سؤال
لدعاة الثورات الخارجية :
أيُّ المظاهرات المليونية أعظم وأقوى تأثيراً في المجتمع وعلى أرض الواقع:
مليونيةٍ
يدعو إليها عالِمُ أمّة ؟
أَمْ
مليونيةِ حزب سياسي غوغائيين ؟
درس
عظيم لقادة الثورات العربية اليوم – الجحيم العربي- الموسومة
بـ"الخروج على
الحُكّام" .
"قال
أبو بَكْر الخلال : سمعتُ عَبْد الوهّاب الورّاق يقول : ما بَلَغَنَا أن جَمْعاً
فِي الجاهليّة والإسلام اجتمعوا في جنازة أَكْثَرَ مِنَ الْجَمْعِ عَلَى جِنَازَةِ
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل ، حَتَّى بَلَغَنَا أنّ الموضع مُسح وَحُزِرَ
عَلَى الصَّحِيْحِ ؛ فَإذَا هُوَ نَحْوٌ مِنْ أَلفِ أَلفٍ" .
"تاريخ
الإسلام" (18 / 141) تح. التدمري ، و "سير أعلام النبلاء" (11 /
339) الرسالة ، والبداية" (مجلد 5 / جزء 9 / 356) .
وقال
جَعْفَر بْن محمد بْن الْحُسَيْن النَّيْسابوريّ : حَدَّثَنِي فتح بْن الحَجّاج
قال :
"سمعتُ
فِي دار الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر أنّ الأمير بعث عشرين رجلاً يحزروا
كم صلّى على أحمد بْن حنبل ، فحُزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفاً ، سوى من كان فِي
[السَّفَرِ] السُّفُن فِي الماء .
وروى
خشنام بن سعيد فقال : بلغوا – يعني : مَن صلّى على أحمد بْن حنبل - ألف ألف
وثلاثمائة ألف" .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ :
"بَلَغَنِي
أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَفَ النَّاسُ
عَلَيْهِ حَيْثُ صُلِّيَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ؛ فَبَلَغَ مَقَامَ أَلْفَيْ
أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ" .
"الجرح
والتعديل" (1 / 312) ، و "حلية الأولياء" (9 / 180) ، و "تاريخ
الإسلام" (18 / 142) ، و "السير" (11 / 340) ، والبداية" (مجلد
5 / جزء 9 / 356) .
أتدرون
ما "أَلْفَيْ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ" ؟
يعني
: اثنان مليون ونصف المليون نسمة !!
وصدَّقَ
اللهُ تعالى الإمامَ أحمدَ في القول المنقول عنه رحمه الله :
قَالَ
الدَّارَقُطْنِيُّ : سَمِعْتُ أَبَا سَهْلِ بْنَ زِيَادٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : "قُولُوا لِأَهْلِ
الْبِدَعِ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْجَنَائِزُ" .
"تاريخ
الإسلام" (18 / 142) ، والبداية" (مجلد 5 / جزء 9 / 356) .
قال
ابن كثير عقبه : "وَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَهُ فِي هَذَا ، فَإِنَّهُ
رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ إِمَامَ السُّنَّةِ فِي زَمَانِهِ ، وَعُيُونُ
مُخَالِفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ الْقَاضِي ؛ لَمْ يَحْتَفِلْ أَحَدٌ
بِمَوْتِهِ ، وَلاَ شَيَّعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلّاَّ الْقَلِيلَ ،
وَكَذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيُّ مَعَ زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ
وَتَنْقِيرِهِ وَمُحَاسَبَتِهِ نَفْسَهُ فِي خِطْرَاتِهِ وَحَرَكَاتِهِ لَمْ
يُصَلِّ عَلَيْهِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنَ النَّاسِ ، فَلِلَّهِ
الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ" .
"قال
حنبل : اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله وقالوا له : إن الأمر
قد تفاقم وفشا - يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك - ولا نرضى بإمرته ولا
سلطانه ، فناظرهم في ذلك ، وقال :
"عليكم
بالإنكار بقلوبكم ، ولا تخلعوا يداً من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا
تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، وانظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا ؛ حتى يَستريح
بر ، أو يُستراح من فاجر - وقال - : ليس هذا صواب ؛ هذا خلاف الآثار" .
وقال المروذي : سمعت أبا عبد الله : "يأمر
بكف الدماء ، وينكر الخروج إنكارا شديدا" .
الآداب الشرعية" (1 / 175) لابن
مفلح .
قلتُ : لو كانت مظاهرة مليونية قدرها (اثنان
مليون ونصف المليون شخص) أمر بها الإمام أحمد بن حنبل محبيه - وهم علماء
ومشايخ وطلبة علم ، ومعهم العوام أيضاً - للخروج على الخليفة ؛
فهل سيكون لها تغيير
المعادلة على أرض الواقع أم لا ؟
الجواب : في الحسابات ؛ نعم ، سيكون لها تغيير إيجابي ، لأنها من عالم أمة والخارجين من أهل العلم أيضاً ومعهم العوام !
ومع هذا لم يأذن لهم بالخروج على الخليفة بل قال :
"عليكم بالإنكار بقلوبكم ، ولا تخلعوا يداً من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم .." .
فهل من مدّكر ؟!
كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
17 / 12 / 1437هـ .