
قَالَ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الصُّعُدَاتِ ،
"وَفِي رِوايَةٍ
: الطُّرُقِ" فَإِنْ كُنْتُمْ
لابُدَ فَاعِلِينَ ؛ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ . قِيلَ : وَمَا حَقُّهُ
؟ قَالَ : غَضُّ الْبَصَرِ ، وَرَدُّ
السَّلامِ ، وَإِرْشَادُ الضَّالِّ ) .
"الصحيحة" (2501) .
{ بعض الروايات والألفاظ فيها زيادات
عن بعضها البعض مفيدة من آداب الطريق } :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ...
قَالُوا : وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :
(إِدْلَالُ السَّائِلِ ، وَرَدُّ
السَّلَامِ ، وَغَضُّ الْأَبْصَارِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ
عَنِ
الْمُنْكَرِ) .
"الأدب المفرد" (1149) .
" إسناده صحيح على شرط مسلم" .
والأخرى
: عَنْهُ بِلَفْظ :
(غَضُّ
الْبَصَرِ ، وَإِرْشَادُ ابْنِ السَّبِيلِ ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ
اللَّهَ ، وَرَدُّ التَّحِيَّةِ) .
"الأدب
المفرد" (1014) . "إسناده جيد على شرط مسلم" .
عَنِ
الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
بِلَفْظ :
(فَرُدُّوا
السَّلاَمَ ، وَأَعِينُوا الْمَظْلُومَ ، وَاهْدُوا السَّبِيلَ) .
"حديث
حسن" .
{
قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (6/ الأول /14-15) } :
واعلم أن في هذه الأحاديث مجموعة طيبة من
الآداب الإسلامية الهامة بأدب الجلوس في الطُّرُق وأفنية الدُّور ، ينبغي على
المسلمين الاهتمام بها ، ولا سيّما ما كان منها من الواجبات مثل غض البصر عن
النساء المأمور به في كثير من الأحاديث الأخرى ، وفي قول ربنا تبارك وتعالى: ]قُلْ
لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ
أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [. [النور:30] .
فإذا كان هذا الأمرُ الإلهيُّ قد وُجِّه
مباشرةً إلى ذلك الجيل الأول الأطهر الأنور ولم يكن يومئذ ما يمكن أن يُرى من
النساء إلا الوجه والكفان ومن بعضهنّ ، كما تواترت الأحاديث بذلك كحديث الخثعمية ،
وحديث بنت هُبيرة وغيرهما مما هو مذكور في"جلباب المرأة" و"آداب
الزفاف" .
أقولُ : إذا لم يكن إلا هذا ممَّا يُمكن أن
يرى من النِّساء يومئذ ، فإنّ مما لا شك فيه أنه يتأكد الأمرُ بغضِّ النظر في هذا
الزمن الذي وُجدت فيه " النِسَاءُ الكَاسِيَاتُ العَارِيَاتُ" اللاتي
قال فيهن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:
(صِنْفَانِ
مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ ....) الحديث ، وفيه :
(وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ،
مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ ، لاَ يَدْخُلْنَ
الْجَنَّةَ ...) الحديث .
فالواجب على مسلم- وبخاصة الشبابَ منهم- أن
يغضَّوا من أبصارهم ، وعن النظر إلى الصور الخليعة الـمُهيِّجة لنفوسهم ، والـمُحَرِّكة
لكامن شهواتهم ، وأنْ يُبادروا إلى الزواج الـمُبَكِّر إحصاناً لها ، فإن لم
يستطيعوا ، فعليهم بالصوم فإنه وجاءٌ كما قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ،
وهو حديث صحيح مخرج في "الإرواء"(1781 )،
ولا يركنوا إلى الاستمناء "العـادة السرية" مكان الصيام ، فيكونوا
كالذين قال الله فيهم من المغضوب عليهم : ]أَتَسْتَبْدِلُونَ
الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ[؟! [البقرة: 61] .
أسأل الله تعالى أن يستعملنا والمسلمين
في طاعتِه ، وأن أيصْرِفَنا عمّا لا يُرضيه من معصيتهِ ، إنه سميع مجيب .
انتهى من "الصحيحة" .
قلتُ : وتتلخص آداب الجلوس
على الطريق والأماكن المشرفة على طريق المارة – كالجلوس على الدِّكاك والأرصفة في
الأحياء - التي ذُكرت في الأحاديث أعلاه فيما يلي :
1- غَضُّ الْبَصَرِ . 2- وَرَدُّ
السَّلامِ . 3- وَإِرْشَادُ الضَّالِّ .
4- إِدْلَالُ السَّائِلِ عن أي شيء جهله .
5- الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ . 6-النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ .
7- إِرْشَادُ ابْنِ السَّبِيلِ عَلى الطَّرِيق
. 8- وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ .
وبالله التوفيق .
اختاره ونقله /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
29 / 5 / 1424هـ.