عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



السبت، 4 يونيو 2016

تحذير المندفعين المتحمسين من مخالفتهم أهل بلدهم في الصيام والفطر دون المسلمين




تحذير المندفعين المتحمسين
من مخالفتهم أهل بلدهم في الصيام والفطر
دون المسلمين

و

الابتعاد عن كل رأي يفرق جماعة المسلمين




قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ ) .
"الصحيحة" (224) .


    { قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (1 / الأول / 443-445) :


    فقه الحديث :
    قال الترمذي عقب الحديث {في "جامعه" (3 / 80)} :

    "وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا : أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعِظَمِ النَّاسِ" .

وقال الصنعاني في "سبل السلام" (2 / 72) {الخولي (2 / 489) ، عطا (2 / 134)} :

    "فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْعِيدِ الْمُوَافَقَةُ لِلنَّاسِ ، وَأَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِمَعْرِفَةِ يَوْمِ الْعِيدِ بِالرُّؤْيَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ ، وَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُمْ فِي الصَّلَاةِ ، وَالْإِفْطَارِ ، وَالْأُضْحِيَّةِ" .

    وذكر معنى هذا ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" (3 / 214) ، وقال :

    "وَقِيلَ : فِيهِ الرَّدّ عَلَى مَنْ يَقُولُ : إِنَّ مَنْ عَرَفَ طُلُوع الْقَمَر بِتَقْدِيرِ حِسَاب الْمَنَازِل ؛ جَازَ لَهُ أَنْ يَصُوم وَيُفْطِر ؛ دُون مَنْ يَعْلَم . وَقِيلَ : إِنَّ الشَّاهِد الْوَاحِد إِذَا رَأَى الْهِلَال ، وَلَمْ يَحْكُم الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ : أَنَّهُ لَا يَكُون هَذَا لَهُ صَوْماً , كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ" .

    وقال أبو الحسن السندي في"حاشيته على ابن ماجة" {ط. الجيل ، والفكر الثانية (1 / 509)} بعد أن ذكر حديث إبي هريرة عند الترمذي :

    "وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَيْسَ لِلْآحَادِ فِيهَا دَخْلٌ ، وَلَيْسَ لَهُمُ التَّفَرُّدُ فِيهَا ، بَلِ الْأَمْرُ فِيهَا إِلَى الْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَيَجِبُ عَلَى الْآحَادِ اتِّبَاعُهُمْ لِلْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَعَلَى هَذَا ؛ فَإِذَا رَأَى أَحَدٌ الْهِلَالَ ، وَرَدَّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ ؛ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ الْجَمَاعَةَ فِي ذَلِكَ" .

    قلت : وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث ، ويؤيده احتجاج عائشة به على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة ؛ خشية أن يكون يوم النحر ، فبينت له أنه لا عبرة برأيه ، وأن عليه اتباع الجماعة ، فقالت :

    "النَّحْرُ يَوْمَ يَنْحَرُ النَّاسُ ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ".

{"الكبرى" للبيهقي (4 / 252)}.

    قلت : وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غايتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم ، وإبعادهم عن كل ما يفرِّق جمعهم من الآراء الفرديَّة ، فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد - ولو كان صواباً من وجهة نظره - في عبادة جماعية كالصوم والتعييد وصلاة الجماعة ، ألا ترى أن الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم كان يصلي بعضهم وراء بعض وفيهم مَن يرى أن مس المرأة والعضو وخروج الدم من نواقض الوضوء ، ومنهم مَن لا يرى ذلك ، ومنهم من يتمُّ في السفر ، ومنهم من يقصر ؟! فلم يكن اختلافهم هذا وغيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد ، والاعتداد بها ، وذلك لعلمهم بأن التفرُّق في الدين شرُّ من الاختلاف في بعض الآراء .
 انتهى من "الصحيحة" .


سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية :

عَنْ رَجُلٍ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ وَتَحَقَّقَ الرُّؤْيَةَ : فَهَلْ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَحْدَهُ ؟ أَوْ يَصُومَ وَحْدَهُ ؟ أَوْ مَعَ جُمْهُورِ النَّاسِ ؟

فَأَجَابَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ... وَالثَّالِثُ: يَصُومُ مَعَ النَّاسِ وَيُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ ؛ وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ) .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطَرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ؛ فَقَالَ : (وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ. وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ ..)" . مجموع الفتاوى" (25 / 114-115) .


"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 / 94-95) الفتوى رقم (10973) :
     س1: يوجد عندنا في بلدتنا مجموعة من الإخوة الملتزمين ومعفي اللحى، ولكن يخالفوننا في بعض الأمور، منها مثلاً صيام رمضان فإنهم لا يصومون حتى يروا الهلال بالعين المجردة، وبعض الأوقات نصوم قبلهم بيوم أو اثنين في شهر رمضان، ويفطرون بعد عيد الفطر بيوم أو يومين وكل ما نسألهم عن صيام يوم العيد يقولون نحن لانفطر ولانصوم حتى نرى الهلال بالعين المجردة ..؟

الجواب :
    يجب عليهم أن يصوموا مع الناس ، ويفطروا مع الناس ، ويصلوا العيدين مع المسلمين في بلادهم لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(الصوم يوم تصومون والإفطار يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون)" .
اللجنة الدائمة :
عبدالله بن غديان ، عبدالرزاق عفيفي ، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز .




كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
1 / 3 / 1426ه