الدفاع عن السنة من أن يُنسب إليها ما ليس منها
وصلتني هذه الرسالة كما وصلت غيري وطلب مني البعض جواباً عليها.
هذا نص الرسالة المتداولة كما وصلتني والله اعلم بصحتها :
"بدعه التهنئه بالعيد
تنبيه :
انتشرت بين الناس عادة وهي التهنئه بالعيد قبله بأيام او ساعات او حتى قبل صلاة العيد وهذا مخالف للسنة فالرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة لم يكونوا يهنئوا بالعيد إلا بعد التسليم من صلاة العيد وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ) والواجب على المسلمين تحري سنة نبيهم وهذا من احياء السنن واماتة البدع
يقول الشيخ / صالح فوزان الفوزان عضو هيئه كبار العلماء
سأله احد السائلين عن حكم المعايده والتهنئه قبل العيد بيوم او يومين
فقال له / لا يجوز التهنئه او المعايده قبل العيد بل تكون في يوم العيد
والله اعلم
د ناصر الخنين – الرياض".
...................................
قلتُ : وهنا وقفات مع مضمون هذه الرسالة ، فأقول وبالله التوفيق:
الوقفة الأولى :
" انتشرت بين الناس ... وهذا مخالف للسنة ".
أقول :
أي سنة تعنون ؟
هل سنة التهنئة بالعيد ؟
أم تعنون تقديم التهنئة بأيام أو ساعات قبل العيد ؟
فأي المسألتين قصدتُم ؛ فقد افتريتم على السنة ، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه هنأ أحداً بالعيد .
فإن كانت هذه المسألة قد انتفت سنيّتها ؛ فمن باب أولى تنتفي سنية أن تكون التهنئة يوم العيد .
وبذلك يكون الإنكار منكم على من قدّم التهنئة قبل العيد بأيام أو ساعات ليس في مكانه باعتبار سنيته من عدمها .
الوقفة الثانية :
قولهم في الرسالة :
"فالرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة لم يكونوا يهنئوا بالعيد إلا بعد التسليم من صلاة العيد".
فأقول :
أما مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا يحتاج منكم إلى دليل وإثبات ذلك . ولن تجدوا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
"وأما الابتداء بالتهنئة ـ في العيد ـ فليس سنة مأمورا بها".
"مجموع الفتاوى" (24/253)، و "الكبرى" (2/371).
وقال الإمام أحمد : "أنا لا أبتدئ أحداً فإن ابتدأني أحد أجبته" ، قال ابن تيمية : "وذلك لأن جواب التحية واجب" .
"المصدر السابق" .
وأما عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ؛ فقد جاءت بعض الآثار الحسان عند بعض أهل العلم ، كعبارة :
"تقبل الله منا ومنكم" .
وهذا لا يفيد سنّيّتها كما أشار الإمام أحمد وابن تيمية إلى ذلك .
الوقفة الثالثة :
قولكم في الرسالة :
"والواجب على المسلمين تحري سنة نبيهم" ، وذلك بعد ذكر حديث : (عليكم بسنتي ..) .
أقول :
هذه إدانة لكم !
كيف تطالبون المسلمين بتحري السنة وأنتم تَدَّعون السنة في شيءٍ لم يثبت فيه دليل من السنة ؟!
وهذا تناقض منكم .
يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون .
فلا يجوز للمسلم أن يقول هذه سنة إلا إذا ثبتت السنة بذلك ، حتى لا يكون ممن يقول على الله وعلى رسوله بغير علم .
الوقفة الرابعة :
ما نسبتموه في الرسالة إلى شيخنا الفوزان قوله :
" لا يجوز التهنئه او المعايده قبل العيد بل تكون في يوم العيد" .
أقول :
لا أستطيع أن أثبت أو أنفي ذلك المنسوب لشيخنا صالح بن فوزان الفوزان .
ولكن العبارة مستقيمة في المعنى ، إذْ أنّ التهنئة بالشيء ؛ لا تكون إلا بعد حدوثه ووجوده .
فهل رأيتم مَنْ يُهنئ أحداً بمولود لم يستهل ؟
وقوله حفظه الله فيما ورد في الرسالة منسوباً إليه :
"بل تكون - التهنئة - في يوم العيد" .
فأقول :
لو صح ذلك عنه حفظه الله ؛ فهو لم يعز ذلك لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقوله من باب قول ابن تيمية عندما سئل :
هل التهنئة في العيد وما يجري على ألسنة الناس :
عيدك مبارك وما أشبهه له أصل في الشريعة ؟
فكان جوابه : أما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها ولا هو أيضاً ما نهى عنه فمن فعله فله قدوة ومن تركه فله قدوة ، والله أعلم" .
المصدر السابق .
فنسأل الله أن يرشدنا للسنة ، وأن يُعيذنا من أن ننسب إليها ما ليس منها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
بعد فجر الأحد 24/ رمضان/ 1433هـ .
تعقيب :
في اليوم الثاني من أيام عيد الفطر عام 1437هـ ظهر الخميس ؛ وصلني من أحد المستقيمين من دولة المغرب حفظها الله وأهلها المعلومة التي لم أقف عليها من كلام شيخنا صالح الفوزان إلاّ هذه الساعة والتي كنت قلت أعلاه :
"لا أستطيع أن أثبت أو أنفي ذلك المنسوب لشيخنا صالح بن فوزان الفوزان" ، وقد كان هذا قبل نحو أربع سنوات من تاريخ هذا التعقيب ، فالحمد لله أن وافق كلامي وجوابي جواب شيخنا حفظه الله وهذا نصَّه :
السؤال :
صاحب الفضيلة انتشر بين الناس في هذه الأيام رسائل عبر الجوال تتضمن تحريم التهنئة بالعيد، قبل العيد بيوم أو يومين وأنه من البدع؟ فما رأي فضيلتكم؟
فأجاب حفظه الله :
"لا أعلم هذا الكلام ، هذا روجوه ، ولا أعلم له أصلاً .
والتهنئة مباحة ، في يوم العيد أو بعد يوم العيد ، أما قبل يوم العيد فلا أعلم أنها حصلت من السلف وأنهم يهنئون قبل يوم العيد .
كيف يهنئ بشيء لم يحصل ، التهنئة تكون يوم العيد أو بعد يوم العيد ، مع أنها لا دليل عليها ؛ لكن الإمام أحمد رحمه الله عليه يقول : أنا لا أبدأ بها، ولكني أرد علي من بدأني وهنأني" . انتهى .
وهذا رابط الملف الصوتي :
كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
يوم الخميس قبيل صلاة العصر بتوقيت مكة شرفها الله اليوم الثاني من أيام عيد الفطر سنة 1437هـ .