الغناء رقية الزنا
قَالَ تَعَالَى : ]وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ
عِلْمٍ[
قَالَ شيخُنا الألباني
في "الصحيحة" (6/ الثاني /944) :
"ولنزول الآية شاهد من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ
أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ ؟ فَقَالَ:
(هُوَ الْغِنَاءُ ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ ، يُرَدِّدُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ) .
وقال الحاكم : "صحيح الإسناد" . ووافقه
الذهبي . وهو كما قالا .
ومثله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : ]وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ[ . قَالَ :
(نَزَلَتْ فِي الْغِنَاءُ وَأَشْبَاهُهُ) .
والشواهد الصحيحة المذكورة عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وغيره ؛ فإنها في حكم المرفوع عند الحاكم وغيره ، لاسيما وقد حلف ابن مسعود ثلاث
مرات على نزولها في الغناء ، وقد صححه ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (1/240)
عن ابن عباس ، وابْنِ مَسْعُودٍ ، ثم تتابعت الآثار بذلك عن التابعين وغيرهم ،
ومنهم الحسن البصري ، فقد جزم بأنها نزلت في الغناء و المزامير" . انتهى .
قال العلامة ابن القيم في
"إغاثة اللهفان" (1 /269) تح. الفقي ، ط. الكتب العلمية الأولى 1407هـ :
"والغِناءُ أشدُ لهواً ، وأعظمُ
ضرراً من أحاديث الملوك وأخبارهم ، فإنه رقية الزنا ، ومنبتُ النفاق ، وشَرَك
الشيطان ، وخَمْرة العقل ، وصَدُّه عن القرآن أعظمُ من صدِّ غيره من الكلام الباطل
، لشدة ميلِ النفوس إليه ، ورغبتها فيه . إذا عُرف هذا ، فأهل الغناء ومُستمعوه
لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن ، وإن لم ينالوا جميعه .
يوضحه : أنك لا تجد أحداً عُنِيَ
بالغناء وسماع آلاته ، إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى ، علماً وعملاً ، وفيه رغبةٌ
عن استماع القرآن إلى استماع الغناء ، بحيث إذا عَرض له سماع الغناء وسماع القرآن
عدل عن هذا إلى ذاك ، وثَقُل عليه سماع القرآن ، وربما حمله الحال على أن يُسكتَ
القارئ ويَستَطيلَ قراءته ، ويستزيد المغنيَ ويستقصر نوبته ، وأقلُّ ما في هذا :
أن يناله نصيبٌ وافر من هذا الذم ، إن لم يَحظَ به جميعه" .
وقال ابن القيم أيضاً في موضع آخر من
الكتاب نفسه (1 /268) :
"وصح عن ابن عمر رضى الله عنهما
أيضاً : "أنه الغناء" .
قال الحاكم أبو عبد الله فى
"التفسير" ، من كتاب "المستدرك" {(2 /258)} :
"لِيَعْلَمَ
طَالِبُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ
وَالتَّنْزِيلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ" .
وقال في موضع آخر من كتابه :
"هو عندنا في حكم المرفوع" .
فلا ريب أنه أولى بالقبول – يعني تفسير
الصحابة للقرآن - من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله U من كتابه ، فعليهم نزل ، وهم أول من خوطب به من الأمة . وقد
شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علماً وعملاً ، وهم العرب
الفصحاء على الحقيقة ، فلا يُعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل ز
والكلام في هذا مع مَنْ في قلبه بعض
حياةٍ يُحسُّ بها . فأما من مات قلبه ، وعظمت فتنته ، فقد سد على نفسه طريق
النصيحة" . انتهى .
اختاره ونقله /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
19 / 2 / 1425هـ