عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



السبت، 27 أغسطس 2016

المخالفون يسألون ويتساءلون : لماذا إذا عملنا عملاً نتقرب به إلى الله ...؛ قلتم هذا إحداث







المخالفون يسألون ويتساءلون :


 


لماذا إذا عملنا عملاً نتقرب به إلى الله ولم يكن عليه أثرة من علم ؛ قلتم هذا إحداث في الدين ؟


بينما بعضكم يا مدّعي "السلفية" اليوم تعملون أعمالاً ليست من السنة النبوية في شيء ،
ولم يعملها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه ، وليس عليها دليل ؟


 


ولنضرب بعض الأمثلة كي يتضح المقال لا على الحصر :


 


أولاً : إذا مات الميت ؛ أَرسلتم بالرسائل هنا وهناك عبر مواقع التواصل ، وأنشأتم المجموعات والقنوات لذلك ، وملأتم صفحات الجرائد ؛ تنعون الميت ؛ وتعلنون خبر وفاته ، ووقت الصلاة عليه والمكان والدفن .


فهل ورد ذلك في السنة ؟


والنعي وهو الإخبار والإعلان بموت فلان ؛ ليس من السنة ولا دليل عليه .


لا يقول قائل : إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النجاشي لأصحابه وصلى عليه وهذا ثابت بالدليل الصحيح .


فنقول : النجاشي مات مسلماً في أرض الكفر ولم يكن أحدٌ صلى عليه ، وله الأيادي البيضاء في احتضانه أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ ورَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم في الهجرتين المشهورتين إلى أرض النجاشي "الحبشة" .


وهذه حادثة خاصة ولم تتكرر ، ولم يفعلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أحدٍ من أصحابه إلا في خبر الثلاثة في معركة مؤتة ففي الخبر :


قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ إِخْوَانَكُمْ لَقُوا الْعَدُوَّ ، وَإِنَّ زَيْدًا أَخَذَ الرَّايَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - أَوِ اسْتُشْهِدَ - ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ) . رواه أحمد .


وفي لفظ البخاري :


"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى زَيْداً ، وَجَعْفَراً ، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ ، فَقَالَ :


(أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ) - وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ- :


(حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) .



ويلاحظ في الروايات ؛ أنه لم يأت ذكر أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى عليهم كما صلى على النجاشي ؛ وهم عنده لا شك أحب من النجاشي ؛ لأمور عدة لا مجال لذكرها هنا .


 


وإنما كان نعيه الثلاثة إخبار منه لعلمٍ أوحاه الله تعالى إليه قبل وصول خبرهم بالبريد ، ولكي تحد الأزواج على أزواجهن .


 


ثانياً : السفر من مدينة إلى مدينة لحضور جنازة فلان وتشييعه مع إن في بلدته آلاف من يصلي عليه ويشيعه .


فهل كان السفر هذا على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه والسلف الصالح ؟


وهل عليه دليل ؟


لسنا نعني تحرير المسألة فقهياً ونجلب أقوال الفقهاء وآرائهم ، ولكنا نتكلم من منطلق سنة وإحداث ؛ كما تُطبقون ذلك علينا – من تنعتونا بالمخالفين "المحدثين" - .


فهل سافر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أحد من أصحابه لهذا السبب ؟


ثالثاً : الوقوف أو الجلوس للتعزية سواء في المقبرة بعد دفن الميت أو الاجتماع في بيت أهل الميت لاستقبال المعزين ليل نهار .


هل عندكم أثرة من علم فتخرجوه لنا ؟


فهذا النبي الكريم الرحيم المشفق بأمته وأهل بيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مات في حياته عدد من أهل بيته ؛ فلم يثبت أنه نصَب نفسه وجلس لاستقبال المعزين .


مات أبناؤه الثلاثة : القاسم ، وعبد الله ، وإبراهيم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم .


وتوفين بناته الثلاثة : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنّ .


 وأزواجه الثلاثة : خديجة ، وزينب أم المساكين ، وريحانة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنّ  


وسيد الشهداء حمزة ، وجعفر .


كل هؤلاء ماتوا في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يثبت أنه أقام مجلس للعزاء يستقبل فيه الصحابة لا في بيت ولا في مسجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا في المقبرة .


فهل ما تفعلونه اليوم محدثة أم سنة ؟


ولم يثبت عن الصحابة أنهم فعلوا ذلك .


بل إن تتمة الخبر أعلاه من رواية أحمد وغيره :


"فَأَمْهَلَ ، ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ - ثَلاثاً - أَنْ يَأْتِيَهُمْ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ ، فَقَالَ :


(لاَ تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ)" .


فليس في الخبر أنه كان جالساً للتعزية ؛ وآل جعفر منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولم يذهب لتعزية آل جعفر في بيتهم خلال الأيام الثلاثة بل ذهب إليهم يدعو لهم ولجعفر ويؤنسهم كأب ونبي رحيم بأمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .


فهل من مدّكر ؟


 


رابعاً : تقييد العزاء بثلاثة أيام ، فما كان أصله محدث – أعني الجلوس والاجتماع في بيت الميّت للعزاء - ؛ فالفرع لا شك أنه محدث .


وبالله التوفيق .


 


خاطرة كتبها /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


السبت 24 / 11 / 1437هـ