عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



السبت، 22 أكتوبر 2016

رسالة من محمد بنِ عبدِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كل من ولاَّه ولي الأمر ..

رسالة من محمد بنِ عبدِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلى كل من ولاَّه ولي الأمر من الوزراء والمسئولين
في جميع دول الإسلام
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه .
أما بعدُ :
فالبعض من المسئولين – نواب الرئيس والوزراء والوكلاء والمدراء – يرون أن لهم الحق في الأخذ مما تحت أيديهم من ممتلكات الدولة - من أموالٍ وغيرها - بحجج واهية منها على سبيل المثال :
أنّ هذا لكم وهذا لي جاءني هدية أو اجتهاد مني .

أني وفَّرْتُ للدولة في الميزانية ؛ فيحق لي أن اجتزئ مقابل اجتهادي وإخلاصي .

أني حصلت من الشركة – الفلانية - المتعَاقَد معها هذا المال من غير أن آخذ من قيمة
عقد الدولة .

أني عقدت صفقة كبيرة ووفرت للدولة ؛ فلي أن آخذ ما تيسر من الجهة الأخرى ولم آخذ
من أموال ومستحقات الدولة .

وغير ذلك من اللّف والدوران والحِيَل الشيطانية .
 
والجواب على ذلك والتحذير يأتي من النبي الكريم الصادق المصدوق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأحاديث الآتية فاقرأها يا عبد الله – أيها المسئول – بتمعن وتدبر وتقوى لله ، واعمل بها تنجو من عذاب الله تعالى يوم القيامة .
ولو أنّ كل مسئول استحضر هذه الأحاديث وما فيها من وعيد لكانت الأمة الإسلامي بخير .
ولكن – للأسف - لسان بعض المسئولين يقول : المنصب و "الكرسي" لا يأتي في العمر إلا مرة ، وهذه فرصة وصفقة العمر فاغتنمها ولا تفوتها !
 
الحديث الأول :
وَعَنْ عَدِىِّ بْنِ عَمِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ ؛ كَانَ غُلُولاً يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنَ الأَنْصَارِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ . قَالَ : ( وَمَا لَكَ ؟ ) . قَالَ : سَمِعْتُكَ تَقُولُ : كَذَا وَكَذَا . قَالَ :
( وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ ، مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ [فَلْيَأْتِ] بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى ) .
رواه أحمد (4 / 192) ، ومسلم (1833) ، وأبو داود (3581) .
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (781) .
 
في الحديث :
1- الحذر من أن تُخفي – أيها مسئول - شيئاً مما استأمنك ولي الأمر على حفظه أو جلبه او استيفائه .
2- طلب الإقالة من العمل إذا رأيت أنك – أيها المسئول - لا تستطيع القيام به أو خِفت على نفسك الدنيا وحلاوتها ؛ بأن تأتي يوم القيامة بشيء من ميزانية الدولة على ظهرك .
 
الحديث الثاني :
عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ ، يُدْعَى "ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ" ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ ، قَالَ : هَذَا مَا لُكُمْ ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ) ، ثُمَّ خَطَبَنَا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
( أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ : هَذَا مَا لُكُمْ ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي ، أَفَلاَ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ ؟!
وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ ؛ إِلاَّ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَداً مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ) .
ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ ، يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ) .

رواه أحمد (5 / 423) ، والبخاري (6578) ، ومسلم (1832) .

في الحديث :
التحذير مِن أن يدعي المسئول أنّ هذا لكم ولم أنتقص منه شيئاً ، وهذا جاءني رزق من الله "هدية" !
فلو لم يمكنك ولي الأمر – أيها المسئول - من هذا المنصب ؛ لما جاءتك هذه الهدايا والعطايا التي تزعم أنها لك .
 
الحديث الثالث :
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعثَه على الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ :
( يَا أَبَا الْوَلِيدِ ! اتَّقِ اللهَ ،  لاَ تَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَعِيرٍ تَحْمِلُهُ لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقرةٍ لَهَا خُوارٌ ، أَوْ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ ) .
قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! إِنّ ذَلِكَ لكَذَلِكَ ؟ قَالَ :
( إِيْ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ) .
قَالَ : فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لا أعملُ لَك على شَيْءٍ أبداً .

رواه الشافعي في "مسنده" (ص 99) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (4 / 53 / 6949) ، والحميدي في "مسنده" (2 ، 141 / 919) ، والحاكم (3/354) – وصححه - ، والبيهقي في "الكبرى" (4 / 158) .
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (780) .
 
الحديث الرابع :
 عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ :
( قُمْ عَلَى صَدَقَةِ بَنِي فُلَانٍ ، وَانْظُرْ لاَ تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِبَكْرٍ تَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِكَ ، أَوْ عَلَى كَاهِلِكَ ، لَهُ رُغَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! اصْرِفْهَا عَنِّي ، فَصَرَفَهَا عَنْهُ .

رواه أحمد (5 / 285) ، والبزار في "البحر الزخار" (9 / 190 / 3737) و هو في "كشف الأستار" (1 / 425 / 897) ، والطبراني في "الكبير" (6 / 17/ 5363) .
وصححه الألباني لغيره في "صحيح الترغيب" (777) .
 
قوله في الحديث : (وَانْظُرْ لاَ تَأْتِي) ؛ أي : اِحذر أن تأتي غاشاً خائناً للأمانة .
و (الْبَكْر) : هُوَ الفتيّ من الْإِبِل ، وَالْأُنْثَى بَكْرَة .
 
 
في الحديث :
طلب العفو من المنصب والمهمة تقوى لله تعالى ، وخوفاً من أن لا يستطيع القيامة بأداء المهمة كما أمر الله .
 
 
جمعه وكتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

الخميس، 20 أكتوبر 2016

هل الأذكار خاصة بالصوفية ؟







هل الأذكار خاصة بالصوفية ؟


 


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه .


أما بعد :


فالبعض من المسلمين مفرط في المحافظة على الأذكار وخاصة "التهليل" وكأنه يحمل في نفسه أن "التهليل" هو مِن سِمات الصوفية – وكأنه يتصور ويتخيل قولهم : "الله .. هو .. الله .. هو ... هو" ؛ فيهرب من تلاوة التهليل المشروع وثوابه،؛ وهذا من الإفراط في التخوف من أن يعمل عمل الصوفية ، فالأذكار والمحافظة عليها من سمات الأنبياء والصالحين ، لذا حضّ عليها نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وندب إليها وحفّز ورغب .


وهذه ثلة مختصرة من صِيَغ "التهليل" باختلاف ألفاظها وثوابها ؛ فحافظ عليها
يا مسلم ؛ يا عبد الله :


 


{1} عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ ، فَقَالَ : "لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، الحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، أَوْ دَعَا ؛ اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ؛ قُبِلَتْ صَلاَتُهُ ) .


رواه البخاري (1103) ، وأبو داود (5060) ، والترمذي (3414) .


ومعنى : تعارّ ؛ أي : استيقظ .


 


{2} عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :


( مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ : "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ؛ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَطَايَاهُ - شَكَّ مِسْعَرٌ - وَإِنْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ) .


رواه النسائي في الكبرى (6 / 202 / 10647) وفي "عمل اليوم والليلة" (811) - ولفظهما : (عِنْدَ مَنَامِهِ) بدل (فِرَاشِهِ) - ، وابن حبان في "صحيحه" (5528) واللفظ له .


وصححه الألباني في "الصحيحة" (3414) ، و "صحيح الترغيب" (607).


 


{3} عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :


( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ : "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" عَشْرَ مَرَّاتٍ ؛ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ قَالَهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، وَحَطَّ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا عَشْرَ سَيِّئَاتٍ ، وَرَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ ، وَكُنَّ لَهُ كَعَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُنَّ لَهُ مَسْلَحَةً مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ ، وَلَمْ يَعْمَلْ يَوْمَئِذٍ عَمَلاً يَقْهَرُهُنَّ ، فَإِنْ قَالَها حِينَ يُمْسِي ؛ فَمِثْلُ ذَلِكَ ) .


أخرجه أحمد (5 / 420) – واللفظ له - ، والنسائي في "الكبرى" (6 / 10 / 9852) . وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (660) .


 


{4} عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


( مَنْ قَالَ : "لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ؛ لَمْ يَجِئْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ بِعَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ إِلَّا مَنْ قَالَ قَوْلَهُ ، أَوْ زَادَ ) .


رواه النسائي في "الكبرى" (6 / 205 / 10657) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (821) . وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (658) وقال : وأشار الحافظ – ابن حجر – إلى تقويته في "الفتح" (11 / 202) .


 


{5} عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :


(مَنْ قَالَ : "لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ، وَلَهُ الحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ؛ كَانَتْ لَهُ عَـِدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ؛ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) .


رواه البخاري (3119، 6040) ، ومسلم (2691) .


 


{6} عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


( مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدْيرٌ" ؛ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ ؛ كَانَ يَوْمَئِذٍ أَفْضَلَ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ ، أَوْ زَادَ عَلَى مَا قَالَ ) .


رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (8 / 336 / 8075) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (142) . وصححه الألباني في "الصحيحة" (2664) .


و (صَلَاةِ الْغَدَاةِ) : صلاة الفَجر .


 


{7} عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :


( مَنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مِائَتَيْ مَرَّةٍ [مائة إذا أصبح ، ومائة إذا أمسى] :


"لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ؛ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ أَحَدٌ كَانَ بَعْدَهُ ، إِلَّا بِأَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ ) .


رواه أحمد (2 / 185، 214) ، والنسائي في "الكبرى" (6 / 148 / 10412) ، و"عمل اليوم والليلة" (576، 577) ، وابن السني في "عمل اليوم" (75) . وحسنه الألباني في "الصحيحة" (2762) ، وقال :


"وليس المراد من الحديث أن يقول المائتي مرة في وقت واحد كما تبادر لبعض المعاصرين ممن ألف في "سنية السبحة"! وإنما تقسيمهما على الصباح والمساء ، فقد جاء ذلك صريحاً في رواية شعبة عن عمرو بن شعيب به ، ولفظه :
(مَنْ قَالَ .. مِائَةَ مَرَّةٍ إِذَا أَصْبَحَ ، وَمِائَةَ مَرَّةٍ إِذَا أَمْسَى ..)" .


 


قلتُ : والمساء ليس مخصوصاً بما بعد المغرب كما يظنه البعض ، بل المساء يبدأ من العصر ، وقيل بعد الظهر . فتنبه !


 


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .


 


 


جمعه /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

سؤال : أيُّ المظاهرات المليونية أعظم وأقوى تأثيراً في المجتمع وعلى أرض الواقع . اعتبروا !







سؤال لدعاة الثورات الخارجية :


أيُّ المظاهرات المليونية أعظم وأقوى تأثيراً في المجتمع وعلى أرض الواقع:


مليونيةٍ يدعو إليها عالِمُ أمّة ؟


أَمْ مليونيةِ حزب سياسي غوغائيين ؟


 


درس عظيم لقادة الثورات العربية اليوم – الجحيم العربي- الموسومة
بـ"الخروج على الحُكّام" .


 


"قال أبو بَكْر الخلال : سمعتُ عَبْد الوهّاب الورّاق يقول : ما بَلَغَنَا أن جَمْعاً فِي الجاهليّة والإسلام اجتمعوا في جنازة أَكْثَرَ مِنَ الْجَمْعِ عَلَى جِنَازَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل ، حَتَّى بَلَغَنَا أنّ الموضع مُسح وَحُزِرَ عَلَى الصَّحِيْحِ ؛ فَإذَا هُوَ نَحْوٌ مِنْ أَلفِ أَلفٍ" .


"تاريخ الإسلام" (18 / 141) تح. التدمري ، و "سير أعلام النبلاء" (11 / 339) الرسالة ، والبداية" (مجلد 5 / جزء 9 / 356) .


 


وقال جَعْفَر بْن محمد بْن الْحُسَيْن النَّيْسابوريّ : حَدَّثَنِي فتح بْن الحَجّاج قال :


"سمعتُ فِي دار الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر أنّ الأمير بعث عشرين رجلاً يحزروا كم صلّى على أحمد بْن حنبل ، فحُزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفاً ، سوى من كان فِي [السَّفَرِ] السُّفُن فِي الماء  .


وروى خشنام بن سعيد فقال : بلغوا – يعني : مَن صلّى على أحمد بْن حنبل - ألف ألف وثلاثمائة ألف" .


وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ :


"بَلَغَنِي أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ حَيْثُ صُلِّيَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ؛ فَبَلَغَ مَقَامَ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ" .


"الجرح والتعديل" (1 / 312) ، و "حلية الأولياء" (9 / 180) ، و "تاريخ الإسلام" (18 / 142) ، و "السير" (11 / 340) ، والبداية" (مجلد 5 / جزء 9 / 356) .


أتدرون ما "أَلْفَيْ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ" ؟


يعني : اثنان مليون ونصف المليون نسمة !!


وصدَّقَ اللهُ تعالى الإمامَ أحمدَ في القول المنقول عنه رحمه الله :


قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : سَمِعْتُ أَبَا سَهْلِ بْنَ زِيَادٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : "قُولُوا لِأَهْلِ الْبِدَعِ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْجَنَائِزُ" .


"تاريخ الإسلام" (18 / 142) ، والبداية" (مجلد 5 / جزء 9 / 356) .


قال ابن كثير عقبه : "وَقَدْ صَدَّقَ اللَّهُ قَوْلَهُ فِي هَذَا ، فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ إِمَامَ السُّنَّةِ فِي زَمَانِهِ ، وَعُيُونُ مُخَالِفِيهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ الْقَاضِي ؛ لَمْ يَحْتَفِلْ أَحَدٌ بِمَوْتِهِ ، وَلاَ شَيَّعَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ إِلّاَّ الْقَلِيلَ ، وَكَذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ الْمُحَاسِبِيُّ مَعَ زُهْدِهِ وَوَرَعِهِ وَتَنْقِيرِهِ وَمُحَاسَبَتِهِ نَفْسَهُ فِي خِطْرَاتِهِ وَحَرَكَاتِهِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنَ النَّاسِ ، فَلِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ" .


 
"قال حنبل : اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله وقالوا له : إن الأمر قد تفاقم وفشا - يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك - ولا نرضى بإمرته ولا سلطانه ، فناظرهم في ذلك ، وقال :


"عليكم بالإنكار بقلوبكم ، ولا تخلعوا يداً من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، وانظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا ؛ حتى يَستريح بر ، أو يُستراح من فاجر - وقال - : ليس هذا صواب ؛ هذا خلاف الآثار" .


وقال المروذي : سمعت أبا عبد الله : "يأمر بكف الدماء ، وينكر الخروج إنكارا شديدا" .


الآداب الشرعية" (1 / 175) لابن مفلح .


 


قلتُ : لو كانت مظاهرة مليونية قدرها (اثنان مليون ونصف المليون شخص) أمر بها الإمام أحمد بن حنبل محبيه - وهم علماء ومشايخ وطلبة علم ، ومعهم العوام أيضاً - للخروج على الخليفة ؛
فهل سيكون لها تغيير المعادلة على أرض الواقع أم لا ؟


الجواب : في الحسابات ؛ نعم ، سيكون لها تغيير إيجابي ، لأنها من عالم أمة والخارجين من أهل العلم أيضاً ومعهم العوام !
ومع هذا لم يأذن لهم بالخروج على الخليفة بل قال :
"عليكم بالإنكار بقلوبكم ، ولا تخلعوا يداً من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم .." .


فهل من مدّكر ؟!


 


كتبه /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


17 / 12 / 1437هـ .


 

الأحد، 9 أكتوبر 2016

رسالة إلى المشايخ والدعاة وطلبة العلم ... في أقطار العالم الإسلامي







رسالة إلى المشايخ والدعاة وطلبة العلم ... في أقطار العالم الإسلامي


 


 


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين .


 


أما بعد :


 


فقد نسمع ونرى بعض المواقف ؛ عندما يُقال لفلان من أهل العلم صغيراً
كان أو كبيراً ، صاحب سنة أو مخالف – قلتُ : بعض - :


نريد منكم محاضرة أو درساً ؛ فربما بادر بالسؤال :


كم عدد الحضور ؟


أو هل فيه حضور كثير ؟


 


أو يقال له ابتداءً :


يا شيخ ! الحضور في جمع كبير من الناس – كطعم له وفتح شهية - !


فيسعد الشيخ فلان ، أو الداعية فلان أو طالب العلم بذلك ويتهلل وجهه ، ويبادر بالموافقة .


 


وإذا قيل له : الحضور لا بأس به ؛ رأيت التلوي والتمطط ، وبدأت الأعذار ... والله المستعان !


 
- أما من كان الأمر عنده سيّان ؛ حضور قليل أو كثير ؛ هو يلبي الدعوة
؛ فليس الحديث موجهاً إليه . وكلاً يعلم من نفسه ما في نفسه - .


 


ونجد العلماء الأجلاء الراسخون في العلم ؛ يأبون تعمد هذا التكاثر ، وإن حصل لهم بغير قصد ؛ فهذا فضل من الله تعالى .


 


وقد استفدت في أول الطلب من شيخي العلامة بقية السلف صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ؛ درساً ، إذ قال لي مرة ونحن نتحدث عن مسألةِ كثرة الحضور للدرس من قلته :


"لا يهمنا الكَّم ، ولكن [أو بقدر] يهمنا الكيف" .


 


وتذكرتُ قول الإمام أحمد وهو يُنَفِّر طلبته وأصحابه مِن حبّ الشهرة ، فقال :


"أَخْمِـُلْ ذِكْرَكَ ، فَإِنِّي أَنَا قَدْ بُلِيت بِالشُّهْرَةِ" .


 


 


وأنقل موقفاً فيه عِظة ودرس عملي لأهل العلم – صغيرهم وكبيرهم - من عالمٍ ناصح مجاهد ؛ محدِّث العصر بِلا منازع ؛ ألاَ وهو :


"ناصر الدين الألباني" رحمه الله .


اقتبسته ونقلته من كتابةٍ للأخ الفاضل إحسان بن محمد بن عايش العتيـبي - وفقه الله - بتاريخ 23 / جمادى الآخر / 1420 هـ :


 


"جاء مرة بعض الإخوة من بنغلادش – من أهل الحديث – وقالوا للشيخ : إن عددهم حوالي أربعة ملايين وإنهم يودون بزيارة الشيخ لهم هناك ، وقد جهزوا ملعباً يتسع لأعداد كبيرة للقائه والاستماع إليه ، فرفض الشيخ الدعوة . فقال الداعي :


إنها أسبوع يا شيخ !!         فرفض الشيخ .


فأنزل المدة إلى ثلاثة أيام !!   فرفض الشيخ .


فأنزلها إلى يوم واحد !!        فرفض الشيخ وبشدة .


فقال الداعي في النهاية : نريد محاضرة وتغادر على نفس الطائرة !!


فرفض الشيخ وبشدة أيضاً .


فتعجب الرجل من رفض الشيخ وكذلك الذين معه ، وانصرف الرجل حزيناً ، فسأل الأخُ أبو ليلى - وهو الذي حدَّث بهذه القصة – الشيخَ : لم رفضت يا شيخ ؟


فرد عليه رحمه الله : ألم تسمع ماذا قال ؟


فقال أبو ليلى – محمد بن أحمد - : وماذا قال يا شيخ ؟ فقال :


ألم تسمع قوله : إنهم أربعة ملايين !!


فتصور أني أحاضر بمثل هذا العدد !


فهل آمن على نفسي من الرياء ؟!!


 


وكان درساً عظيماً من الشيخ لتلاميذه وللناس جميعاً بالبعد عن المواضع المهلكة للداعية" . انتهى .


 



قلتُ – أبو فريحان - : أربعة ملايين! وأبَى الشيخ الألباني أن يحاضر فيهم .


فما بال بعض الدعاة أو المشايخ يتفاخر - إذا ذهب ألقى محاضر أو دورة علمية أو درساً خارج البلاد أو داخلها – بحضور ألفين أو أربعة آلاف شخص ، ثم يرجع ويقول كان الحضور 3 – 6 آلاف شخص في الدرس ! وقد يكتب ذلك في المنتديات : "رحلتي إلى ..." ! سبحان الله .


مسكين ! هزمه الشيطان فاغتر بنفسه .


أوْ مَن حاضر في ملعب كرة قدم ، وقال متفاخراً : حضر (10 آلاف شخص) .


يا ضعيف .. يا مسكين (أين 10 آلاف من 4 ملايين ؟! ) .


هؤلاء الـ ... لو حاضروا في 4 ملايين ؛ لأغمي عليهم من الإعجاب والغرور ، ولانتفخوا من الرياء والسمعة .


 


فاللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علما نافعاً ، وعملاً صالحاً متقبلاً  .
وارزقنا تواضعاً لا سمعة فيه .


 


قيّده /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


الجمعة 27 / 6 / 1425هـ .

الجمعة، 7 أكتوبر 2016

قصة فيها تتويب للنساء وموعظة للرجال







قصة فيها تتويب للنساء وموعظة للرجال


 


أخرج ابن الجوزي بسنده عن صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ :


"كَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ بِمَكَّةَ ، وَكَانَ لَهَا زَوْجٌ ، فَنَظَرَتْ يَوْماً إِلَى وَجْهِهَا فِي الْمَرْأَةِ ، فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا : أَتَرَى أَحَداً يَرَى هَذَا الْوَجْهَ ؛ لاَ يُفْتَنُ بِهِ ؟


قَالَ : نَعَمْ . قَالَتْ : مَنْ ؟


قَالَ : عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ !


قَالَتْ : فَأْذَنْ لِي فِيهِ ؛ فَلأَفْتِنَّنَهُ ! قَالَ : قَدْ أَذِنْتُ لَكِ !


قَالَ : فَأَتَتْهُ كَالْمُسْتَفْتِيَةِ ، فَخَلا مَعَهَا فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : فَأَسْفَرَتْ عَنْ – وَجْهٍ - مِثْلِ فَلْقَةِ الْقَمَرِ ، فَقَالَ لَهَا : يَا أَمَةَ اللَّهِ – اِسْتَتري - !


قَالَتْ : إِنِّي قَدْ فُتِنْتُ بِكَ فَانْظُرْ فِي أَمْرِي ؟


قَالَ : إِنِّي سَائِلُكِ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ أَنْتِ صَدَقْتِينِي ؛ نَظَرْتُ فِي أَمْرِكِ ؟


قَالَتْ : لاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إِلا صَدَقْتُكَ .


قَالَ : أَخْبِرِينِي : لَوْ أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاكِ لِيَقْبِضَ رُوحَكِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ . قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ أُدْخِلْتِ فِي قَبْرِكِ وَأُجْلِسْتِ لِلْمُسَاءَلَةِ ؛ أَكَانَ يَسُرُكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ .


قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا كُتُبَهُمْ وَلا تَدْرِينَ تَأْخُذِينَ كِتَابَكِ بِيَمِينِكِ أَمْ بِشِمَالِكِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ .


قَالَ : صَدَقْتِ . قَالَ : فَلَوْ جِيءَ بِالْمَوَازِينِ وَجِيءَ بِكِ لَا تَدْرِينَ تَخِفِّينَ أَمْ تَثْقُلِينَ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لاَ . قَالَ : صَدَقْتِ .


قَالَ : فَلَوْ وَقَفْتِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لِلْمُسَاءَلَةِ ؛ أَكَانَ يَسُرُّكِ أَنِّي قَضَيْتُ لَكِ هَذِهِ الْحَاجَةَ ؟ قَالَتِ : اللَّهُمَّ ؛ لَا . قَالَ : صَدَقْتِ .


قَالَ : اتَّقِي اللَّهَ يَا أَمَةَ اللَّهِ ! فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكِ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْكِ .


قَالَ : فَرَجَعَتْ إِلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ : مَا صَنَعْتِ ؟


قَالَتْ : أَنْتَ بَطَّالٌ ، وَنَحْنُ بَطَّالُونَ .


فَأَقْبَلَتْ عَلَى الصَّلاةِ ، وَالصَّوْمِ ، وَالْعِبَادَةِ .


قَالَ : فَكَانَ زَوْجُهَا يَقُولُ : مَالِي وَلِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ؟!


أَفْسَدَ عَلَيَّ امْرَأَتِي ؛ كَانَتْ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عَرُوسا ، فَصَيَّرَهَا رَاهِبَةً" .


"المنتظم في تاريخ الأمم والملوك" (6 / 197-198) ، و "ذم الهوى" (ص 265) .


والقصة أخرجها أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ في كتابه "الثقات" وهو العجلى المذكور في سند ابن الجوزي أعلاه (ت 261هـ) الراوي لها - عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ "الإمام أحمد" - في كتابه "تاريخ الثقات" (ص 332) في ترجمة -(1082)- عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد ، أبو عاصم المكي ، تابعي ، ثقة ، وكان قاضي أهل مكة في زمانه ، وهو من كبار التابعين ، كان ابن عمر يجلس إليه ، ويقول : لله در أبي قتادة , ماذا يأتي به ؟


وذكر القصة أيضاً العلامة ابن القيم في "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" (ص 340) .


 


قلتُ : نقلتُ القصة ليس لأنها مجرد قصة نتأنس ونتسلى بها ؛ ولكن لما فيها من فوائد وعظة :


الأولى : بيان مقدرة وقوة النساء في فتنة الرجال .


الثاني : أن مفتاح الفتنة والشر في مسائل الإغواء الجنسي يبدأ من النساء ، إذْ أنّ المرأة إن لم تفتح الباب ؛ لم يكن أحدٌ من الرجال يدخل عليها البيت.


الثالثة : أنّ الأصل في الرجال الافتتان بالنساء والأحاديث في ذلك كثيرة إلا من ...


الرابعة : تقوى الله ومخافته هي التي تمنع الرجل من الانجراف نحو الافتتان بالنساء .


الخامسة : قد أخطأت تلك المرأة في آخر قصتها ؛ فاجتنبت التزين والتجمل لزوجها بحجة الالتفات إلى العبادة ، وهذا ليس بجيد ولا صحيح .


السادسة : أن الرجل يريد زوجته دائماً تكون متجملة جذابة كالعروس حتى وإن تقدمت بها السِّن أو كثر أولادها ، فالرجل لا يعترف بالكبر .


 


التوصية :


أوصي النساء بأن لا يتركن التزين لأزواجهن ، فالتّعبد والتنسُّك لا يمنع من تجمُّلِ المرأة لزوجها ؛ كي تَقرّ عينه بها ، وتمنعه من النظر إلى غيرها من النساء السافرات الحسناوات .


بل إشباع زوجها غريزياً مقدم على نوافل العبادات مطلقاً بل يأتي بعد الفرائض وهو من الواجبات . فتأملي أيتها الزوجة العابدة المتنسكة !


فديننا الحنيف ليس دين رهبانية فحسب ، بل هو دين عبادة وسلوك ومعاملة ، وخير ما تعامل المرأة زوجها به ؛ إشباع نظره ، وسمعه ومعاشرته ، فلا ينظر منها إلاّ إلى كل جميل وحُسْن وبَهَاء ، ولا يسمع منها إلا كل كلمة لطفٍ ودلال ، ولا يشُمُّ منها إلا كل رائحة زكية مرضية .


 


كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
السبت 24 / 11 / 1437هـ