عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



الأحد، 13 نوفمبر 2016

محمد سرور التكفيري في سطور .







محمد سرور التكفيري في سطور .


 


هو محمد سرور بن نايف زين العابدين صاحب كتاب :
"منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" . ومجلته "السنة" التي يُصدرها من لندن .


       وهذا الرجل عُرِف بانحراف الفكر من خلال كتاباته ، وعداوته لأهل السنة في – بلاد الحرمين – "المملكة العربية السعودية" ، وما شهدنا إلا بما كتبت يده وخطه وقلمه .


وإليك بعض أقواله في ذلك من مراجعها :


       أولاً : بغضه لكتب العقيدة :


       فيقول في كتابه : "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" في الجزء الأول منه ، الصحيفة ( 8 ) :


"نظرتُ في كتب العقيدة فرأيت أنها كُتبت في غير عصرنا ، ومن ثًمَّ فأسلوب كتب العقيدة فيه كثير من الجفاف ؛ لأنه نصوص وأحكام" .


 


ردّ عليه شيخنا العلامة صالح بن فوزان الفوزان فقال :


"هناك أناس يُزّهِدون في تدريس العقيدة ويُزّهِدون في كتب السلف ، ويُزّهِدون في مؤلفات أئمة الإسلام ، ويريدون أن يصرفوا الناس إلى مؤلفاتهم هم وأمثالهم من الجهال ، ومن دعاة الضلال .


هذا القائل من دعاة الضلال ؛ نسأل الله العافية فيجب أن نَحْذَر من كتابه هذا ، وأن نُحذِّر منه .


وأذكر لكم أن الشيخ محمد أمان الجامي – وفقه الله – قد أملى شريطاً كاملاً على هذه الكلمة :
"أن كتب العقيـدة نصوص وأحكام ..." رد عليه رداً بليغاً ؛ فعليكم أن تبحثوا عن الشريط ، وأن تنشروه بين المسلمين ، حتى يحذروا من هذا الخبث ، ومن هذا الشر الوافد إلى بلاد المسلمين .


نعم ؛ هذا شريط قيم جداً ، جزا الله خيراً شيخنا الشيخ محمد أمان الجامي ، ونصر به الإسلام والمسلمين .


لماذا نستورد من محمد سرور زين العابدين في لندن – أو غيره – هذه الأفكار ؟


لماذا لا نرجع إلى الكتب التي بين أيدينا ، من كتب السلف الصالح ، وكتب علماء التوحيد ، التي صدرت عن علماء ، ولم تصدر عن كاتب أو مثقف لا يُدرى عن مقاصده ؟ ولا يُدرى – أيضاً – عن مقدار علمه ؟


الرجل – محمد سرور – بكلامه هذا يضلِّل الشباب ، ويصرفهم عن كتب العقيدة الصحيحة ، وكتب السلف ، ويوجههم إلى الأفكار الجديدة ، والكتب الجديدة ، التي تحمل افكاراً مشبوهة .


كتب العقيدة آفتها عند "محمد سرور" ؛ أنها نصوص وأحكام ، فيها قال الله وقال رسوله ؛ وهو يريد أفكار فلان وفلان ، لا يريد نصوصاً وأحكاماً .


فعليكم أن تحذروا من هذه الدسائس الباطلة ، التي يُراد بها صرف شبابنا عن كتب سلفنا الصالح .


الحمد لله نحن أغنياء بما خلَّفه لنا سلفنا الصالح من كتب العقائد ، وكتب الدعوة ، وليست بأسلوب جاف – كما زعم هذا الكاتب - ، بل بأسلوب علمي من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ، أمثال : صحيح البخاري ، ومسلم ، وبقية كتب الحديث ، ومن كتاب الله – تعالى - ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ثم كتب السنة ، مثل : كتاب "السنة" لابن أبي عاصم ، و "الشريعة" للآجري ، و "السنة" لعبدالله بن الإمام أحمد ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيم ، وكتب شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبدالوهاب ، فعليكم بهذه الكتب والأخذ منها .

فإذا كان القرآن جافاً ، والسنة جافة ، وكلام أهل العلم المعتبرين فيه جفاف ؛ فهذا من عمى البصيرة ، وكما قال الشاعر :


قد تنكر العــين ضوء الشمس من رمـد
 
 
وينكر الفم طعم الماء من سقم



والعقيدة لا تؤخذ إلا من نصوص الكتاب والسنة ، لا من فِكر فلان وعلاّن" .


انتهى من كتاب "الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة" جواب سؤال رقم (28) .


 


قلتُ :


ثانياً : انتحال "محمد سرور" عقيدة الخوارج "التكفير بالمعصية" للحكام وكذا الشعوب :


أما الحكام : فكتاباته في مجلته المسمّاة زوراً وبهتاناً بـ"السنة" مستفيضة في هذا الموضوع وليست بخافية ، وسيأتي بعض ذلك في ثنايا ما سننقله عنه .


 


وأما تكفير الشعوب بالمعصية : ففي كتابه : "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله" ، الجزء الأول ، الصحيفة ( 158 ) ؛ يرى أن قوم لوط لو آمنوا بنبيهم ولم يتركوا فعلتهم الخبيثة لما نفعهم ذلك الإيمان بالله، ويقول ما نصه :


"فليس من المستغرب أن تكون مشكلة إتيان الذُّكران من العالمين أهم قضية في دعوة لوط عليه السلام ؛ لأن قومه لو استجابوا له في دعوته إلى الإيمان بالله وعدم الإشراك به لَمَا كان لاستجابتهم أيّ معنى ، إذا لم يقلعوا عن عاداتهم الوحشية التي اجتمعوا عليها" ا هـ .


هكذا يكفِّر بالكبيرة مطلقاً ، ولو لم يستحلها الفاعل .


وقال في الصحيفة رقم (170) من الكتاب نفسه :


"لو أن قوم لوط قالوا : "لا إله إلا الله" ؛ لا تنفعهم ؛ ما داموا مصرين على معصيتهم" .


ردّ عليه شيخنا الفوزان ، فقال :


"هذا كلام باطل ، لأن اللواط لا شك أنه جريمة ، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب ، ولكن لا يصل إلى حد الكفر فمن تاب إلى الله عَزَّ وَجَلَّ من الشرك ، ولم يقع منه شرك ، ولكن وقع منه جريمة اللواط هذا يعتبر قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ، لكنه لا يكفر – ما لم يستحل - .


فلو أن قوم لوط وحدوا الله عَزَّ وَجَلَّ  ، وعبدوا الله وحده لا شريك له ،


ولكن بقوا على جريمة اللواط ؛ لكانوا فسقة مرتكبين كبيرة من كبائر الذنوب ، يعاقبهم الله عليها إما في الدنيا وإما في الآخرة ، أو يعفو عنهم سبحانه وتعالى ، لكن لا يكفرون ، الله تعالى يقول : ]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ ، وفي الحديث الصحيح : إن الله سبحانه وتعالى يأمر يوم القيامة أن يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، ويراد بهم أهل التوحيد ، الذين عندهم معاصي ودخلوا بها النار ، يعذبون ثم يُخرَجون من النار بتوحيدهم وعقيدتهم ، فالموحد وإن دخل النار ؛ لا يُخَلَّد فيها ، وقد يعفو الله عنه ولا يدخل النار أصلاً ]وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[ .


فهذه الكلمة ؛ كلمة جاهل ، وهي أحسن ما نحمله عليها ، أحسن ما نحمله عليه الجهل .


والجهل داء وبيل والعياذ بالله ، وهذه آفة كثير من الدعاة اليوم ، الذين يدعون إلى الله على جهل ؛ يقعون في هـذا ، ويكفـرون الناس بدون سبب ، ويتساهلون في أمور التوحيد .


انظروا إلى هذا الجاهل ، هذا الجاهل يتساهل في أمر العقدية ويعظم أمر اللواط . أيهما أشد ؟


هل الشرك أشد أم اللواط أشد ؟ نسأل الله العافية" .


انتهى من كتاب الأجوبة المفيدة .." جواب على السؤال رقم (29) .


 


ثالثاً : عداوت "محمد سرور" لأهل السنة السلفيين :


ففي هذه المقالة التي ستقرأها ، يتكلم في علماء الدعوة السلفية : غمزاً ، ولمزاً، وقدحاً ، وإسقاطاً لعلماء البلاد السعودية ، وبالأخص كبار العلماء ؛ فيقول تحت عنوان : "المساعدات الرسمية" في مجلة "السنة" ، العدد : الثالث والعشرون ، ذوالحجة 1412هـ صحيفة : ( 29-30 ) :


"وصنف آخر يأخذون – يعني : المساعدات الرسمية - ، ويربطون مواقفهم بمواقف ساداتهم ... ، فإذا استعان السادة - يعني : "حكام السعودية" - بالأمريكان ؛ انبرى العبيد – يعني : "كبار العلماء بالسعودية" - إلى حشد الأدلة التي تجيز هذا العمل ، ويقيمون النكير على كل من يخالفهم ، وإذا اختلف السادة مع إيران الرافضة ؛ تَذَكر العبيد خبث الرافضة .. ، وإذا انتهى الخلاف ؛ سكت العبيد ، وتوقفوا عن توزيع الكتب التي أُعطيت لهم.


هذا الصنف من الناس : يكذبون .. يتجسسون ... يكتبون التقارير ... ويفعلون كل شيء يطلبه السادة منهم ... وهؤلاء قِلَّة – والحمد الله - ، ودخلاء على الدعوة والعمل الإسلامي ، وأوراقهم مكشوفة ، وإن أطالوا لحاهم ، وقصروا ثيابهم ، وزعموا بأنهم حماة السنة ، ولا يضير الدعوة الإسلامية وجود هذا الصنف من الناس ، فالنفاق قديم ...


يا إخواننا : لا تغرنكم هذه المظاهر ؛ فهذه المشيخة صنعها الظالمون ، ومهمة فضيلة الشيخ لا تختلف عن مهمة كبار رجال الأمن ..." ا هـ .


 


قال شيخنا الفوزان معلقاً على قوله : "وإن أطالوا لحاهم ، وقصروا ثيابهم" :


"هكذا يسخر من السّنة فيما يسميه مجلة السّنة" .


المرجع السابق "الحاشية" تحت سؤال (28) .


تنبيه هام :


رد شيخنا الفوزان أعلاه على محمد سرور كان قبيل عام 1416هـ ، فتأمل لأنك ستحتاج لمعرفة تاريخ هذا الرد لما سيأتي في آخر هذه الكتابة .


قلتُ : لا يخفي عليك - أخي القارئ - أن المقصود – بكلامه السابق – بـ"الصنف الآخر" هم علماء البلاد السعودية ، و بـ"السادة" هم حكام البلاد السعودية ، والشاهد على ذلك قوله :


"فإذا استعان السادة بالأمريكان انبرى العبيد ..." .


وهو يتكلم عن قضية الاستعانة في حرب الخليج عندما غزا صدام حسين دولة الكويت .


       و "العبيد" هنا يعني بهم علماءنا – عليه من الله ما يستحق - .


ويرميهم – أيضاً – بالنفاق . فهل من غيرة على علمائنا ؟


وفي مجلته "السنة"، العدد السادس والعشرين ، جمادي الأولى 1413هـ ، الصحيفة :
(2-3) ، افتتاحية العدد تحت عنوان : "المستبدون والعبيد" :


"وللعبودية طبقات هَرَمية اليوم :


الطبقة الأولى : يتربع على عرشها رئيس الولايات المتحدة "جورج بوش" ، وقد يكون غدًا "كلنتون" .


والطبقة الثانية : هي طبقة الحكام في البلدان العربية ، وهؤلاء يعتقدون : أن نفعهم وضررهم بيد بوش" .


قلت : كيف جزم بأن هذه عقيدتهم ؟ .


هل شق عن قلوبهم ، أو هل أخبروه بذلك ؟ ]سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ[ .


ويستمر في مقاله ، فيقول :


"ولهذا فهم يحجون إليه ، ويقدمون إليه النذور والقرابين" .


وهذا دليلٌ على تكفير كاتبه للحُكَّام ، الذي أشرنا إليه قبل قليل .


ويستمر المقال فيقول :


"والطبقة الثالثة : حاشية الحكام العرب من الوزراء ، ووكلاء الوزراء ، وقادة الجيوش ، والمستشارين ، فهؤلاء ينافقون لأسيادهم ، ويزينون لهم كل باطل دون حياء ولا خجل ، ولا مروءة .


والطبقة الرابعة والخامسة والسادسة : كبار الموظفين عند الوزراء .


لقد كان الرِّق في القديم بسيطًا ؛ لأن للرقيق سيداً مباشراً ، أما اليوم فالرق معقـد ، ولا ينقضي عجبي من الذين يتحدثون عن التوحيد وهم : عبيد عبيد عبيد عبيد العبيد ، وسيدهم الأخير نصراني" ا هـ .



فبالله عليك – أخي القارئ – أجب عن هذا السؤال بكل نزاهة وتقوى :


       من هم الذين يتحدثون عن التوحيد في جملة العلماء ؟ أليسوا هم علماء البلاد السعودية ، أمثال : الشيخ ابن باز ، وابن عثيمين ، وصالح اللحيدان ، والفوزان ، وأمثالهم من إخوانهم كبار العلماء ؟!


فيأتي اليوم من يصفهم بأنهم عبيد للحكام ، ومن ثَمَّ عبيد لـ"بوش" الكافر .


وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قال :


( إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ) .


أخرجه البخاري : ( 3296 ) من حديث أبي مسعود البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .


ثم هو متناقض في نفسه ؛ فهو يحرم الاستعانة بالكفار عند الضرورة وهو يلجأ إليهم ويسكن في ديارهم وتحت حمايتهم ، وما الفرق بين كفار أمريكا وكفار لندن الذين يعيش هو في ظلهم وتحت حكمهم – من غير ضرورة - ؟!


] أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [ ؟


ألا يستحي هذا الرجل من عمله هذا ؟ أم أنه انطبق عليه قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث السابق .


فمن كان بيته من زجاج لا يرمِ الناس بالحجارة .


 


يقول قائل : الرجل مات فلماذا تذكرون مساويه وفي الحديث :


( اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ ؛ وَكُفُّوا عَنْ مُسَاوِيهِمْ ) .


قلتُ : الجواب على وجوه :


الأول : أن الحديث ضعيف لا حجة لكم فيه .


ثانياً : ذِكرنا منهجه حتى لا يغتر به المسلمون اليوم وبعد اليوم ؛ ولم نذكر مساوئ شخصه ، وهذا كله من حماية الشريعة والذب عن السنة وأهلها ؛ وهذا دين ندين الله به حتى بعد موت الرجل .


 


قال الشيخ محدث العصر الألباني في "الصحيحة" (6/الأول/35) بعد أن سرد في (ص 29) قصة :


"أن رجلا عاش برهة طويلة مع إخواننا السلفيين في حلب ، بل إنه كان رئيساً عليهم بعض الوقت ، ثم أحدث فيهم حدثا دون برهان من الله ورسوله" :


"ثم توفي الرجل بعد كتابه هذا بسنين طويلة إلى رحمة الله ومغفرته ، ومعذرة إلى بعض الإخوان الذين قد يرون في هذا النقد العلمي وفيما يأتي ما لا يروق لهم ، فأُذَكِّرهم بأن العلم الذي عشته دهري هو الذي لا يسعني مخالفته ، وما قول البخاري ، وسليمان بن حرب الآتي تحت رقم (2630) في "حرب بن ميمون" : "هو أكذب الخلق" - وذلك بعد موته - عنهم ببعيد" .


 


ثالثاً : ذِكرنا أخطاء محمد سرور بن نايف زين العابدين بعد موته ليس تشفياً ، وإنما حتى يتبين للأجيال القادمة أن العلماء والدُّعاة السلفيين لم يتركوا كلامه المناقض لعقيدة أهل السنة والجماعة يمر مرّ الكرام ؛ بل ردُّوا عليه في حينه ، وبينه عوره وزيفه وبطلانه بالأدلة والبراهين ، وليبق ذلك حتى بعد موته حتى لو كان قد تاب منه ؛ فكيف ومحمد سرور لم يُظهر توبته مما قرأته أخي القاري عنه أعلاه وما خفي كان أعظم .


وأتذكر هنا بالمناسبة ما كتبه أبو محمد موفق الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620هـ) في حق أبي الْوَفَاء عَليّ بن عقيل الحنبلي (ت 513هـ) ، فقال :


"الْحَمد لله حمداً موافياً لنعمه ..


أما بعد : فإنني وقفت على "فضيحة" ابْن عقيل الَّتِي سَمَّاهَا "نصيحة" وتأملت مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من الْبدع القبيحة ، والشناعة على سالكي الطَّرِيق الْوَاضِحَة الصَّحِيحَة ، فَوَجَدتهَا فضيحة لقائلها ، قد هتك الله تَعَالَى بهَا ستره ، وَأبْدى بهَا عَوْرَته .
وَلَوْلاَ أَنه قد تَابَ إِلَى الله عز وَجل مِنْهَا وتنصل ، وَرجع عَنْهَا ، واستغفر الله تَعَالَى من جَمِيع مَا تكلم بِهِ من الْبدع أَو كتبه بِخَطِّهِ أَو صنفه أَو نسب إِلَيْهِ ؛ لعَدَدْناه فِي جملَة الزَّنَادِقَة ، وألحقناه بالمبتدعة المارقة .


وَلكنه لما تَابَ وأناب ؛ وَجب أَن تحمل مِنْهُ هَذِه الْبِدْعَة والضلالة على أَنَّهَا كَانَت قبل تَوْبَته فِي حَال بدعته وزندقته ، ثمَّ قد عَاد بعد تَوْبَته إِلَى نَص السّنة ؛ وَالرَّدّ على من قَالَ بمقالته الأولى بِأَحْسَن كَلَام وأبلغ نظام ، وَأجَاب على الشّبَه الَّتِي ذُكِرتْ بِأَحْسَن جَوَاب ، وَكَلَامه فِي ذَلِك كثير فِي كتب كبار وصغار وأجزاء مُفْردَة ، وَعِنْدنَا من ذَلِك كثير ، فَلَعَلَّ إحسانه يمحو إساءته وتوبته تمحو بدعته ، فَإِن الله تَعَالَى يقبل التَّوْبَة عَن عبَادَة وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات .


وَلَقَد كنت أعجب من الْأَئِمَّة ؛ من أَصْحَابنَا الَّذين كفروه ، وأهدروا دَمه ، وأفتوا بِإِبَاحَة قَتله ، وحكموا بزندقته قبل تَوْبَته ؛ وَلم أدر أَي شَيْء أوجب هَذَا فِي حَقه ، وَمَا الَّذِي اقْتضى أَن يبالغوا فِيهِ هَذِه الْمُبَالغَة ؛ حَتَّى وقفت على هَذِه "الفضيحة" ؛ فَعلمت أَن بهَا وبأمثالها استباحوا دَمه وَقد عثرتُ لَهُ على زلات قبيحة ؛ وَلَكِن لم أجد عَنهُ مثل هَذِه الَّتِي بَالغ فِيهَا فِي تهجين السّنة ؛ مُبَالغَة لم يبالغها معتزلي وَلَا غَيره" . انتهى .


"تحريم النظر في كتب الكلام" (ص 29-32) .


 


قلتُ : كُتِب هذا بعد قرنٍ من وفاة المـُخطئ وقد عُلِمت توبته ؛ فكيف نتورع عمن أحدث في دين الله وأضل الكثير من شباب المسلمين في عصره ، ولا يزال فكره منتشر بين محبيه ، وما مادِحِيه ومزكِيه اليوم بعد وفاته عنّا ببعيد .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه .


 


أعده وكتبه /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


12 / 2 / 1438هـ