رسالة إلى المرأة المسلمة في رمضان في أرجاء العالم
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه .
أما
بعدُ :
فلا
شك أن المسلمة الصادقة ترغب ما عند الله تعالى بإقدامها على الذهاب إلى المسجد
للصلاة فيه مع الجماعة وخاصة في رمضان وخاصة صلاة الترويح .
فنراهن
يتهافتن على المساجد في رمضان في صلاة العشاء والتراويح ومزاحمة الرجال في الدخول
والخروج دون مبالاة من بعضهن، ودون نظر في العاقبة .
والمؤمنة
الفقيهة المتبعة لسنة نبيّها محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينبغي أن تلتزم
بتوجيه ونُصح النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حتى لو كان على حساب رغبتها.
لذا
نرسل هذه الرسالة لكل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر في أرجاء المعمورة تذكيراً
لها ونُصحاً ؛ ثم تختار الطريق المستقيم والصواب الذي يكون أسلم لدينها ، ويقربها
إلى ربها تعالى .
الحديث الأول :
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "مَرَّتْ بِأَبِي هُرَيْرَةَ
امْرَأَةٌ وَرِيحُهَا تَعْصِفُ ، فَقَالَ لَهَا :
إِلَى
أَيْنَ تُرِيدِينَ يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ؟ قَالَتْ : إِلَى الْمَسْجِدِ ! قَالَ :
تَطَيَّبْتِ ؟
قَالَتْ
: نَعَمْ . قَالَ :
فَارْجِعِي
فَاغْتَسِلِي ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( لاَ يُقْبَلُ اللَّهُ مِنَ امْرَأَةٍ صَلَاةً خَرَجَتْ
إِلَى الْمَسْجِدِ وَرِيحُهَا تَعْصِفُ حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ )" .
رواه ابن خزيمة (1682).
قال
الحافظ المنذري في "الترغيب" : "إسناده متصل ، ورواته ثقات" ،
وقال الألباني في "صحيح الترغيب" (2020) : "حسن لغيره" .
قولُه
: (وَرِيحُهَا تَعْصِفُ) ؛ أيْ : تفوح منها رائحة الطيب .
الحديث الثاني :
عَنْ
زَيْنَبَ ؛ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(
إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيباً ) .
رواه
أحمد (6 / 363) ، ومسلم (443) وغيرهما .
وصححه
الألباني في "المشكاة" (1060) .
قلتُ : ولأن رائحة الطيب تُحرك شهوة الرجال ؛ فتفتنهم بنفسها ، وقد رُوي عنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قال :
"إِنَّ
عُرُوقَ الْخُصْيِتَيْنِ مُعَلَّقَةٌ بِالْأَنْفِ، فَإِذَا شَمَّ الْأَنْفُ
يَتَحَرَّكُ الذَّكَرُ ، وَإِذَا تَحَرَّكَ الذَّكَرُ
؛ دَعَا إِلَى مَا هُوَ
أَكْبَرُ مِنْ ذَاكَ" .
رواه
الطبراني في "الكبير" (10604) . وفيه عطية العوفي ضعيف مدليس ؛ كما قال
الألباني في "الصحيحة" (4 / 139) .
قلتُ
: ومعناه صحيح .
الحديث الثالث :
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( .. وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلاتٍ ) .
وجاءَ مِنْ حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أيضاً .
رواه
أحمد (2 / 438، 475، 528 و 5 / 193) ، وأبو داود (565) ، والبزار (9 / 230 / 3772)
، وابن حبان (2208، 2211) .
وصححه
الألباني في "الإرواء" (515) ، و "تعليقات ابن حبان" ، و
"صحيح ابي داود" الأم تحت حديث (578) .
معنى
: (تَفِلات) ؛ أي : غير متطيبات .
قال
ابن دقيق العيد في معنى الحديث :
"أَنْ لاَ يَتَطَيَّبْنَ ، فَأَلْحَقَ
بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ . فَإِنَّ الطِّيبَ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ ؛ لِمَا
فِيهِ مِنْ تَحْرِيكِ دَاعِيَةِ الرِّجَالِ وَشَهْوَتِهِمْ .
وَرُبَّمَا يَكُونُ
سَبَباً لِتَحْرِيكِ شَهْوَةِ الْمَرْأَةِ أَيْضاً . فَمَا أَوْجَبَ هَذَا
الْمَعْنَى ؛ الْتَحَقَ بِهِ" .
"إحكام
الأحكام" (1 / 178) بتعليق : منير أغا .
الحديث الرابع :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُوراً ؛ فَلَا
تَشْهَدْ مَعَنَا الْعشَاء الْآخِرَة ) .
رَوَاهُ
أحمد (2 / 304) ، ومُسلم (444) ، وأبو داود (4175) ، والنسائي (5128، 5263) وغيرهم
.
صححه
الألباني في "المشكاة" (1061) ، و "صحيح الجامع" (2702) .
وصححه غيره .
قولُه
: (أَصَابَتْ بَخُوراً) ؛ أيْ : استعملت الطيب وما يُتبخر به ؛ والمراد الرائحة
الطيبة .
قلتُ
: وفي حكم الطيب ؛ بعض المكاييج اليوم التي تقوم مقام الطيب والعطور في الرائحة.
قال
ابن دقيق العيد :
"وَيَلْحَقُ بِهِ أَيْضاً : حُسْنُ الْمَلَابِسِ ، وَلُبْسُ
الْحُلِيِّ الَّذِي يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الزِّينَةِ" . "المصدر
السابق" له .
الحديث الخامس :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا خَرَجَتِ
الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ ؛ فَلْتَغْتَسِلْ
مِنَ الطِّيبِ ؛ كَمَا تَغْتَسِلُ
مِنَ الْجَنَابَةِ)
.
أخرجه النسائي (5127) . وصححه الألباني ، وانظر
الصحيحة" (1031) .
مناظرة :
تقول بعض النِّسوة : نحن نخرج للصلاة ونلتزم بعدم وضع الطيب
والروائح والعطور ، ولا نتزين ، ونلتزم الحجاب .. الخ .
ومَعَنَا أيضاً حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحيح
:
( لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ..) من
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا ؛ السابق .
قلنا :
سمعاً
وطالعة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛
والحديث مَحَلّه الْجَوَاز والإبَاحَة ؛ ومقيد بأحاديث أخرى وليس على إطلاقه .
وأيضاً : هذا الإطلاق في هذا الحديث ؛ مخصص بالأحاديث أعلاه وغيرها .
قال ابن دقيق العيد عن الحديث :
"وَيَلْزَمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِهِنَّ مِنْ الْخُرُوجِ
إبَاحَتُهُ لَهُنَّ .. ، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ خَصُّوهُ بِشُرُوطٍ
وَحَالَاتٍ : .. وذكرها - ثم قال - :
مَدَارُ هَذَا كُلِّهِ : النَّظَرُ إلَى الْمَعْنَى ، فَمَا
اقْتَضَاهُ الْمَعْنَى مِنْ الْمَنْعِ ؛ جُعِلَ خَارِجاً عَنْ الْحَدِيثِ" .
قلتُ
: وأيضاً الذي قال : (لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ
..) ؛ هو القائل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في ؛
الحديث السادس :
عَنْ
أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ : أَنَّهَا جَاءَتِ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ :
"يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي أُحِبُّ
الصَّلَاةَ مَعَكَ . قَالَ :
( قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ
مَعِي ؛ وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكَ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلَاتُكِ
فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ
خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ
خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي).
قَالَ
: فَأَمَرَتْ ! فبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى
شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا ؛ وأظلمِهِ ، وَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ
حَتَّى لَقِيَتِ
اللَّهَ جَلَّ وَعَلا" .
رواه
أحمد (6 / 371) ، والروياني في "مسنده" (2 / 233 / 1115) ، وابن خزيمة (1689)
، وابن حبان (2214) في صحيحيهما .
قال
الحافظ ابن حجر في "الفتح" (2 / 349) : " وَإِسْنَادُ أَحْمَدَ
حَسَنٌ" .
وحسنه
الألباني في تعليقه على ابن خزيمة وابن حبان ، وفي "صحيح الترغيب" (340)
.
وبوب عليه أهل العلم والفقه في الدين ؛ كابن خزيمة فقال :
"بَابُ
اخْتِيَارِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي حُجْرَتِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي دَارِهَا ،
وَصَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وَإِنْ كَانَتْ
صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْدِلُ
أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ" .
وقال ابن حبان : "ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ صَلَاةَ
الْمَرْأَةِ كُلَّمَا كَانَتْ أَسْتَرَ ؛ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِهَا" .
وقال
المنذري في "الترغيب" على الحديث :
"ترغيب النِّسَاء فِي الصَّلَاة
فِي بُيُوتهنَّ ولزومها وترهيبهن من الْخُرُوج مِنْهَا" .
وَ"وَجْهُ كَوْنِ صَلَاتِهَا فِي الْإِخْفَاءِ
أَفْضَلَ : تَحَقُّقُ الْأَمْنِ فِيهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ
بَعْدَ وُجُودِ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالزِّينَةِ وَمِنْ
ثَمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ" .
"فتح الباري" (2 / 349) .
وتأملنَ أيتها المؤمنات كيف قَبِلت أُمِّ حُمَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
توجيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ونُصحِه لها دون تراجع وتردد ومجادلة :
"فبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ
مِنْ بَيْتِهَا ؛ وأظلمِهِ ، وَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتِ اللَّهَ".
مَنْ
منكُنّ تفعل ذلك ؟
إلا
من رحم وقليلات .
تأملنَ
يا نساء المسلمين كيف تركت أُمِّ حُمَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا الصلاة
خلف الحبيب المحبوب ؛ سيد ولد آدم ، وخلف أعذب وأندى صوتاً وأجمل بأبي هو وأمي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولم تتعذر ؛ بأنها تخشع إذا صلت خلفه ، وتأتيها
الطمأنية ، ويزداد إيمانها ، وأشجع لها وأحفز و و و - وكل ذلك لا شك حاصل لها مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ كما يتعذرنَ به بعض نساء اليوم ؛
فيقولنَ معلِّلات خروجهن للصلاة في المسجد اليوم مع ما فيه من فتنة حتماً :
صوت
الإمام فلان يزيد في الخشوع ، وصوت فلان القاري ؛ يُبكي ، والصلاة مع الناس تعطيني
حافز للقيام .. وهلمجر .. من أعذار يمليها عليها الشياطين .
ومِما
زاد "الطين بِلَّة" :
تشجيع بعض المنتسبين للعلم والدّعوة لهن في الخروج
للصلاة في المساجد بترقيق الفتوى والتساهل في ذلك ولم يعزموا الفتوى – نعم ؛ يضعون
الشروط – ولكن مِن المعلوم اليوم لدى كل فطن وذي لُب وفراسة والسابر للحال ؛ أن
النساء اليوم أغلبهن لا يلتزمن بتلك الشروط ، وأقلها وليس بقليل : مزاحمتهن للرجال
ومخالطتهن لهم في الطريق وفي ساحات المسجد عند الخروج ، فهل نَكْذب على أنفسنا
ونحن نرى بأمِّ أعيننا المآسي والمنكرات في ذلك ؟
ولا ينكر ذلك إلا أعمى بصر وبصيرة .
وهل
تفي المرأة المسلمة عند الخروج للمسجد بأن تخرج بلباسٍ تَفِل - متغير الريح - ؛
لباس المطبخ ؟
فإذا
كان في مجتمع النبي الطاهر ، وخلفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ صلاة
المرأة في بيتها خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِها فِي مَسْجِدِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ؛ فلا شك عندي ولا ريب ؛ بل أجزم وأُقسم – ولست بحانث – أنّ صلاة المرأة
في بيتها في هذا الزمن خير وألف خير من صلاتها في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسجد الحرام ؛ لما نرى من فتنة وفساد عريض .
لذا
قالت عائشة العالمة الفقيهة الصِّديقة بنت الصِّدِّيق رَضِيَ اللهُ عَنْهَما ما قالت في :
الحديث السابع :
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ :
"لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ ؛ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ ؛ كَمَا
مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ" .
رواه
مالك رواية الليثي (1 / 176 / 15) وأبي مصعب (1 / 213 / 543) ، وأحمد (6 / 193،
235) ، والبخاري (831) ، ومسلم (445) ، وأبو داود (569) ، والترمذي (540) . واللفظ
لمالك .
وفي
لفظ :
قَالَتْ عَائِشَةُ : "وَلَوْ رَأَى حَالَهُنَّ
الْيَوْمَ ؛ مَنَعَهُنَّ !" .
رواه أحمد (6 / 69-70) .
قال الألباني عن اللفظ الثاني في "صحيح أبي
داود" الأم تحت حديث (578) : "هذا إسناد حسن" .
قلتُ :
كيف لو رأت ورأى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حالهن اليوم وما
أحدثنَ ، وحال المجتمع الذي تمُرّ المرأة بينهم وهم كالكلاب الضارية !
ويزداد الأمر سوءً وفتنة ؛ إذا علمنا أن منهن من
تأتي تمشي مئات المترات وقد تصل إلى الكيلو متر وزيادة ؛ فهذا يؤذيها في الطريق بكلمة
وذاك بإشارة ، ولن تسلم من إثم التحرش .
وبعضهن يأتين بالسيارة مع السائق .. فالله المستعان
.
بعض الآثار عن السلف :
أولاً :
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : "الْمَرْأَةُ
عَوْرَةٌ وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ إِلَى اللَّهِ في قعر بيتها فإذا خرجت استشرقها
الشَّيْطَانُ" .
ثانياً
:
عَنْ
أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَبَّ هَذِهِ الدَّارِ يَعْنِي
ابْنَ مَسْعُودٍ : "حَلَفَ فَبَالَغَ فِي الْيَمِينِ ، مَا صَلَّتِ امْرَأَةٌ
صَلَاةً أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ صَلَاةٍ فِي بَيْتِهَا إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ
عُمْرَةٍ ، إِلَّا امْرَأَةٌ قَدْ أَيِسَتْ مِنَ الْبُعُولَةِ" .
ثالثاً
:
عَنْ
أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : "رَأَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَحْصِبُ
النِّسَاءَ يُخْرِجُهُنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ" .
وجاء
عن ابن عمر أيضاً : "كان يقوم بحصب النساء يوم الجمعة يخرجهن من المسجد"
.
رابعاً
:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي
الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ :
"صَلَاتُكِ فِي مَخْدَعِكِ أَفْضَلُ مِنْ
صَلَاتِكِ فِي بَيْتِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكِ فِي
حُجْرَتِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكَ فِي مَسْجِدِ
قَوْمِكَ" .
خامساً :
ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي
يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ :
"كَانَ النِّسَاءُ يُرَخَّصُ لَهُنَّ فِي
الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ ؛ فَأَمَّا الْيَوْمُ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ ، وَأَكْرَهُ
لَهُنَّ شُهُودَ الجمعة ، وَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِالْجَمَاعَةِ" .
سادساً
:
قَالَ
الثَّوْرِيُّ : "لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ خَيْرٌ مِنْ بَيْتِهَا وَإِنْ كَانَتْ
عَجُوزاً" .
سابعاً
:
قال
بن الْمُبَارَكِ : "أَكْرَهُ الْيَوْمَ لِلنِّسَاءِ الْخُرُوجَ فِي
الْعِيدَيْنِ" .
ثامناً
:
عَنْ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ : "كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ - النَّخَعِيّ - ثَلَاثُ
نِسْوَةٍ ؛ فَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُنَّ يَخْرُجْنَ إِلَى جُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ"
.
تاسعاً :
عَنْ
إِيَاسِ بْنِ دَغْفَلٍ قَالَ : سُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ
عَلَيْهَا إِنْ أُخْرِجَ زَوْجُهَا مِنَ السِّجْنِ أَنْ تُصَلِّيَ فِي كُلِّ
مَسْجِدٍ تُجْمَعُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِالْبَصْرَةِ رَكْعَتَيْنِ ؟
فَقَالَ
الْحَسَنُ : "تُصَلِّي فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا ؛ فَإِنَّهَا لَا تُطِيقُ
ذَلِكَ ، لَوْ أَدْرَكَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَأَوْجَعَ رَأْسَهَا" .
أخر
الآثار ابن أبي شيبة في "مصنفه" (2 / 383-384) طبع الهند .
وانظرها
في "شرح البخاري" لابن بطّال (2 / 471) ، و"التمهيد" لابن عبد البر (23 / 402-403)
وغيرها .
والله
أعلم .
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
بعد فجر يوم الأربعاء 28 / 9 / 1428هـ.