عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



الجمعة، 17 يونيو 2016

النشرة غير المشروعة ؛ من عمل الشيطان



النشرة غير المشروعة ؛ من عمل الشيطان


عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ ؟ فَقَالَ :

( مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) .           "الصحيحة" (2760) .


 { قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (6/ الأول/ 613-615 }:

روى ابن أبي شيبة ، والخطابي في "معالم السنن" (5/353) عن الحسن قال :
"النُّشْرةُ مِنَ السِّحْرِ" .  وإسناده حسن .
و "النشرة" : الرقية .
قال الخطابي :
" النُّشْرةُ : ضرب من الرقيـة والعـلاج ؛ يعالج به من كان يظن به مس الجن" .

قلت : يعني الرقى غير المشروعة ، وهي ما ليس من القرآن والسنة الصحيحة وهي التي جاء إطلاق لفظ الشرك عليها في غير ما حديث ، فانظر مثلاً حديث : (331 و 1066) ، وقد يكون الشرك مضمراً في بعض الكلمات المجهولة المعنى ، أو مرموزاً له بأحرف مقطعة ، كما يُرى في بعض الحجب الصادرة من بعض الدجاجلة ، وعلى الرقى المشروعة يحمل ما علقه البخاري عَنْ قَتَادَةُ قَالَ :

"قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ – أيْ سحرٌ - أَوْ يُؤَخَّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ ، أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنَشَّرُ ؟ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الإِصْلاَحَ ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ.
ووصله الحافظ في " الفتح " (10/233) من رواية الأثرم وغيره من طرقٍ عن قتادة عنه.

ورواية قتادة أخرجها ابن أبي شيبة (8/28) {ط. الهند (4/207)} بسند صحيح عنه مختصراً .

هذا ولا خلاف عندي بين الأثرين ، فأثر الحسن يُحْمَل على الاستعانة بالجن والشياطين والوسائل المرضية لهم كالذبح لهم ونحوه ، وهو المراد بالحديث ، وأثر سعيد على الاستعانة بالرقى والتعاويذ المشروعة بالكتاب والسنة .

وإلى هذا مال البيهقي في "السنن" ، وهو المراد بما ذكره الحافظ عن الإمام أَحْمَد أنه سُئِلَ عَمَّنْ يُطْلِق السِّحْر عَنْ الْمَسْحُور ؟ فَقَالَ : "لَا بَأْس بِهِ" .


وأما قول الحافظ :

"وَيَخْتَلِف الْحُكْم بِالْقَصْدِ ، فَمَنْ قَصَدَ بِهَا خَيْراً كَانَ خَيْراً وَإِلَّا فَهُوَ شَرّ" .


قلت : هذا لا يكفي في التفريق ، لأنه قد يجتمع قصد الخير مع كون الوسيلة إليه شر ، كما قيل في المرأة الفاجرة :
...  ...  ...   ...   ...          ليتهـا لـم تـزن ولـم تتصـدق


ومن هذا القبيل معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ"الطب الروحاني" سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينه من الجنّ كما كانوا عليه في الجاهلية ، أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح .

ونحوه عندي ؛ التنويم المغناطيسي ، فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع ؛ لأن مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في القرآن الكريم : ]وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا[ ؛ أي : خوفاً وإثماً .

وادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون بالصالحين منهم ، دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن – عادة – مخالطتهم ومعاشرتهم ، التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم ، ونحن نعلم بالتجربة أن كثيراً ممن تصاحبهم أشد المصاحبة من الإنس ، يتبين لك أنهم لا يصلحون ، قال تعـالى : ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ[ هذا في الإنس الظاهر ، فما بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم : ]إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ[ .


قيّده /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
26 / 6 / 1424ه