لاَ تَشْمُت بأَخِيكَ فَيُعَافِيَهُ اللَّهُ
وَيَبْتَلِيكَ
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين .
أما
بعدُ :
فقد
رأيتُ وسمعتُ هنا وهناك من يعيبُ فقيراً لفقره ، وأعرج لعرجته ، ومعتوهٍ لمصيبته ،
وكهلٍ لعجزه ، وهَرِمٍ لذهاب عقله وبلوغه أرذَلِ العُمُرِ ، وأعمى يتأتأ في الطريق
، وجاهل لم يتعلم ، وبليد لقلة ذكائه ، وقبيح الخِلْقَة إما مِن ولادته أو من حادث
حدث له في حياته ... الخ .
فرأيت
البحث في هذه الجزئية التي آلمتني ، وقلتُ في نفسي : ألاَ يخافون هؤلاء أن يكونوا
مثلهم ؟!
فخرجت بهذه الآثار والنُّقُولات التي أسأل الله فيها الإخلاص وأن ينتفع بها
أقواماً .
الأحاديث :
قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لاَ تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ ؛ فَيَرْحَمَهُ [فَيُعَافِيَهُ] اللَّهُ
وَيَبْتَلِيكَ ) .
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (2506) ، وقالَ :
"هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَمَكْحُولٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ وَاثِلَةَ بْنِ
الأَسْقَعِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ" .
وأخرجه
الخرائطي في "اعتلال القلوب" (2 / 387 / 813) ، وابن الأعرابي في
"المعجم" (2 / 788 / 1612) ، والطبراني في "الكبير" (22 / 53
/ 127) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2 / 77-78 / رقم 917-919) ، و أبو
نُعيم في "الحلية" (5 / 186) ، والبيهقي في "الشعب" (5 / 315
/ 6777) ، والبغوي في "السنة" (13 / 141) .
وضعفه
الألباني وغيره من السلف .
وَعَنْ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(
مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ ؛ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ ).
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (2693) وَحَسَّنَهُ
. وابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة" (152) ، والطبراني في
"الأوسط" (7 / 191 / 7244) تح. طارق والحسيني ، والبيهقي في "شعب
الإيمان" (5 / 315 / 6778) وغيرهم .
وضعفه
الألباني ؛ بل حكم عليه بالوضع في "السلسلة الضعيفة" (178) وغيرها .
قلتُ
: ومعناهما صحيح . ويُستأنس بهما وبالحديثين التاليين ؛ مع الآثار التالية التي هي
شواهد للأحاديث في المسألة .
ومعنى الحديثين :
"وَكَأَنَّ مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ ؛ أَيْ : عَابَهُ مِنْ
الْعَارِ ، وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ لَزِمَ بِهِ عَيْبٌ ؛ كَمَا فِي "الْقَامُوسِ"
؛ يُجَازَى بِسَلْبِ التَّوْفِيقِ حَتَّى يَرْتَكِبَ مَا عَيَّرَ أَخَاهُ بِهِ ؛ وَذَاكَ
إذَا صَحِبَهُ إعْجَابُهُ بِنَفْسِهِ بِسَلَامَتِهِ مِمَّا عَيَّرَ بِهِ أَخَاهُ"
.
"سبل السلام" (4 / 368) عطا .
"سبل السلام" (4 / 368) عطا .
وفي
الحديث : (إِنَّ الْبلَاءً مُوَكَّلٌ بالْقَوْلٍ) . عَنِ
الْحَسَنِ وهو مُرسلاً صحيح .
رواه
وكيع في "الزهد" (310) تح. الفريوائي ، وابن أبي الدنيا في
"الصمت" (288) تح. نجم ، و في "الغيبة" (150) .
وجَاءَ مِنْ حديثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ
، وابن مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
مرفوعاً ؛ أخرجهما الخطيب البغدادي في "تاريخه" (7 / 389 / 3923 و 13 / 279
/ 7243) . ولا يصح .
الآثار :
قَالَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
: "لاَ تُعَيِّرُوا أَحَداً ؛ فَيَفْشُوَ فِيكُمُ الْبَلَاءُ" .
"البداية والنهاية" (10 / 71) .
وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
"لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ ؛ لَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ [أَحُورَ]
كَلْباً" .
رواه
ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 390/ 5598) ، والبغوي في "شرح
السنة" (13 / 141 / 3562) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (33 / 170)
، وانظره في "سير أعلام النبلاء" (1 / 496) .
وقَالَ
ابْنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "إِنَّ الْبلَاءَ مُوَكَّلٌ بالْقَوْلٍ"
.
أخرجه
ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 390 / 5599) ، ووكيع في
"الزهد" (311، 312) تح. الفريوائي ، وهناد السِّري في "الزهد"
(2 / 570 / 1193) ، و"شرح السنة" (13 / 141 / 3562) .
"سَخِرَ" منه وبه : هزئ به .
"الحَوْرُ"
: الرُّجُوعُ إِلى الشَّيْءِ ، أَيْ : يَكُونَ كلباً مثله .
"وَكُلُّ
شَيْءٍ تَغَيَّرَ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ فَقَدْ حارَ يَحُور حَوْراً" .
"اللسان"
(4 / 217) .
وقَالَ
ابْنُ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "لَوْ أَنَّ رَجُلاً عَيَّرَ رَجُلاً
بِرَضَاعِ كَلْبَةٍ لَرَضَعَهَا" .
أخرجه
الخطيب في "تاريخ بغداد" (13 / 279 / 7243) .
وقَالَ
بَعْضُ السَّلَفِ: " لَوْ عَيَّرْتُ رَجُلاً بالرَّضَعِ ؛ لخشيتُ أَن يَحُورَ
بِي دَاؤُهُ".
قَالَ اللَّيْث : "تَقولُ : رضُع الرجل يرضُع
رضاعة فَهُوَ رَضِيع راضع ؛ أَي : لئيم . وَالْعرب تَقول : لئيم راضع . وَيُقَال
نُعِتَ بِهِ لأنّه يرضَع ناقتَه من لؤمه لئلاَّ يُسمَع صوتُ الشَّخب فيُطْلب لبنه
.
وقَالَ ابْن الْأَعرَابِي : الراضع والرَّضِع :
الخسيس من الْأَعْرَاب ؛ الَّذِي إِذا نزل بِهِ الضَّيْف رضِع شاتَه بفمه لئلاَّ
يسمعهُ الضَّيف" .
"تهذيب اللغة" (1 / 300) لأبي منصور
الهروي (ت 370هـ) . وانظر : "غريب الحديث" (4 / 376) للقاسم بن سلام ، و
"النهاية" (2 / 230) لابن الأثير .
وفي
المثل ؛ قَوْلهم : "لا تسخر من شَيْء فيحُور بك" .
وَقَوْلهمْ
: "لاَ تسخر من قرني وعلٍ أَن يحولا بك" .
"جمهرة
الأمثال" (2 / 400 / 1904) لابن مهران العسكري (ت 395هـ) .
قَالَ
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
"لَوْ
رَأَيْتُ رَجُلاً يَرْضَعُ شَاةً فِي الطَّرِيقِ ، فَسَخِرْتُ مِنْهُ ؛ خِفْتُ
أَنْ لاَ أَمُوتَ حَتَّى أَرْضَعَهَا".
رواه ابن أبي شيبة في
"المصنف" (8 / 390) .
وقَالَ
إِبْرَاهِيم – النّخعيُّ - : "إِنِّي لأرى الشَّيْء ، فأكره أَن أعيبه
مَخَافَة أَن أبتلى بِهِ" .
وفي لفظٍ : "إِنِّي لِأَرَى الشَّرَّ أَكْرَهُهُ ؛ فَمَا يَمْنَعُنِي
أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ أُبْتَلَى بِهِ" .
رواه
وكيع في "الزهد" (313) ، وهناد في "الزهد" (2 / 570 / 1192) ،
وابن أبي الدنيا في "الصمت" (754) و "ذم الغيبة" (151) ، والدينوري
في "المجالسة" (3 / 242 / 889) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5
/ 315 / 6775) ، والبغوي في "شرح السنة" (13 / 141 / 3562) .
أنشد
يعقُوب بن السِّكِّيت من أعلم علماء اللغة (ت 246هـ) :
يصاب
الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرجل
فعثرته
في القول تذهب رأسه ... وعثرته في الرجل تبرا على مهل
قلتُ : وللبيتين قصة ذكرها ابن عساكر في
"تاريخ دمشق" (74 / 156) :
"كان المتوكل قد ألزمه تأديب ولده المعتز
بالله ، فلما جلس عنده ، قال له : بأي شيء يحب الأمير أن نبدأ - يريد من العلوم - ،
فقال المعتز : بالانصراف .
قال يعقوب : فأقوم ؟ قال المعتز :
فأنا أخف نهوضاً منك ، وقام فاستعجل ؛ فعثر
بسراويله فسقط ، والتفت إلى يعقوب خجلاً وقد احمرّ وجهه ، فأنشد يعقوب – البيتين -
، فلما كان من الغد ؛ دخل يعقوب على المتوكل ، فأخبره بما جرى ، فأمر له بخمسين
ألف درهم ، وقال : قد بلغني البيتان" .
عَنْ
يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ قَالَ : "مَا عَابَ رَجُلٌ قَطُّ بِعَيْبٍ ؛ إِلَّا
ابْتَلَاهُ اللهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَيْبِ" .
رواه
البيهقي في "الشعب" (5 / 315 / 6776) ، وابن عساكر في "تاريخ
دمشق" (64 / 105) . وانظر "تنزيه الشريعة" (2 / 295) للكناني (ت
963هـ).
قَالَ
عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلٍ - أَبُو مَيْسَرَة - : "لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً
يُرْضِعُ عَنْزاً فَسَخِرْتُ [فَضَحِكْتُ] مِنْهُ ؛ خَشِيتُ [أَنْ أَكُونَ
مِثْلَهُ] أَصْنَعَ مِثْلَ الَّذِي صَنَعَ" .
رواه
وكيع في "الزهد" (ص 589 / رقم 314) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ
الكبير" (3 / 173 / 4336) ، وابن أبي الدنيا في "ذم البغي" (ص 86 /
رقم 34) .
قلتُ :
الحذر أيها المسلمون من السخرية والاستهزاء بالناس ؛ سواء في كلامهم أو مشيتهم ،
أو قِلة عقله كـ"المعتوه أو الهَرِم أو المريض نفسياً أو عقلياً أو من رُدّ
إلى أرذل العُمُر وذهب عقله – فيتصرف تصرف الصبيان - ونحوهم" ؛ فإنك ستعاقب
عاجلاً أم آجل بلسانك ونطُقك .
فالواقع
خير شاهد على ما يجده الناس في بعضهم البعض عند سخريتهم بشخص في صفة قد اتصف بها ،
أو فعل يفعله ؛ فيجد الإنسان نفسه يفعل مثل فعله ويتلبس بالصفة التي كان قد عابها
على هذا أو ذاك ، وقد تصيبه أو ولده ، فالجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تُدان .
فهذه نماذج مِن قَصص السلف خير شاهد على ما قلنا :
أخرج الخطيب البغدادي بسنده عَنْ ابْنِ الدورقيِّ قال
:
"اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد ؛ فحضرت
صلاةٌ يُجهر فيها ، فقدموا الكسائي يصلي ،
فارتج عليه في قراءة : ]قُلْ
يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ[ .
فلما أنْ سلَّم ، قَالَ اليزيدي : قارئ أهل الكوفة
يرتج عليه فِي ]قُلْ
يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ[ ؟
فحضرت صلاةٌ يجهر فيها ، فقدموا اليزيدي ، فارتج
عليه فِي سورة ]الحمد[ ، فلما أنْ سَلَّم قَالَ :
احفظ لسانك لا تقولُ فتُبْتَلى ..... إِنَّ الْبلَاءَ
مُوَكَّلٌ بالمنطق" .
"تاريخ
بغداد" (11 / 408 / 6290) .
وانظر
: "نزهة الألباء في طبقات الأدباء" (ص 62) لأبي البركات الأنباري (ت
577هـ) ، و "إنباه الرواة على أنباه النحاة" (2 / 263) للقفطي (ت 646هـ)
.
أخرى :
ما أخرجه الخطيب أيضاً
بسنده عن أحمد بن عبيد قال : أَخْبَرَنَا المدائنيُّ قَالَ :
"كان سبب
حبس ابن سيرين في الدَّين ؛ أنه اشترى زيتا بأربعين ألف درهم ، فوجد في زق منه ؛ فأرة
، فقال : الفأرة كانت في المعصرة ، فصب الزيت كله .
وكان يقول : عيَّرت
رجلاً بشيء مُذْ ثلاثين سنة ؛ أحسبني عوقبت به .
وكانوا
يرون : أنه عيَّر رجلاً بالفقر فابتلى به" .
"تاريخ بغداد" (5 / 335 / 2857) ، وابن
الجوزي في "المنتظم" (7 / 139) ، وأورده النووي في "تهذيب الأسماء"
(1 / 84) .
قولُه : "فوجد في زِقٍ منه" الزِّقّ من
الأُهُبِ – الجلود المدبوغة - : كلُّ وعاء اتخذ لشراب ونحوه – كالسِّقاء و العُكَّة
ونحوه - . "اللسان" (10 / 143) .
قَالَ الْحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ :
" كَانُوا يَقُولُونَ : مَنْ رَمَى أَخَاهُ بِذَنْبٍ قَدْ تَابَ إِلَى
اللَّهِ مِنْهُ ؛ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَبْتَلِيَهِ اللَّهُ بِهِ" .
رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (291) و
"ذم الغيبة" (153) .
الخَلاصُ مِنَ الابتلاءِ إذا رأيتَ الـمُبتلى يا عبدالله !
أن
تقول ما أرشدنا إليه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن حديثِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(
مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ ، فَقَالَ :
"الحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ
مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً" .
إِلَّا
عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ ) .
ومِن حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بلفظ :
(
مَنْ رَأَى مُبْتَلًى ، فَقَالَ :
"الحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ
مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً" .
لَمْ
يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ ) .
أخرجهما
الترمذي (3431 ، 3432) ، والبزار في "مسنده" (1 / 237 / 124 و 16 / 63 /
9106) على التوالي . والطبراني في "الدعاء" (797) حديث عمر ؛ بلفظ : (مَنْ
رَأَى عَبْداً بِهِ بَلَاءٌ ..) . والبيهقي في "الشعب" (7 / 506 / 11147
، 507 / 11148) .
وحسن
الألباني الأول وصحح الثاني .
ومِن
حديثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
(
مَنْ فَجِئَهُ صَاحِبُ بَلَاءٍ ؛ فَقَالَ :
"الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ
مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً" .
عُوفِيَ
مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ ؛ كَائِناً مَا كَانَ ) .
رواه
ابن ماجه (3892) ، والطبراني في "الأوسط" (5 / 283 / 5324) .
وحسنه
الألباني .
وانظر
الأحاديث في "صحيح الترغيب" (3392 ، 3393) .
قولُه : (فَجِئَهُ)
؛ أيْ : لقيه فجأة .
فمن عُوفيَ ؛ فليحمد
الله
، وليتذكر كيف لو يحصل له من أخبر عنهم سبحانه وتعالى في قوله تعالى :
]وَاللَّهُ
خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ[ [النحل : 70] .
أما تخشى يا عبدالله أَنْ
تَهْرَمَ فتَصِيرُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ؛ وَهُوَ أَرْدَؤُهُ ، وحَتَّى
لاَ تَعْقِلَ
.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره عند هذه الآية :
"وَقَوْلُهُ : ]لِكَيْ
لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا[ ؛ يَقُولُ :
إِنَّمَا نَرُدُّهُ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
لِيَعُودَ جَاهِلاً كَمَا كَانَ فِي حَالِ طُفُولَتِهِ وَصِبَاهُ ]بَعْدَ
عِلْمٍ شَيْئًا[ فَذَهَبَ ذَلِكَ بِالْكِبَرِ وَنَسِيَ ، فَلاَ يَعْلَمُ مِنْهُ
شَيْئاً ، وَانْسَلَخَ مِنْ عَقْلِهِ ، فَصَارَ مِنْ بَعْدِ عَقْلٍ كَانَ لَهُ ؛ لاَ
يَعْقِلُ شَيْئاً .
]إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ[ ؛ يَقُولُ :
إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْسَى وَلَا يَتَغَيَّرُ عَلِمُهُ، عَلِيمٌ بِكُلِّ
مَا كَانَ وَيَكُونُ، قَدِيرٌ عَلَى مَا شَاءَ، لَا يَجْهَلُ شَيْئًا وَلَا
يُعْجِزُهُ شَيْءٌ أَرَادَهُ" .
كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
كان الانتهاء منه في منتصف ليلة 27 / رمضان /
1437هـ