عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



الأحد، 31 يوليو 2016

عبارة : "بيض الله وجهك" هل وردت على لسان السلف ؟







عبارة : "بيض الله وجهك" هل وردت على لسان السلف ؟


 


وهل هي تزكية أم دعاء ؟


 


نعم ودرت على لسان السلف ، وإليك بعض النقولات :


 


قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ : قال البخاري : "بَيَّضَ اللهُ وَجْهَكَ لَيْسَ فيكَ حِيْلَةٌ فَلاَ يَنْبَغِي لَنَا أَن نُعَنِّي أَنْفُسَنَا" .


"سير أعلام النبلاء" (12 / 452) .


 


عَنْ مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحكم قَالَ : سَمِعتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ :


"مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الْبَيَاضِيِّ بَيَّضَ اللَّهُ عَيْنَيْهِ" .


"الجرح والتعديل" (7 / 325) ، "المجروحين" لابن حبان (2 / 258) ، و "والكامل في الضعفاء" (7 / 389) ، و"الضعفاء والمتروكون" (3 / 73) لابن الجوزي .


 


"قيل لأحمد بن حنبل - "بيض الله وجهه" - : كيف حديث خصيف؟".


"تاريخ دمشق" (36 / 464)


 


قَالَ أَبُو طَالب مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ : جمعني وَأم كُلْثُوم الْمُغنيَة الطَّرِيق وَهِي وافدة على دَغْفَل ، فاستنشدتها فأنشدت قصيدة ، فَقلت لَهَا : لحنت . فَقَالَت : أَو لحنٌ هُوَ ؟ قلتُ : نعم . قَالَت : أصلحه ؛ بيض الله وَجهك" .


"الوافي بالوفيات" (24 / 273) للصفدي (ت 764هـ) .


 


"الملك الناصر صلاح الدين يوسف : فاتح بيت المقدس من أيدي الكفرة اللئام، ومن عبدة الصلبان والأوثان، بيض الله وجهه وأعلى درجته في منازل الجنان" .


"طبقات الشافعيين" (ص 736) لابن كثير .


 


ونخلُص إلى أن عبارة "بَيَّضَ اللهُ وَجْهَكَ" ؛ دعاء وليست تزكية .


 



 
تنبيه :
روي حديثاً بلفظ : (...، ومن اتخذ بيضة ؛ بيض الله وجهه يوم القيامة) .
قال الألباني : "منكراً جداً" . "السلسلة الضعيفة" (565) .











كتبه /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


 

الجمعة، 29 يوليو 2016

اللِّحيّة للرجال وقار وهيبة ، وإكرام ، وتمييز بين الرِّجال وبين النساء .








اللِّحيّة للرجال وقار وهيبة ، وإكرام ، وتمييز بين الرِّجال وبين النساء .


 


 


قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( قُصُّوا [أَحْفُوا] الشَّوَارِبَ ، وَأَعْفُوا [وَفِّرُوا] اللِّحَى ) .      متفق عليه .


 


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ : أَنْ أُعْفِيَ لِحْيَتِي ، وَأَنْ أُحْفِيَ شَارِبِي ) .
"أمالي ابن بشران" (128) .


 


قَالَ تَعالَى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } [الإسراء : 70] .


جاء في تأويلها : "قِيلَ : أَكْرَمَ الرِّجَالَ بِاللِّحَى وَالنِّسَاءَ بِالذَّوَائِبِ" .
"تفسير القرطبي" عند هذه الآية .


 


ورُويَ عَن عَائشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنها قالَتْ :


"وَالَّذِي [سبحان الذي] زَيَّنَ الرِّجَالَ بِاللِّحَى ، والنساء بالذوائب" .


أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10 / 387) .


ولا يصح ، ولكن يُستأنس به .


 



الذُّؤَابَةُ : مَا يَتَدَلَّى مِنْ شعر الرَّأْس ولا يلزم أن يكون في المقدمة . وبعضهم قال : الذُّؤابَةُ مَنْبِتُ الناصيةِ مِنَ الرأْس ، والجَمْعُ الذَّوائِبُ ، وَهِيَ الشَّعَرُ المَضْفورُ مِنْ شَعَرِ الرأْسِ. كما في "النهاية" لابن الأثير (2 / 151) ، واللسان" لابن منظور (1 / 379) .





قال أبو بكر الكلاباذي البخاري الحنفي (ت 380هـ) :


"اللِّحْيَةُ للِرَّجُلٍ زِينَةٌ" .      "بحر الفوائد" (ص 49) .


 


نقل أبو طالب المكي محمد بن علي بن عطية الحارثي (ت 386هـ) :


 "عن شريح القاضي قال : "وددت لو أنّ لي لحية بعشرة آلاف" . وقال بعض الأدباء في اللحية خصال نافعة منها تعظيم الرجل والنظر إليه بعين العلم والوقار، ومنها رفعه في المجالس والإقبال عليه، ومنها تقديمه على الجماعة وتعقيله" .
"قوت القلوب في معاملة المحبوب" (2 / 240) .


 


قلتُ : رحم الله السلف ، لو نظروا إلى بعض رجالنا وهم يدفعون النقود لحق لحاهم ؛ ماذا عساهم يقولون ؟!


 


قال العلامة ابن القيم :


"ينْفَرد الرجل عَن الْمَرْأَة باللحية ، فَإِن الله عز وَجل لما جعل الرجل قيماً على الْمَرْأَة وَجعلهَا كالخول لَهُ والعاني فِي يَدَيْهِ ؛ ميزه عَلَيْهَا بِمَا فِيهِ لَهُ المهابة والعز وَالْوَقار وَالْجَلالَة لكماله وَحَاجته الى ذَلِك ، ومُنعَتْها الْمَرْأَة لكَمَال الِاسْتِمْتَاع بهَا والتلذذ لتبقى نضارة وَجههَا وَحسنه لَا يشينه الشّعْر" . "مفتاح دار السعادة" (1 / 268) .


"الخَوَلُ" : حَشَمُ الرجُل وأتباعُه .


 


قال المحدث الألباني :


"ولا يخفى أن في حلق الرجل لحيته التي ميزه الله بها على المرأة ؛ أكبر تشبه بها" .  "آداب الزفاف" (ص 212) .


 


جمعه /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

الثلاثاء، 26 يوليو 2016

وقت الوتر إذا فات المرء أن يصليه بالليل







وقت الوتر إذا فات المرء أن يصليه بالليل  


      


       عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :


"أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ! إِنِّي أَصْبَحْتُ وَلَمْ أُوتِرْ ، فَقَالَ: ( إِنَّمَا الْوِتْرُ بِاللَّيْلِ ) .


قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ! إِنِّي أَصْبَحْتُ وَلَمْ أُوتِرْ ، قَالَ : (فَأَوْتِرْ)" .


أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (891) .انظر "الصحيحة" (1712) .


 


       قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (4 / 289) :


       وهذا التوقيت للوتر ، كالتوقيت للصلوات الخمس ، إنما هو لغير النائم وكذا الناسي ، فإنه يصلي الوتر إذا لم يستيقظ له في الوقت ، يصليه متى استيقظ ، ولو بعد الفجر ، وعليه يحمل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرجل في هذا الحديث : ( فَأَوْتِرْ ) بعد أن قال له : ( إِنَّمَا الْوِتْرُ بِاللَّيْلِ ) ، وفي ذلك حديث صريح فانظره في "المشكاة"(1268) و"الإرواء" (422) .


 


قُلتُ : الحديث الذي أشار إليه الشيخ في "المشكاة" و"الإرواء" :


عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ) .


قال الشيخ في "المشكاة" (1 / 397) :


"رواه الترمذي مرسلاً وإسناده حسن ، ووصله الترمذي (2 / 330) بذكر أبي سعيد الخدري ، وإسناده ضعيف جداً ، لكنه عند أبي داود (1431) بسند صحيح وسيأتي في الكتـاب - "المشكاة" - (1279) :


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ ؛ فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَ ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ) .


وإسناده صحيح بخلاف إسناد الترمذي ، وكذا ابن ماجه ، فإنه ضعيف" .
"المشكاة" (1 / 399) .




قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي عن الحديث : (مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ) :
"وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ" . - يعني حديث أَبِي سَعِيدٍ : (مَنْ نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ ...) - .


وقَالَ : "وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكُوفَةِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا يُوتِرُ الرَّجُلُ إِذَا ذَكَرَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ . وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ" . "جامع الترمذي" (2/330-331) .




قال أبو الفضل العراقي : "وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ وَقْتَهُ – أي : الوتر - يَمْتَدُّ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ . قَالَ : رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ : "الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ" . وَرَوَى : "الْوِتْرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ" .


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَحُذَيْفَةَ وَعَائِشَةَ قَالَ : وَقَالَ : مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ يُوتِرُ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ وَرَخَّصَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ..، وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَحُمَيْدَ الطَّوِيلُ إنَّ أَكْثَرَ وِتْرَنَا لَبَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .


قُلْت : مَا حَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ صَحِيحٌ عَنْهُ لُكْنَهُ يَرَى مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقْتُ ضَرُورَةٍ لَهَا ، وَكَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ ؛ فَإِنَّهُ سُئِلَ أَلَا يُوتِرُ الرَّجُلُ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ تَرْكَ الْوِتْرِ حَتَّى يُصْبِحَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى) .مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً : (مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ) .رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ . انْتَهَى .


وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ امْتِدَادَهُ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ : وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ لِهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ مُخَالِفاً مِنْ الصَّحَابَةِ ؛ فَدَلَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي مُرَاعَاةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ أُرِيدَ بِهِ مَا لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضاً أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَنْ قَصَدَهُ وَاعْتَمَدَهُ ، وَأَمَّا مَنْ نَامَ عَنْهُ حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ مَعَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَيْسَ مِمَّنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ الْخِطَابِ . انْتَهَى .


ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ صَلَّى الصُّبْحَ ؛ هَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ : عَلَيْهِ قَضَاءُ الْوِتْرِ وَإِنْ صَلَّى الْفَجْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَوْتَرَ ، وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ : وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلَ : عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَنْ فَاتَهُ الْوِتْرُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ النَّافِلَةِ وَهَذَا قَوْلٌ خَامِسٌ . انْتَهَى .


وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ الظَّاهِرُ أَنَّهَا إنَّمَا هِيَ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ قَضَاءً ؛ وَمَا أَرَادَ قَائِلُوهَا اسْتِمْرَارَ وَقْتِهَا إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ أَدَاءً ، وَفِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ ، وَمَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ مِنْهُمْ فَعِبَارَتُهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى ذَلِكَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" .
انتهى من "طرح التثريب" (3/79-80) .




ونقل ذلك الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/47-47 "باب قضاء ما يفوت من الوتر") ، وقال :


"الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَاءِ الْوِتْرِ إذَا فَاتَ ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ كَذَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ . قَالَ : وَمِنْ التَّابِعِينَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَمِنْ الْأَئِمَّةِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ : إلَى مَتَى يَقْضِي؟ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ :


أَحَدُهَا : مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ ، وَهُوَ قَوْلُ : ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَمَسْرُوقٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَمَكْحُولٍ وَقَتَادَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَبِي خَيْثَمَةَ ؛ حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنْهُمْ" .


إلى أن ختم الشوكاني الكلام  فيه بقوله :


"ثَامِنُهَا : التَّفْرِقَة بَيْن أَنْ يَتْرُكَهُ لِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ، وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ عَمْدا ، فَإِنْ تَرَكَهُ لِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ؛ قَضَاهُ إذَا اسْتَيْقَظَ أَوْ إذَا ذَكَر فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ ، لَيْلاً أَوْ نَهَاراً ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ .


وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ ، وَاسْتَدَلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاتِهِ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا) ، قَالَ : وَهَذَا عُمُومٌ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ ، وَهُوَ فِي الْفَرْضِ أَمْرُ فَرْضٍ ، وَفِي النَّفَل أَمْرُ نَدْبٍ . قَالَ : وَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ حَتَّى دَخَلَ الْفَجْرُ ؛ فَلَا يَقْدِر عَلَى قَضَائِهِ أَبَداً . قَالَ : فَلَوْ نَسِيَهُ أَحْبَبْنَا لَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ أَبَداً مَتَى ذَكَرَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَعْوَامٍ . وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْأَمْرِ بِقَضَاءِ الْوِتْرِ عَلَى وُجُوبِهِ ، وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِ" .
انتهى من "النيل" .






وقال الصنعاني في الحَدِيثِ : (مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ) :


"وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْوِتْرُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ، وَإِمَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ ؛ فَلَا ، إذْ الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهُ مُتَعَمِّداً فَإِنَّهُ قَدْ فَاتَتْهُ السُّنَّةُ الْعُظْمَى حَتَّى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَدَارُكُهُ . وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ بِالْفَجْرِ وَقْتُهُ الِاخْتِيَارِيُّ ، وَأَمَّا وَقْتُهُ الِاضْطِرَارِيُّ فَيَبْقَى إلَى قِيَامِ صَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَأَمَّا مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ وَنَسِيَهُ فَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُ الحَدِيثُ - حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ حَيْثُ كَانَ نَائِماً ، أَوْ ذَكَرَ إذَا كَانَ نَاسِياً ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ ؛ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ نَامَ عَنْ الْفَرِيضَةِ أَوْ نَسِيَهَا ؛ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الْقِيَاسِ أَنَّهُ أَدَاءٌ كَمَا عَرَفْت فِيمَنْ نَامَ عَنْ الْفَرِيضَةِ أَوْ نَسِيَهَا" .


"سبل السلام" (2/33-34) عطا ، و(2/403) الخولي .


 


كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
5 / 8 / 1425هـ


 


 

الاثنين، 25 يوليو 2016

أول من ابتكر فكرة الحزام الناسف والسيارات المفخخة !

أول من ابتكر فكرة الحزام الناسف والسيارات المفخخة
 
قال علي عشماوي :
"الحزام الناسف : ابتكره "الإخوان" عام 1954 لقتل "عبد الناصر" ، وكان أول من تطوع لاستعماله هو الأخ "نصير" ، وهذا الأسلوب هو الذي تطور بعد ذلك ليصبح القنابل البشرية ، والمنتحرين والأجسام المفخخة وهكذا ، فإن "الإخوان" مسئولون عن هذا الفعل وعن كل من استعمله وقتل الناس عن طريقه .

أما الأسلوب الآخر : فهو السيارات المفخخة والتي تستعمل حتى الآن لإرهاب الناس وقتلهم رجالاً ونساءً وأطفالاً ، هذه الطريقة وهذا الأسلوب يستعمل فيما يسمى الكفاح ضد الغزاة .. وزعزعة الأرض تحت أقدام الحكام .

لقد ابتكره أحد أقسام "الإخوان" وهو "قسم الوحدات" الذي يشرف عليه صلاح شادي ، فقام بتفجير عربة محملة بالمتفجرات في حارة اليهود بالقاهرة في 5 / 6 / 1948 ، ثم أتبعها بتفجير عربة يد أخرى في نفس المكان وهو حارة اليهود في 19 / 7 / 1948 ، وقد كان هذا في شهر رمضان ، وقد قُتل في هذا الحادث مفجر العربة وعدد من المارة الذين لا حول لهم ولا قوة ، إلا أنهم يمرون في نفس الشارع المفروض أن يكون آمنا .

والغريب أن أحمد عادل كمال ؛ هو مِن قيادات النظام الخاص في هذا الوقت ؛ قال :
"كان الرأي العام يدرك أن "الإخوان" هم أصحاب هذا النوع من العمليات ، وكان كبير الثقة بالإخوان ؛ حتى أنه حين تقع حادثة ليست على المستوى ؛ كان يدرك أنها ليست من صنع الإخوان" .

وهكذا كان مثل هذا العمل الآثم محل فخر من "الإخوان" ، وهذا ما حدا بالكثيرين أن يقتدوا بهم حين يريدون التشابه ؛ فيقلدونهم ، فهم قادة هذا النوع من الإرهاب ، هكذا خرجت المجموعات التي قامت بالتفجيرات .. فالتنظيم قد وضع لهم طريق السير وأسلوب العمل وقد سن لهم السنة السيئة ، والتي سيحاسب عليها وعلى كل من فعلها إلى يوم القيامة" .
من كتاب "التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين" (ص 63) .
 
انتقاه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي

الأحد، 24 يوليو 2016

مسائل : 1) إدراك الركعة يكون بإدراك الركوع . 2) بالدخول في الصلاة مع الإمام في أي حال كان .




مسائل :
1) إدراك الركعة يكون بإدراك الركوع .
2) الدخول في الصلاة مع الإمام في أي حال كان .

مسألة إدراك الركعة يكون بإدراك الركوع للحديث :
(إِذَا وَجَدْتُمُ الْإِمَامَ سَاجِداً فَاسْجُدُوا ، أَوْ رَاكِعاً فَارْكَعُوا ، أَوْ قَائِماً فَقُومُوا ، وَلَا تَعْتَدُّوا بِالسُّجُودِ إِذَا لَمْ تُدْرِكُوا الرَّكْعَةَ) . ويؤيد ذلك أيضاً حديث أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : (إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ ؛ فَاسْجُدُوا ، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئاً ، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ ؛ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) .
أخرجه أبو داود (893) ، والحاكم (1 / 216، 273-274) وصححه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني في "الإرواء" (496) ، وحسنه في "صحيح سنن أبي داود" وهو الصواب واللائق بسند الحديث مع الشواهد .

مسألة الدخول في الصلاة مع الإمام في أي حال كان :
في الحديث فائدة أخرى ؛ وهي : الأمر بالدخول في الصلاة مع الإمام في أي حال كان ، لا الانتظار قائماً في حال الإمام في السجود أو غير ذلك من الصلاة ؛ كما يفعله البعض ونشاهده في المساجد اليوم ، ويؤكد ذلك أيضاً صراحةً ويُوضِّحه حديث عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالاَ :

قَالَ النَّبِيُّ e : (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ) .
أخرجه الترمذي (591) ، وقال :
"وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ قَالُوا : إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ وَالإِمَامُ سَاجِدٌ فَلْيَسْجُدْ وَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ إِذَا فَاتَهُ الرُّكُوعُ مَعَ الإِمَامِ ، وَاخْتَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الإِمَامِ" .
وأخرجه الشاشي (3 / 257 / 1359) ، والطبراني في "الكبير" (20 / 132/ 267) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" وفي "المشكاة" (1142) .

كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
20 / 2 / 1425هـ .


السبت، 23 يوليو 2016

النار من مستصغر الشر .. فاتقوا النار .. يا رجال ويا نساء


النار من مستصغر الشر .. فاتقوا النار


أوقات استئذان الصغار - الذين لم يبلغوا الحلم بعدُ - على الأبوين : ثلاث مرات في اليوم والليلة .

] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [ . [النور : 5] .

فتأويل الكلام : يا أيُّها الذين صدّقوا الله ورسوله .

] لِيَسْتَأْذِنْكُمُ [ : أمرٌ إلاهي . ليستأذنكم ، الأمر هاهنا للوجوب ؛ وهو الراجح من أقول أهل العلم ، والآية محكمة غير منسوخة ، وأنّ حكمها ثابت على الرجال والنساء . وهو قول أكثر أهل العلم ؛ كما قال القرطبي .

والأمر هنا بالاستئذان في الدخول عليكم عبيدكم وإماؤكم ، فلا يدخلوا عليكم إلا بإذن منكم لهم .
وكذلك ] وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ [ وهم : الصبيان .

يقول : الذين لم يحتلموا لم يبلغوا سن البلوغ ] مِنْكُمْ [ ؛ أي : من أحراركم سواء أولادكم أو أولاد غيركم ؛ ] ثَلاثَ مَرَّاتٍ [ ؛ يعني : ثلاث مرات في اليوم والليلة في ثلاثة أوقات ، من ساعات ليلكم ونهاركم .

قال ابن جُرَيج :
قال لي عطاء بن أبي رباح : فذلك على كل صغير وصغيرة أن يستأذن .

1) ] مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [ .

2) ] قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ [ .

3) ] وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [ .

ففي هذه الأوقات الثلاث ؛ يجب أن يستأذن الأولاد ـ الصبيان أو الصبا ـ سواء أبناءكم أو أبناء جيرانكم أو أقاربكم ؛ الذين لم يبلغوا الحلم ؛ لأن هذه الأوقات أوقات تجرد عن الثياب ، والخلوة بالأهل .

فإذا خلا الرجل بأهله بعد صلاة العشاء ، فلا يدخل عليه خادم ولا صبيّ إلا بإذنٍ حتى يصلي الغداة ـ الفجر ـ ، فإذا خلا بأهله عند صلاة الظهر فمثل ذلك .

سُئل عبد الله بن سويد الحارثي - وكان من أصحاب رسول الله r - عن الإذن في العورات الثلاث ، فقال :
إذا وضعتُ ثيابي من الظهيرة لم يلج عليّ أحد من الخدم الذي بلغ الحلم، ولا أحد ممن لم يبلغ الحلم من الأحرار إلا بإذن .

۝۝۝۝۝

ما معنى صبي، ومن هو الصبي؟

(صِ ب ا) في اللغة : صِغَر السِّنِّ ، والصَّبِىُّ يُطْلَق على الطِفْل منذ ولادته إلى سن ما قبل البلوغ تقريبا .

قال تعالى: ] يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [ . [مريم : 12] .

قال ابن عباس المراد بقوله U : ] صَبِيًّا [ : ابن سبع سنين .

فالصبيُّ في الآية وفي الاستعمال القرآني : هو الطفل الذي لم يبلغ الحُلُم .

ومصداق ذلك في قوله تعالى :
] وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ . [النور : 30] .

قوله : ] أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ [ .

الطفل الذين لم يكشفوا عن عورات النساء ، ولم يدروا ما ثَمَّ ، من الصغر قبل الحلم ؛ قاله مجاهد .

والطفل يطلق من وقت انفصال الولد إلى البلوغ ؛ قاله القرطبي .

ويقال للإنسان طفل : ما لم يراهق الحلم .

ومعنى ] لَمْ يَظْهَرُواْ [ لم يطلعوا على عورات النساء ويكشفوا عنها للجماع.
أو لم يبلغوا حدّ الشهوة .

قال ذلك جمع من أهل العلم ، كـ: ابن قتيبة - والفراء - والزجاج - والشوكاني ، وغيرهم.

۝۝۝۝۝

فإذا عرفنا ذلك فنقول :

متى تحتجب المرأة عن الصبي الذي لم يبلغ ؟


يرجع ذلك إلى سن التمييز عند هذا الطفل أو ذاك .

۝۝۝۝۝


سن التمييز :


الموسوعة الفقهية - (ج 2 / ص 4856 نسخة الشاملة) :

الفقهاء يقولون :
سنّ التّمييز ، ومرادهم بذلك تلك السّنّ الّتي إذا انتهى إليها الصّغير عرف مضارّه ومنافعه ، وكأنّه مأخوذ من ميّزت الأشياء إذا فرّقت بين خيرها وشرّها بعد المعرفة بها .

۝۝۝۝۝

واختلف أهل العلم في سن التمييز :

فمنهم من حده بسن السابعة ، لحديث : (مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ....) .

ومنهم من حده بوصف فقال : المميز هو: "الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب" .


والجواب الثاني له حظ وافر من الصحة ؛ لأن من الأطفال من يكون ذا فهمٍ دون السابعة - اللهم بارك - ؛ فيميز بين الجميلة والقبيحة من النساء وبين الزينة والشينة ، ويَعِي ما يسمع وما يُقال له وما يحصل له وأمامه ، ونستشهد على ذلك بما بوَّب له البخاري في "صحيحه" ، فقَالَ :
"باب مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ" .

ثم ساق الخبر (77) : عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ :

( عَقَلْتُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي ؛ وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ ) .     وأخرجه أحمد  ، ومسلم .

وهذا يعد أصغر سن للتمييز .

فالصواب أن الصبي ما دام طفلاً غير مميز لا يجب الاستتار منه في شيء .

۝۝۝۝۝

وكما ترون ، فسنّ التمييز مختلِفٌ تبعاً لاختلاف الأشخاص في الاستعداد والإدراك والذكاء ، ومن حيث مجالسته فالمجتمع والأفراد الذين يجلس معهم وبينهم لهم تأثير على تبكير التمييز عنده .

قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل : مَتَى تُغَطِّي الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا مِنْ الْغُلَامِ ؟
قَالَ : "إذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ" .
"المغني" لابن قدامة (7/458) .

وقال الشيخ العثيمين :
"والطفل إذا ظهر على عورة المرأة وصار ينظر إليها ويتحدث عنها كثيراً، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف أمامه‏،‏ وهذا يختلف باختلاف الصبيان من حيث المجالسة ، لأن الصبي ربما يكون له شأن في النساء إذا كان يجلس إلي أناس يتحدثون بهن كثيراً ، ولولا هذا لكان غافلاً لا يهتم بالنساء‏" . انتهى .‏
" مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة" (ص 148).

۝۝۝۝۝

فنرى الاختلاف في بلوغ سن التمييز هو ما دون العاشرة ، لكن من العاشرة فما فوق لم يختلف العلماء في أنَّ مَن بلغ العاشرة فهو مميز ، بل ما فوق العاشرة وقبل البلوغ هو سن المراهقة كما أطلق عليه أهل العلم والمعرفة ، والمراهقة مقاربة الشخص للبلوغ ولمّا يصل إليه بعدُ .

فيجب على المرأة الاحتجاب عمن بلغ سن المراهقة وهو من العاشرة فما فوق ، وإذا بلغ واحتلم فيجب عليها تغطية وجهها عنه .

وقد تساهل اليوم كثير من الرجال والنساء على حد سواء في ذلك الأمر ، فتركوا المميزين والمراهقين بين النساء يجولون ويصولون من غير احتجاب عنهم ولا حشمة ، والمرأة سافرة على شعرها وصدرها وعضدها وساقيها أمامهم ، كما تركوا بناتهم يجالسون ويخالطون المراهقين من الصبيان وهنّ بلابسهن القصير ، فكثُرت المصائِب والحوادث التي لم تكن على بالِ أحد من قبل .

قال شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري السُنيْكي المصري الشافعي (ت926هـ) :
" (وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ فِي) حُرْمَةِ (النَّظَرِ) فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْهُ لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ ، "وَيَمْنَعُهُ الْوَلِيُّ" وُجُوباً مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَمَا يَمْنَعُهُ وُجُوبًا مِنْ الزِّنَا وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَلْزَمُهُنَّ الِاحْتِجَابُ مِنْهُ" .
" أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (3 / 110) .
۝۝۝۝۝

فعلى هذا جرى التنبيه على أن يتفطن النساء لهؤلاء الصبيان المميزين وهم دون البلوغ ، والذين يدخلون عليهن وخاصة ما يدور بين الأقارب والأُسر وخاصة الأجنبي منها :

كإخوان الزوج وأبناء إخوان الزوج وأبناء أخوات الزوج وأبناء أخوال وأعمام الزوج، فهؤلاء يكثُر منهم الدّخول على هذه المرأة وهي منهم أجنبية ؛ بمعنى ليسوا لها بمحارم إذا بلغوا ويحرم عليها الكشف أمامهم ، فيجب عليها التحرز منهم وهم في سن التمييز والمراهقة ، فلا تكشف لهم عما تكشفه من جسمها أمام محارمها كـ "الرأس وشعره والعنق والساعد وجزء من العضد ونصف الساق" .

لأن هذا المميز والمراهق تنطبع عنده الصورة والشكل الذي رآه حال سن التمييز من تلك المرأة وتلك بعد البلوغ .

وما كانت الفتنة إلا من التساهل في مثل هذه الأمور حتى استفحلت في المجتمع وصارت عند البعض أمر طبيعي ولا يرون فيه بأساً ، بل وإن بعض الرجال يجبر زوجته أن لا تغطي ولا تحتجب على إخوانه المراهقين وبني إخوانه ؛ بحجة أن والده أو والدته يغضبان ويزعلان ؛ وهو لا يريد أن يُغضب والديه على قوله وفقهه "العجيب المنكوس" ، ويَغضب عليها إن استترت عنهم أو امتنعت من الذهاب لبيت والديه بحجة أن إخوانه المراهقين - وقد يكونوا بالغين - يضايقونها بالجلوس معها في مجلس والدته وبينهم ، فقدَّم رضا والديه وعاطفته وعاداتهم على شرع ربه ورضاه .

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

حتى أن الأمر زاد عن ذلك ، فصارَ إلى إهمال البنات الصبايا فوق التاسعة أو العاشرة من الاحتجاب عن أبناء أعمامها وأخوالها وأبناء أعمام وأخوال والدها ؛ بحجة أنهم صغار ولا يفكرون في مثل هذه المسائل ، ولم يطرأ على بالهم مسائل الحب والنكاح وما يدور حوله ، وهذا قول باطل وكذب بيّن .

فكم علمنا وقرأنا من حكايات مؤكدة وواقعية ما حصل بين بعض الصبيان والصبايا من علاقات وحركات وهم في سن التمييز والمراهقة يعجز عن فعلها بعض الزوجين ، لأنه يشاهدون التلفاز وما يحصل في الأفلام والمسلسلات الهابطة من حركات وقبلات وضم ومضاجعة ..

فلا ينبغي أن نُغلق أعيننا ونصمّ آذاننا عن الواقع ، وإلا فإننا سنكون سُذّج .

فعلى الأم أن تبين لأولادها الذكور - المميزين والمراهقين - ؛ وتمنعهم من الدخول على النساء الأجنبيات عنهم ، وعلى الصبايا المميزات والمراهقات واللعب معهن أو ممازحتهن أو الجلوس والحديث معهن ، وذلك من باب التعليم والتأديب والتعود على إنكار المنكر وحجبهم عن الوقوع في الرذيلة ، وتربي فيهم أن هذا شرع الله وأوامر رسوله r ، فإنّ أولاد اليوم أكثر فطنة وإدراكاً في أمر النكاح وأمْيَز من الأجيال الماضية؛ وذلك بسبب المجتمعات والعادات التي دخلت علينا من الغرب والشرق ، وبما يرون على شاشات الفضائيات والنت .

وكذلك على المرأة "الأم" أن تمنع بناتها من الجلوس مع الصبيان المميزين والمراهقين الأجانب عنهن وغير الأجانب ؛ حتى تُعودهنّ على الحشمة والعفة من نعومة أظفارهن .

فإن كان التفريق بين الأولاد الإخوة - الذكور والإناث - قد كتبه الله في سن العاشرة على لسان نبيه r ؛ فكيف بالأولاد الأجانب المراهقين ، فإنه أشد وجوباً .

ففي الحديث الصحيح : (... وَاضْرِبُوهُمْ عليها وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ ) .
أحمد (2/180، 187) ، وابو داود (495).

كما تمنعهن من لبس اللابس الخليع القصير ؛ ولا تتحجج وتتعذر بأنهن لا زلنا صغاراً ، فليست بالصغيرة من بلغت التاسعة ، فقد تزوجت عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست سنين ودخل بها النبي وهي ابنة تسع سنين .

فعن عَائِشَةَ قالت : ( تَزَوَّجَنِي رسول اللَّهِ r لِسِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِي وأنا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ [وَكُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ] [وَأَنَا أَلْعَبُ فِي أُرْجُوحَةٍ]) .
أحمد (6 / 118، 280) ، ومسلم (1422) ، وأبو داود (2123) ، والنسائي (3391) .

والعمدة كل العمدة ؛ على رب البيت والأسرة "الأب" هو المسئول الأول والأخير في قيادة دفة البيت ، فهو الأولى بتربية أولاده ذكوراً وإناثاً في ذلك ، من منعهم عما ذكرنا .

وكذلك منع زوجته من التساهل في كشف ما يجوز كشفه لمحارمها بأن تكشفه لأبناء أقارب زوجها المميزين والمراهقين من : - إخوانك أيها الزوج وأبناء إخوانك وأخوالك وخالاتك وعماتك - ، فيجب عليك أيها الزوج أن تمنعها وتمنع بناتك الغير بالغات من الجلوس مع مَن ذكرنا من الصبيان ؛ صيانة لعرضك وشرفك .

ويجب أن تُعِين زوجتك إن كانت المبادرة في الاحتشام جاءت من قِبَلِها ، فتمكنها من ذلك وتقف معها وتبين لأهلك ووالديك ومن يربطك بهم نسباً ؛ أن الذي تفعله فلانة هو الصواب وهو الحق الذي ينبغي أن نتبعه ونأتيه، وأننا مقصرون ومخطئون في التساهل في ذلك بين أفراد الأسرة، وهكذا ينتشر الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الأفراد والأسر داخل البيوت وخارجها .

فإن فعلتَ ذلك أيها الزوج؛ فقد نِلتَ اثنتين :

1) طاعة ربك العزيز المتعال وطاعة نبيّك محمد r .


2) المحافظة على ما استرعاك الله تعالى عليهم من زوجة وأولاد - بنين وبنات - من الضياع .

وباسترعائك الرعاية الصحيحة الشرعية لأهل بيتك تكون قد حظيت بالعمل بحديث النبي r المتفق عليه :
( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ... ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ..، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .

وباسترعائك الرعاية الصحيحة الشرعية لأهل بيتك تكون - أيضاً - قد نجوت من وعيد الله تعالى في الحديث المتفق عليه عند البخاري ومسلم :
(مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ؛ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ).
اللفظ لمسلم .

ولفظ البخاري فيه إضافة فائدة وبيان :
( ما من عَبْدٍ يسترعيه الله رَعِيَّةً فلم يَحُطْهَا بنصحه إلا لم يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ) .

فاتقوا اللهَ أيها المسلمون ولا تتهاونوا في مسائل دينكم فالنار من مستصغر الشرر.

قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[ . [التحريم : 6] .


اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد .

وباللهَ التوفيق.

۝۝۝۝۝

كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
7 / شوال / 1435هـ.