عن الحسن -رحمه الله- أن عمر -رضي الله عنه- كان يقول:
"اللّهُمّ اجعل عملي صالحًا، واجعله لك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه
شيئًا". {رواه أحمد في "الزهد" (118)}



الأربعاء، 31 أغسطس 2016

هل وقع لك مثل هذا الموقف الذي هو بتعبير اليوم موقف محرج . للعظة والعبرة !









هل وقع لك مثل هذا الموقف الذي هو بتعبير اليوم :

"موقف محرج" ؟ للعظة والعبرة .


 


هل دخلت يوماً ما محل تجاري وتبضعت ، ثم عند الحساب تفاجأت بأن نقودك ليست معك ؟


هل وقفت عند محطة بنزين وزودت مركبتك به ، ثم تفاجأت أنك لا تملك المال في ذلك الوقت ؟


هل وهل وهل .... ؟


ماذا كان اتهام الناس المعنيين بتلك الواقعة لك في حينها ؟


هل قالوا : كذّاب ؟ محتال ؟ حرامي ... هلمجر ... ؟



اقرأ هذا الحديث ومناسبته فقد وقع للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك الموقف واتُّهم بالغدر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك الأعرابي وحاشاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ومع ذلك فقد عَذَره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقال ما قال في حق ذلك الأعرابي  ؛ وذلك من خُلقه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتواضعه ، وانظروا كيف وفّاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .




 وانظروا كيف أثرت معاملة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحسنة مع الأعرابي ، وماذا كان
ردة فعل الأعرابي وموقفه من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!




]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[ .


الحديث :


قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


( أُولَئِكَ خِيَارُ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : الْمُوفُونَ الْمُطَيِّبُونَ ) . 


"الصحيحة" (2677) .


 


{ مناسبة الحديث } :


    عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ :


    "ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَعْرَابِ جَزُوراً - أَوْ جَزَائِرَ - بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذُّخْرَةِ "وَتَمْرُ الذَّخِرَةِ : الْعَجْوَةُ" ، فَرَجَعَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِهِ وَالْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ ؛ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ :


(يَا عَبْدَ اللَّهِ ! إِنَّا قَدْ ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُوراً[1] - أَوْ جَزَائِرَ - بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذُّخْرَةِ ، فَالْتَمَسْنَاهُ ؛ فَلَمْ نَجِدْهُ) . قَالَ : فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاغَدْرَاهُ ! قَالَتْ : فَنَهَمَهُ النَّاسُ ؛ وَقَالُوا : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


(دَعُوهُ ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً) .


       ثُمَّ عَادَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَقَالَ : (يَا عَبْدَ اللَّهِ ! إِنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزَائِرَكَ وَنَحْنُ نَظُنُّ أَنَّ عِنْدَنَا مَا سَمَّيْنَا لَكَ ، فَالْتَمَسْنَاهُ ؛ فَلَمْ نَجِدْهُ) . فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاغَدْرَاهُ ! فَنَهَمَهُ النَّاسُ ، وَقَالُوا : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، أَيَغْدِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (دَعُوهُ ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً) ، فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً ، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَفْقَهُ عَنْهُ ، قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ :


       (اذْهَبْ إِلَى خُوَيْلَةَ بِنْتِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ ؛ فَقُلْ لَهَا : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ : إِنْ كَانَ عِنْدَكِ وَسْقٌ مِنْ تَمْرِ الذُّخْرَةِ ؛ فَأَسْلِفِينَاهُ حَتَّى نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) . فَذَهَبَ إِلَيْهَا الرَّجُلُ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَقَالَ : قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَابْعَثْ مَنْ يَقْبِضُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ : "اذْهَبْ بِهِ ؛ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ) .


قَالَ : فَذَهَبَ بِهِ ؛ فَأَوْفَاهُ الَّذِي لَهُ . قَالَتْ :


فَمَرَّ الْأَعْرَابِيُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ  . فَقَالَ :
جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً ، فَقَدْ أَوْفَيْتَ وَأَطْيَبْتَ . قَالَتْ :


فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فَذَكَرَهُ)" .


 


{ قَالَ شيخُنا الألباني في "الصحيحة" (6 / الأول / 394) } :


       قوله : ( الذُّخْرَة ) : بمعنى الذخيرة ، في "اللسان" {(4 /302)} : "والذَّخِيرَةُ : وَاحِدَةُ الذَّخائِر ، وَهِيَ مَا ادُّخِرَ ، وَكَذَلِكَ "الذُّخْرُ" ، وَالْجَمْعُ : أَذْخارٌ" .


    ولم يعرفها الأعظمي- في تعليقه على "الكشف" فعلّق عليها بقوله :


    "كذا في الأصل مضبوطاً بالقلم ، وفي "النهاية" {(2 /156)} : الذخيرة نوع من التمر معروف" !


    قلت : وهي مفسّرة في رواية أحمد بـ"الْعَجْوَة"  كما رأيت .


    ( الموفُون المطيِّبون ) ؛ أي : الذين يؤدُّون ما عليهم من الحق بطيب نفس .


( نَهَمَهُ ) ؛ أي زجره .


يقال : نَهَمَ الإبل إذا زجرها وصاح بها لتمضي .


"الصحيحة": (6 / الثاني / 835 ) .


 


انتقاه ونقله /


أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .


4 /11 / 1424هـ


 




([1]) ...
 ..............................

(المفردات) : ( الجَزُورُ ) : البَعِير ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنْثَى ، إلا أنَّ اللَّفْظة مُؤنثة ، تقول : هذه الجَزُوُر ؛ وَإن أردْت ذكَراً ، والجمْع : جُزُرٌ وجَزَائِر . "النهاية" (1 /266) .
وَ ( الْتَمَسَ لَهُ التَّمْرَ أو فَالْتَمَسْنَاهُ ) ؛ أي : طلب وبحث له عن التمر .
وَ ( الوَسْق ) بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة : سِتُّونَ صَاعاً . وَقيل : حِمْلُ بعير . قاله المنذري في "الترغيب والترهيب" .