محمد سرور
التكفيري في سطور .
هو محمد سرور بن نايف زين العابدين
صاحب كتاب :
"منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" . ومجلته "السنة" التي يُصدرها
من لندن .
وهذا
الرجل عُرِف بانحراف الفكر من خلال كتاباته ، وعداوته لأهل السنة في – بلاد الحرمين
– "المملكة العربية السعودية" ، وما شهدنا إلا بما كتبت يده وخطه وقلمه
.
وإليك بعض أقواله في ذلك من مراجعها :
أولاً : بغضه لكتب العقيدة :
فيقول
في كتابه : "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" في الجزء الأول منه ، الصحيفة
( 8 ) :
"نظرتُ في كتب العقيدة فرأيت أنها
كُتبت في غير عصرنا ، ومن ثًمَّ فأسلوب كتب العقيدة فيه كثير من الجفاف ؛ لأنه نصوص
وأحكام" .
ردّ
عليه شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان فقال :
"هناك أناس يُزّهِدون في تدريس العقيدة
ويُزّهِدون في كتب السلف ، ويُزّهِدون في مؤلفات أئمة الإسلام ، ويريدون أن يصرفوا
الناس إلى مؤلفاتهم هم وأمثالهم من الجهال ، ومن دعاة الضلال .
هذا القائل من دعاة الضلال ؛ نسأل الله
العافية فيجب أن نَحْذَر من كتابه هذا ، وأن نُحذِّر منه .
وأذكر لكم أن الشيخ محمد أمان الجامي –
وفقه الله – قد أملى شريطاً كاملاً على هذه الكلمة :
"أن كتب العقيـدة نصوص وأحكام
..." رد عليه رداً بليغاً ؛ فعليكم أن تبحثوا عن الشريط ، وأن تنشروه بين المسلمين
، حتى يحذروا من هذا الخبث ، ومن هذا الشر الوافد إلى بلاد المسلمين .
نعم ؛ هذا شريط قيم جداً ، جزا الله خيراً
شيخنا الشيخ محمد أمان الجامي ، ونصر به الإسلام والمسلمين .
لماذا نستورد من محمد سرور زين العابدين
في لندن – أو غيره – هذه الأفكار ؟
لماذا لا نرجع إلى الكتب التي بين أيدينا
، من كتب السلف الصالح ، وكتب علماء التوحيد ، التي صدرت عن علماء ، ولم تصدر عن كاتب
أو مثقف لا يُدرى عن مقاصده ؟ ولا يُدرى – أيضاً – عن مقدار علمه ؟
الرجل – محمد سرور – بكلامه هذا يضلِّل
الشباب ، ويصرفهم عن كتب العقيدة الصحيحة ، وكتب السلف ، ويوجههم إلى الأفكار الجديدة
، والكتب الجديدة ، التي تحمل افكاراً مشبوهة .
كتب العقيدة آفتها عند "محمد سرور"
؛ أنها نصوص وأحكام ، فيها قال الله وقال رسوله ؛ وهو يريد أفكار فلان وفلان ، لا يريد
نصوصاً وأحكاماً .
فعليكم أن تحذروا من هذه الدسائس الباطلة
، التي يُراد بها صرف شبابنا عن كتب سلفنا الصالح .
الحمد لله نحن أغنياء بما خلَّفه لنا سلفنا
الصالح من كتب العقائد ، وكتب الدعوة ، وليست بأسلوب جاف – كما زعم هذا الكاتب - ،
بل بأسلوب علمي من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمثال : صحيح البخاري ، ومسلم ، وبقية كتب الحديث
، ومن كتاب الله – تعالى - ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ثم كتب
السنة ، مثل : كتاب "السنة" لابن أبي عاصم ، و "الشريعة" للآجري
، و "السنة" لعبدالله بن الإمام أحمد ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه
ابن القيم ، وكتب شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب ، فعليكم بهذه الكتب والأخذ
منها .
فإذا كان القرآن جافاً ، والسنة جافة ،
وكلام أهل العلم المعتبرين فيه جفاف ؛ فهذا من عمى البصيرة ، وكما قال الشاعر :
قد تنكر العــين
ضوء الشمس من رمـد
|
وينكر الفم طعم الماء من سقم
|
والعقيدة لا تؤخذ إلا من نصوص الكتاب والسنة
، لا من فِكر فلان وعلاّن" .
انتهى من كتاب "الأجوبة المفيدة
عن أسئلة المناهج الجديدة" جواب سؤال رقم (28) .
قلتُ :
ثانياً : انتحال "محمد سرور" عقيدة
الخوارج "التكفير بالمعصية" للحكام وكذا الشعوب :
أما الحكام :
فكتاباته في مجلته المسمّاة زوراً وبهتاناً بـ"السنة" مستفيضة في هذا الموضوع
وليست بخافية ، وسيأتي بعض ذلك في ثنايا ما سننقله عنه .
وأما تكفير الشعوب بالمعصية
: ففي كتابه : "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" ، الجزء الأول ، الصحيفة
( 158 ) ؛ يرى أن قوم لوط لو آمنوا بنبيهم ولم يتركوا فعلتهم الخبيثة لما نفعهم ذلك
الإيمان بالله، ويقول ما نصه :
"فليس من المستغرب أن تكون مشكلة إتيان
الذُّكران من العالمين أهم قضية في دعوة لوط عليه السلام ؛ لأن قومه لو استجابوا له
في دعوته إلى الإيمان بالله وعدم الإشراك به لَمَا كان لاستجابتهم أيّ معنى ، إذا لم
يقلعوا عن عاداتهم الوحشية التي اجتمعوا عليها" ا هـ .
هكذا يكفِّر بالكبيرة مطلقاً ، ولو لم يستحلها
الفاعل .
وقال في الصحيفة رقم (170) من الكتاب
نفسه :
"لو أن قوم لوط قالوا : "لا إله
إلا الله" ؛ لا تنفعهم ؛ ما داموا مصرين على معصيتهم" .
ردّ
عليه شيخنا الفوزان ، فقال :
"هذا كلام باطل ، لأن اللواط لا شك
أنه جريمة ، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب ، ولكن لا يصل إلى حد الكفر فمن تاب إلى الله
عَزَّ وَجَلَّ من الشرك ، ولم يقع منه شرك ، ولكن وقع منه جريمة اللواط هذا يعتبر قد
ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ، لكنه لا يكفر – ما لم يستحل - .
فلو أن قوم لوط وحدوا الله عَزَّ
وَجَلَّ ، وعبدوا الله وحده لا شريك له ،
ولكن بقوا على جريمة اللواط ؛ لكانوا فسقة
مرتكبين كبيرة من كبائر الذنوب ، يعاقبهم الله عليها إما في الدنيا وإما في الآخرة
، أو يعفو عنهم سبحانه وتعالى ، لكن لا يكفرون ، الله تعالى يقول : ]إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ ، وفي الحديث الصحيح : إن الله سبحانه وتعالى يأمر يوم القيامة أن
يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، ويراد بهم أهل التوحيد
، الذين عندهم معاصي ودخلوا بها النار ، يعذبون ثم يُخرَجون من النار بتوحيدهم وعقيدتهم
، فالموحد وإن دخل النار ؛ لا يُخَلَّد فيها ، وقد يعفو الله عنه ولا يدخل النار أصلاً
]وَيَغْفِرُ
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ .
فهذه الكلمة ؛ كلمة جاهل ، وهي أحسن ما
نحمله عليها ، أحسن ما نحمله عليه الجهل .
والجهل داء وبيل والعياذ بالله ، وهذه آفة
كثير من الدعاة اليوم ، الذين يدعون إلى الله على جهل ؛ يقعون في هـذا ، ويكفـرون الناس
بدون سبب ، ويتساهلون في أمور التوحيد .
انظروا إلى هذا الجاهل
، هذا الجاهل يتساهل في أمر العقدية ويعظم أمر اللواط . أيهما أشد ؟
هل الشرك أشد أم اللواط أشد ؟ نسأل الله
العافية" .
انتهى من كتاب الأجوبة المفيدة
.." جواب على السؤال رقم (29) .
ثالثاً :
عداوت "محمد سرور" لأهل السنة السلفيين :
ففي هذه المقالة التي ستقرأها ، يتكلم في
علماء الدعوة السلفية : غمزاً ، ولمزاً، وقدحاً ، وإسقاطاً لعلماء البلاد السعودية
، وبالأخص كبار العلماء ؛ فيقول تحت عنوان : "المساعدات الرسمية" في مجلة
"السنة" ، العدد : الثالث والعشرون ، ذوالحجة 1412هـ صحيفة : ( 29-30 ) :
"وصنف آخر يأخذون – يعني : المساعدات
الرسمية - ، ويربطون مواقفهم بمواقف ساداتهم ... ، فإذا استعان السادة - يعني : "حكام
السعودية" - بالأمريكان ؛ انبرى العبيد – يعني : "كبار العلماء
بالسعودية" - إلى حشد الأدلة التي تجيز هذا العمل ، ويقيمون النكير على كل من
يخالفهم ، وإذا اختلف السادة مع إيران الرافضة ؛ تَذَكر العبيد خبث الرافضة .. ، وإذا
انتهى الخلاف ؛ سكت العبيد ، وتوقفوا عن توزيع الكتب التي أُعطيت لهم.
هذا الصنف من الناس : يكذبون .. يتجسسون
... يكتبون التقارير ... ويفعلون كل شيء يطلبه السادة منهم ... وهؤلاء قِلَّة – والحمد
الله - ، ودخلاء على الدعوة والعمل الإسلامي ، وأوراقهم مكشوفة ، وإن أطالوا لحاهم
، وقصروا ثيابهم ، وزعموا بأنهم حماة السنة ، ولا يضير الدعوة الإسلامية وجود هذا الصنف
من الناس ، فالنفاق قديم ...
يا إخواننا : لا تغرنكم هذه المظاهر ؛ فهذه
المشيخة صنعها الظالمون ، ومهمة فضيلة الشيخ لا تختلف عن مهمة كبار رجال الأمن ..."
ا هـ .
قال
شيخنا الفوزان معلقاً على قوله : "وإن أطالوا لحاهم
، وقصروا ثيابهم" :
"هكذا يسخر من السّنة فيما يسميه مجلة
السّنة" .
المرجع السابق "الحاشية" تحت
سؤال (28) .
تنبيه هام :
رد شيخنا الفوزان أعلاه على محمد سرور كان
قبيل عام 1416هـ ، فتأمل لأنك ستحتاج لمعرفة تاريخ هذا الرد لما سيأتي في آخر هذه
الكتابة .
قلتُ :
لا يخفي عليك - أخي القارئ - أن المقصود – بكلامه السابق – بـ"الصنف الآخر"
هم علماء البلاد السعودية ، و بـ"السادة" هم حكام البلاد السعودية ، والشاهد
على ذلك قوله :
"فإذا استعان السادة بالأمريكان انبرى
العبيد ..." .
وهو يتكلم عن قضية الاستعانة في حرب الخليج
عندما غزا صدام حسين دولة الكويت .
و
"العبيد" هنا يعني بهم علماءنا – عليه من الله ما يستحق - .
ويرميهم – أيضاً – بالنفاق . فهل من غيرة
على علمائنا ؟
وفي مجلته "السنة"، العدد السادس
والعشرين ، جمادي الأولى 1413هـ ، الصحيفة :
(2-3) ، افتتاحية العدد تحت عنوان :
"المستبدون والعبيد" :
"وللعبودية طبقات هَرَمية اليوم :
الطبقة الأولى
: يتربع على عرشها رئيس الولايات المتحدة "جورج بوش" ، وقد يكون غدًا
"كلنتون" .
والطبقة الثانية
: هي طبقة الحكام في البلدان العربية ، وهؤلاء يعتقدون : أن نفعهم وضررهم بيد بوش"
.
قلت : كيف جزم بأن هذه عقيدتهم ؟ .
هل شق عن قلوبهم ، أو هل أخبروه بذلك ؟
]سُبْحَانَكَ
هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ[ .
ويستمر في مقاله ، فيقول :
"ولهذا فهم يحجون إليه ، ويقدمون إليه
النذور والقرابين" .
وهذا دليلٌ على تكفير كاتبه للحُكَّام ،
الذي أشرنا إليه قبل قليل .
ويستمر المقال فيقول :
"والطبقة الثالثة : حاشية الحكام
العرب من الوزراء ، ووكلاء الوزراء ، وقادة الجيوش ، والمستشارين ، فهؤلاء ينافقون
لأسيادهم ، ويزينون لهم كل باطل دون حياء ولا خجل ، ولا مروءة .
والطبقة الرابعة والخامسة والسادسة
: كبار الموظفين عند الوزراء .
لقد كان الرِّق في القديم بسيطًا ؛ لأن
للرقيق سيداً مباشراً ، أما اليوم فالرق معقـد ، ولا ينقضي عجبي من الذين يتحدثون عن
التوحيد وهم : عبيد عبيد عبيد عبيد العبيد ، وسيدهم الأخير نصراني" ا هـ .
فبالله عليك – أخي القارئ – أجب عن هذا
السؤال بكل نزاهة وتقوى :
من
هم الذين يتحدثون عن التوحيد في جملة العلماء ؟ أليسوا هم علماء البلاد السعودية ،
أمثال : الشيخ ابن باز ، وابن عثيمين ، وصالح اللحيدان ، والفوزان ، وأمثالهم من إخوانهم
كبار العلماء ؟!
فيأتي اليوم من يصفهم بأنهم عبيد للحكام
، ومن ثَمَّ عبيد لـ"بوش" الكافر .
وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حيث قال :
( إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا
شِئْتَ ) .
أخرجه البخاري : ( 3296 ) من حديث أبي مسعود
البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
ثم هو متناقض في نفسه ؛ فهو يحرم الاستعانة
بالكفار عند الضرورة وهو يلجأ إليهم ويسكن في ديارهم وتحت حمايتهم ، وما الفرق بين
كفار أمريكا وكفار لندن الذين يعيش هو في ظلهم وتحت حكمهم – من غير ضرورة - ؟!
] أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ
بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [ ؟
ألا يستحي هذا الرجل من عمله هذا ؟ أم أنه
انطبق عليه قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث السابق .
فمن كان بيته من زجاج لا يرمِ الناس بالحجارة
.
يقول قائل :
الرجل مات فلماذا تذكرون مساويه وفي الحديث :
( اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ ؛ وَكُفُّوا
عَنْ مُسَاوِيهِمْ ) .
قلتُ :
الجواب على وجوه :
الأول :
أن الحديث ضعيف لا حجة لكم فيه .
ثانياً :
ذِكرنا منهجه حتى لا يغتر به المسلمون اليوم وبعد اليوم ؛ ولم نذكر مساوئ شخصه ،
وهذا كله من حماية الشريعة والذب عن السنة وأهلها ؛ وهذا دين ندين الله به حتى بعد
موت الرجل .
قال الشيخ محدث العصر الألباني في "الصحيحة"
(6/الأول/35) بعد أن سرد في (ص 29) قصة :
"أن
رجلا عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب ، بل إنه كان رئيساً عليهم بعض
الوقت ، ثم أحدث فيهم حدثا دون برهان من الله ورسوله" :
"ثم
توفي الرجل بعد كتابه هذا بسنين طويلة إلى رحمة الله ومغفرته ، ومعذرة إلى بعض
الإخوان الذين قد يرون في هذا النقد العلمي وفيما يأتي ما لا يروق لهم ، فأُذَكِّرهم
بأن العلم الذي عشته دهري هو الذي لا يسعني مخالفته ، وما قول البخاري ، وسليمان
بن حرب الآتي تحت رقم (2630) في "حرب بن ميمون" : "هو أكذب الخلق"
- وذلك بعد موته - عنهم ببعيد" .
ثالثاً : ذِكرنا أخطاء محمد
سرور بن نايف زين العابدين بعد موته ليس تشفياً ، وإنما حتى يتبين للأجيال القادمة
أن العلماء والدُّعاة السلفيين لم يتركوا كلامه المناقض لعقيدة أهل السنة والجماعة
يمر مرّ الكرام ؛ بل ردُّوا عليه في حينه ، وبينه عوره وزيفه وبطلانه بالأدلة
والبراهين ، وليبق ذلك حتى بعد موته حتى لو كان قد تاب منه ؛ فكيف ومحمد سرور لم
يُظهر توبته مما قرأته أخي القاري عنه أعلاه وما خفي كان أعظم .
وأتذكر
هنا بالمناسبة ما كتبه أبو محمد موفق الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620هـ) في
حق أبي الْوَفَاء عَليّ بن عقيل الحنبلي (ت 513هـ) ، فقال :
"الْحَمد
لله حمداً موافياً لنعمه ..
أما
بعد : فإنني وقفت على "فضيحة" ابْن عقيل الَّتِي سَمَّاهَا "نصيحة"
وتأملت مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من الْبدع القبيحة ، والشناعة على سالكي الطَّرِيق
الْوَاضِحَة الصَّحِيحَة ، فَوَجَدتهَا فضيحة لقائلها ، قد هتك الله تَعَالَى بهَا
ستره ، وَأبْدى بهَا عَوْرَته .
وَلَوْلاَ أَنه قد تَابَ إِلَى الله عز وَجل
مِنْهَا وتنصل ، وَرجع عَنْهَا ، واستغفر الله تَعَالَى من جَمِيع مَا تكلم بِهِ
من الْبدع أَو كتبه بِخَطِّهِ أَو صنفه أَو نسب إِلَيْهِ ؛ لعَدَدْناه فِي جملَة الزَّنَادِقَة
، وألحقناه بالمبتدعة المارقة .
وَلكنه
لما تَابَ وأناب ؛ وَجب أَن تحمل مِنْهُ هَذِه الْبِدْعَة والضلالة على أَنَّهَا كَانَت
قبل تَوْبَته فِي حَال بدعته وزندقته ، ثمَّ قد عَاد بعد تَوْبَته إِلَى نَص
السّنة ؛ وَالرَّدّ على من قَالَ بمقالته الأولى بِأَحْسَن كَلَام وأبلغ نظام ، وَأجَاب
على الشّبَه الَّتِي ذُكِرتْ بِأَحْسَن جَوَاب ، وَكَلَامه فِي ذَلِك كثير فِي كتب
كبار وصغار وأجزاء مُفْردَة ، وَعِنْدنَا من ذَلِك كثير ، فَلَعَلَّ إحسانه يمحو
إساءته وتوبته تمحو بدعته ، فَإِن الله تَعَالَى يقبل التَّوْبَة عَن عبَادَة
وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات .
وَلَقَد
كنت أعجب من الْأَئِمَّة ؛ من أَصْحَابنَا الَّذين كفروه ، وأهدروا دَمه ، وأفتوا
بِإِبَاحَة قَتله ، وحكموا بزندقته قبل تَوْبَته ؛ وَلم أدر أَي شَيْء أوجب هَذَا
فِي حَقه ، وَمَا الَّذِي اقْتضى أَن يبالغوا فِيهِ هَذِه الْمُبَالغَة ؛ حَتَّى
وقفت على هَذِه "الفضيحة" ؛ فَعلمت أَن بهَا وبأمثالها استباحوا دَمه وَقد
عثرتُ لَهُ على زلات قبيحة ؛ وَلَكِن لم أجد عَنهُ مثل هَذِه الَّتِي بَالغ فِيهَا
فِي تهجين السّنة ؛ مُبَالغَة لم يبالغها معتزلي وَلَا غَيره" . انتهى .
"تحريم
النظر في كتب الكلام" (ص 29-32) .
قلتُ
: كُتِب هذا بعد قرنٍ من وفاة المـُخطئ وقد
عُلِمت توبته ؛ فكيف نتورع عمن أحدث في دين الله وأضل الكثير من شباب المسلمين في
عصره ، ولا يزال فكره منتشر بين محبيه ، وما مادِحِيه ومزكِيه اليوم بعد وفاته عنّا
ببعيد .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه .
أعده
وكتبه /
أبو
فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
12
/ 2 / 1438هـ