عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



الخميس، 22 سبتمبر 2016

فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومعنى الصلاة







فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،


ومعنى الصلاة عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


 


عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ :


"يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ ؛ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : (مَا شِئْتَ) قُلْتُ : الرُّبُعَ ؟ قَالَ :


(مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) . قُلْتُ : النِّصْفَ ؟ قَالَ :


(مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) . قُلْتُ : فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ :


(مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) .


قُلْتُ : أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ :


(إِذاً ؛ تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ)" .


رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (2457) وقَالَ : "حديثٌ حسنٌ صحيح" .


انظر "صحيح الترغيب" (1670) وقال الألباني : "حسن صحيح" .


 


معنى الحديث :


معنى (الصَّلَاةُ) فِي اللَّغة : الدعاءُ ، وكلُّ داعٍ فَهُوَ مُصَلّ . وسُمَيّت العبادةُ المخصُوصة "صَلَاة" بِبَعْضِ أجْزَائِها لِما فِيهَا مِنَ الدُّعاءِ والاسْتِغْفارِ .


وفي الحديث ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


(إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ ؛ فَلْيُجِبْ ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِراً ؛ فَلْيَأْكُلْ ، وَإِنْ كَانَ صَائِماً ؛ فَلْيُصَلِّ) . أيْ : فَلْيَدْعُ .


"الصحيحة" (1343) ، و "صحيح الجامع" (539) .


ويؤيده ويُفسِّره لفظ الطبراني في "الكبير" : (فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ) .

وقال عنه الألباني في "الإرواء" تحت حديث (1953) ، و "صحيح الجامع (538) : "صحيح" .


والأدلة من القرآن والسنة كثيرة في أن معنى ؛ "الصلاة" : الدعاء والاستغفار والثناء .


 


قوله في حديث الترجمة : (أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ) ؛ أي : أُكثِر الدُّعَاء .


وَ (كَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي) ؛ أَيْ : كَمْ أَجْعَلُ بَدَلَ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي ؟


وقولُه : (أَجْعَلُ لَكَ : الرُّبُعَ - النِّصْفَ - الثُّلُثَيْنِ -) ؛ أي : أَجْعَلَ أَوْقَاتِ دُعَائِي –
هذه - لِنَفْسِي ؛ مَصْرُوفاً لِلصَّلَاةِ عَلَيْكَ ؟


وَ (أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا) ؛ أَيْ : أَصْرِفُ بِصَلَاتِي عَلَيْكَ جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْتُ أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي ، وأُصَلِّي عَلَيْكَ بَدَلَ مَا أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي في صَلَاتِي مِنَ اللَّيْلِ .


وَقولُه (تُكْفَى هَمَّكَ) ؛ أيْ : إِذَا صَرَفْتَ جَمِيعَ زَمَانِ دُعَائِكَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ ؛ كُفِيتَ مَا يَهُمُّكَ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، وَتَعْظِيمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالِاشْتِغَالِ بِأَدَاءِ حَقِّهِ عَنْ أَدَاءِ مَقَاصِدِ نَفْسِهِ ، وَإِيثَارِهِ بِالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ ؛ مَا أَعْظَمَهُ مِنْ خِلَالٍ جَلِيلَةِ الْأَخْطَارِ ، وَأَعْمَالٍ كَرِيمَةِ الْآثَارِ .


استفدته أو بعضه من كلام العلامة القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (حديث : 929) .


 


فائدة :


نقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11 /168) عن ابن عَبْدِ السَّلَامِ قولُه :


"لَيْسَتْ صَلَاتُنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةً لَهُ فَإِنَّ مِثْلَنَا لاَ يَشْفَعُ لِمِثْلِهِ ؛ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِمُكَافَأَةِ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا ، فَإِنْ عَجَزْنَا عَنْهَا ؛ كَافَأْنَاهُ بِالدُّعَاءِ .
فَأَرْشَدَنَا اللَّهُ لِمَا عَلِمَ عَجْزَنَا عَنْ مُكَافَأَةِ نَبِيِّنَا : إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابن الْعَرَبِيِّ : فَائِدَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ ؛ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى نُصُوعِ الْعَقِيدَةِ ، وَخُلُوصِ النِّيَّةِ ، وَإِظْهَارِ الْمَحَبَّةِ ، وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَالِاحْتِرَامِ لِلْوَاسِطَةِ الْكَرِيمَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَدْ تَمَسَّكَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ مَنْ أَوْجَبَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالرَّغْمِ وَالْإِبْعَادِ وَالشَّقَاءِ وَالْوَصْفِ بِالْبُخْلِ وَالْجَفَاءِ يَقْتَضِي الْوَعِيدَ ؛ وَالْوَعِيدُ عَلَى التَّرْكِ مِنْ عَلَامَاتِ الْوُجُوبِ .
وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ؛ أَنَّ فَائِدَةَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ : مُكَافَأَتُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَإِحْسَانُهُ مُسْتَمِرٌّ ، فَيَتَأَكَّدُ إِذَا ذُكِرَ وَتَمَسَّكُوا أَيْضاً بِقَوْلِهِ : {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} ، فَلَوْ كَانَ إِذَا ذُكِرَ لاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ ؛ لَكَانَ كَآحَادِ النَّاسِ" .


والله أعلم .


 


كتبه /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


الاثنين : 20 / 12 / 1435هـ